أ.د. جابر بن سالم القحطاني
المغنسيوم هو معدن يعمل كمحفز حيوي في النشاط الأنزيمي وبالأخص نشاط الأنزيمات التي تدخل في عملية إنتاج الطاقة ، وهو يساعد على الاستفادة من الكالسيوم والبوتاسيوم . يحتوي جسم الإنسان على ما بين 20 إلى 28 جراماً من المغنسيوم نصفها موجود في العظام والنصف الآخر يحفز المئات من الأنزيمات في جميع أنحاء الجسم وتعد هذه الكمية حيوية لوظائف الأعضاء .
أهمية معدن المغنسيوم للعظام والأسنان : يعد المغنسيوم مثل الكالسيوم والفوسفور ضرورياً لقوة وصحة العظام والأسنان، حيث يلعب هذا المعدن دوراً هاماً في نمو العظام ويساعد على الوقاية من تسوس الأسنان بتثبيته للكالسيوم في الغلاف الخارجي لها. وبالتالي تفهم أن الإقلال من تناول المغنسيوم يساهم في حدوث اعتلالات مثل هشاشة العظام.
كما يلعب المغنسيوم دوراً مهماً في عمل العضلات حيث إن إحدى أهم وظائف الماغنسيوم مساعدة العضلات على الارتخاء . فعندما يتحرك الكالسيوم إلى داخل خلايا النسيج العضلي تنقبض العضلة، وعندما يتحرك الكالسيوم خارجاً ويحل محله الماغنسيوم ترتخي العضلة. وهذه الوظيفة بلا شك ترتبط بأعراض نقص الماغنسيوم مثل تقلص العضلات والارتعاش والتشنجات. يستخدم كثير من الخبراء المتخصصين الآن ماليات الماغنسيوم بنجاح وهي تركيبة من الماغنسيوم وحمض الماليك في علاج الفيبروميالجيا ( Fibromyalgia ) وهو مرض يتميز بوجود كثير من العقد المؤلمة في العضلات، وكما يستخدم أيضاً في علاج الإجهاد المزمن الذي يشمل وجع العضلات والألم .
كما أن لمعدن المغنسيوم دورا مهما في الوقاية من الاضطرابات العصبية حيث يرتبط انخفاض الماغنسيوم بالمشاكل النفسية. ففي دراسة أجريت على 165 صبياً وجد أن من يعانون من أمراض الاكتئاب أو الفصام أو اضطرابات النوم لديهم مستويات أقل من الماغنسيوم عن أولئك الذي لا يعانون من هذه الأعراض . وفي دراسة أخرى وجد أن مستوى مستويات الماغنسيوم لدى الأطفال الانطوائيين ربما تتحسن حالتهم عندما يتم إعطاؤهم جرعات عالية من الماغنسيوم مع فيتامين ب 6 .
إن نقص الماغنسيوم لدى البالغين يكون مصحوباً بفقدان الإحساس في الأطراف . وإذا كان النقص شديداً فإن المريض يصاب بالارتعاش والتشنجات والتقلصات العضلية والتشويش والهذيان وتغيرات سلوكية مضطربة. وفي إحدى الدراسات وجد أن المرضى النفسيين الذين حاولوا الانتحار لديهم مستويات منخفضة من الماغنسيوم عن المرضى النفسيين الذين لم يحاولون الانتحار، أو عن الأشخاص العاديين .
كما يلعب معدن المغنسيوم مع معادن أخرى دوراً في أمراض الجهاز الدوري وأمراض القلب حيث يؤثر كل من الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم في مستوى توتر عضلات الأوعية الدموية مما يفسر كيف أن مكملات الماغنسيوم تساعد على التحكم في أمراض الجهاز الدوري. وعلى سبيل المثال: أثبتت البحوث أن مكملات الماغنسيوم لها فاعليتها في خفض بعض أنواع ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من الماغنسيوم. بالإضافة لذلك فلقد أثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من آلام الذبحة الصدرية والتي تحدث نتيجة انقباض في الشريان المغذي للقلب يستفيدون من مكملات الماغنسيوم. كذلك الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم غالباً ما يصابون بانقباض في شرايين الشبكية مما يؤثر على إبصارهم. ولقد أثبتت الدراسات أن هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكون لديهم نقص في مستوى الماغنسيوم ويتراجع المرض لديهم ويظهرون تحسناً بعد إعطائهم الماغنسيوم. والداء السكري مرض آخر يؤدي إلى تلف شرايين الشبكية وربما يؤدي إلى مشاكل شديدة في الإبصار وربما يسبب العمى ، ومرة أخرى نقول إن هناك دلائل على انخفاض مستوى الماغنسيوم ربما كان عاملاً مساعداً في حدوث وظهور هذه المشاكل .
