إن مرض تصلب إبهام القدم (HALLUX RIGIDUS) هو عبارة عن مرض من أمراض الخشونة التي تصيب المفصل الكبير في مقدمة القدم وفي قاعدة الإبهام في القدم. هذه الخشونة تحصل نتيجة التقدم في السن وتزداد مع الوقت وتؤدي إلى تدمير الغضروف وانعدام الحركة في هذا المفصل ومن هنا يأتي اسم المرض الذي هو تصلب إبهام القدم. وفي بعض الأحيان قد تكون الحالة نتيجة إصابة مباشرة أو غير مباشرة للمفصل مما يؤدي إلى ظهور هذا المرض مع مرور الوقت.
من الناحية التشريحية؟
المفصل