كما أن للماغنسيوم وظائف عديدة غير تلك التي ناقشناها ، فعلى سبيل المثال : يلعب الماغنسيوم دوراً هاماً في الحفاظ على وظائف الأعصاب ، كذلك فهو يساعد على ثبات الإنزيمات التي تنتج الطاقة بالخلية، وبهذا يكون متداخلاً في عملية تنظيم الطاقة والتمثيل الغذائي لها، كما أن له دوراً مهماً في إنتاج الأنسولين. وأخيراً فإن للماغنسيوم دوراً مهماً في منع بعض المشاكل المرتبطة بالحمل مثل الوقاية من الولادة المبكرة أو تأخر النمو داخل الرحم .
* ما هي المصادر الغذائية التي يوجد فيها معدن المغنسيوم ؟
يوجد المغنسيوم في كثير من الأغذية والأطعمة التي تشمل اللبن، ومنتجات الألبان، واللحم، والمأكولات البحرية والعسل واللوز، وعسل قصب السكر، وفول الصويا، وبذور القمح والشوفان والذره الصفراء والأرز، والكاكاو، وبذور دوار الشمس، وبذور اليقطين والمكسرات المختلفة وزيت الفول السوداني والجاودار والفشار والتفاح والمشمش والأفوكاتو والموز وخميرة البيره، والثوم، والتين، والشمام، وليمون الجنة (جريب فروت) وسمك السالمون، والشطة، والبابونج، والليمون، والبرسيم الحجازي، والشمر، والحلبة، وعرقسوس، والبقدونس والنعناع، والمرمية.
ومحتوى المغنسيوم في الطعام يختلف بحسب محتواه في التربة التي ينبت فيها الغذاء ، بالإضافة إلى ذلك فإن كثيراً من المغنسيوم يفقد أثناء عملية طهي الطعام أو تصنيعه فعلى سبيل المثال فإن عملية طحن حبوب القمح يفقدها حوالي 59% من محتواها من المغنسيوم، وكذلك طهو الطعام في الماء يجعل المعدن يتسرب منه.
مثبطات امتصاص معدن المغنسيوم :
إن وجود كميات كبيرة من معدن الكالسيوم يخفف من قدرة الجسم على امتصاص المغنسيوم ويتحد هذا المعدن مع مواد تدعى الأكسلات التي توجد بكثرة في الراوند والسبانخ ونخالة القمح. كما أن تناول الأدوية المدرة للبول مدة طويلة يخفض مستويات المغنسيوم في الجسم، كما أن الدهون وزيت كبد السمك وفيتامين ( د ) والفيتامينات الذائبة في الدهون تعطل امتصاص المغنسيوم .
أعراض نقص المغنسيوم والكميات القياسية اليومية :
بما أن الماغنسيوم يوجد في معظم الأغذية فإن النقص الشديد لا يحدث إلا لدى هؤلاء الذين يتناولون طعاماً غير متوازن مثل مدمني الكحول ومرضى الداء السكري، ومع ذلك فهناك مجموعات كثيرة معرضة لخطر نقص الماغنسيوم. فلقد وجد أن حوالي 60% من مواطني الولايات المتحدة معرضون لنقص الماغنسيوم . وعلى سبيل المثال : الأشخاص الذين يستخدمون عدة أدوية مثل المضادات الحيوية ومدرات البول قد يفقدون ما لديهم من ماغنسيوم. ولقد وجد أن حبوب منع الحمل أيضاً تخفض من مستوى الماغنسيوم في الدم . إن انخفاض الماغنسيوم يؤدي إلى تجلط الدم وهذا يساعد على توضيح سبب ارتفاع نسبة الجلطات لدى السيدات اللاتي يتناولن الحبوب. هذا بالإضافة إلى أن مستوى الماغنسيوم يكون منخفضاً جداً لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض سوء الامتصاص أو اعتلالات الجهاز الهضمي مثل مرض كرون. ولقد بدأنا ندرك أن المصابين بالشراهة معرضون أيضاً لنقص الماغنسيوم بسبب الإسهال المستمر أو القيء، وكذلك تعد الضغوط العصبية سبباً في نفاد الماغنسيوم مما يجعل الأفراد أصحاب الشخصيات العصبية أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز الدوري . وقد رجحت إحدى الدراسات أيضاً أن الضغط العصبي مسؤول جزئياً عن انخفاض مستوى الماغنسيوم لدى السيدات اللاتي يعانين من متلازمة ما قبل الطمث .
إن الكمية القياسية اليومية للماغنسيوم هي 400 مجم للرجال والسيدات ، و450 مجم للسيدات الحوامل والمرضعات .
المكملات الغذائية من
معدن المغنسيوم :
تتحدد قوة وفاعلية مكملات الماغنسيوم بناءً على كمية عنصر الماغنسيوم بها. وينصح العلماء بتناول الماغنسيوم في صورة كربونات الماغنسيوم، أو أكسيد الماغنسيوم حيث إن هذين المركبين أقوى فاعلية. يحتوي أكسيد الماغنسيوم على أعلى نسبة ماغنسيوم وهي 60% بينما تحتوي كربونات الماغنسيوم على 40% ماغنسيوم. أما الأشكال الأخرى للماغنسيوم والتي يوجد فيها متحداً مع الأحماض الأمينية أو سترات الماغنسيوم أو ماليات الماغنسيوم أو إسبارتات الماغنسيوم فهي تتوفر أيضاً بالأسواق، ويفضل ممارسون كثيرون استخدام هذه الأشكال أو التركيبات في برامج علاجية محددة. فعلى الرغم من أنها تحتوي على ماغنسيوم أقل من الموجود في أكسيد الماغنسيوم وكربونات الماغنسيوم عند مقارنة محتوى الأقراص والكبسولات إلا أنها تحتوي على مركبات لها تأثيرها المفيد. فالسترات على سبيل المثال تعتبر هامة في عملية إنتاج الطاقة بالإضافة إلى أن محتواها من الماغنسيوم يكون نشطاً وحيوياً أكثر من الموجود في المركبات الأخرى . يعمل الماغنسيوم مع العناصر الغذائية الأخرى مثل الكالسيوم وفيتامين "د" وكما ذكرنا فإن مكملات الكالسيوم والماغنسيوم يجب أن يتم تناولهما معاً. وتتفق الآراء على أن نسبة الكالسيوم إلى الماغنسيوم يجب أن تكون حوالي من 2-1 ، والتي غالباً ما ينصح بها . وهناك تركيبات تحتوي على الكالسيوم والماغنسيوم بهذه النسبة . ولقد نجح بعض الباحثين في استخدام نسبة قريبة من نسبة 1:1 ومع ذلك فإن الدراسات التي تؤيد هذه النسبة لا زالت غير موجودة حتى هذا الوقت، وكذلك يضع بعض الباحثين حلاً وسطاً بتناول الكالسيوم والمغنسيوم 1,5 .
إن الكمية المناسبة اليومية التي ينصح بها العلماء للحالات التالية هي : 500-1000 مجم للذبحة الصدرية ، 6-12 قرص ماليات المغنسيوم لألم العضلات والإجهاد المزمن ، 500-750 مجم لارتفاع ضغط الدم ، 500-750 مجم للنساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل ، 500-1000 مجم لهشاشة العظام .
هل هناك سُمية أو أضرار جانبية لمعدن المغنسيوم ؟
يندر حدوث سمية الماغنسيوم إلا مع حالات الأفراد الذين يعانون من فشل كلوي . أما الأشخاص الأصحاء فإن الكميات الكبيرة من أملاح الماغنسيوم 3000-5000 مجم يومياً لها تأثير ملين، وتستعمل المنتجات التي تحتوي على ماغنسيوم كملينات تباع بدون استشارة الطبيب . وهذه المركبات تشمل الملح الانجليزي ( سلفات الماغنسيوم ) ولبن الماغنسيوم ( هيدروكسيد الماغنسيوم ) وسترات الماغنسيوم ، وهي تعمل على سحب السوائل إلى الأمعاء وبالتالي تؤدي إلى انقباضها ، ومع هذا لم يتم ملاحظة أعراض تسمم على أشخاص تم علاجهم بجرعة تصل إلى 9000 مجم من الماغنسيوم .
* هل هناك مثبطات تعيق امتصاص المغنسيوم ؟
إن وجود كميات كبيرة من معدن الكالسيوم يخفف من قدرة الجسم على امتصاص المغنسيوم ويتحد هذا المعدن مع مواد تدعى الأكسلات التي توجد بكثرة في الراوند والسبانخ ونخالة القمح. كما أن تناول الأدوية المدرة للبول مدة طويلة يخفض مستويات المغنسيوم في الجسم ، كما أن الدهون وزيت كبد السمك وفيتامين (د) والفيتامينات الذائبة في الدهون تعطل امتصاص المغنسيوم .
منقول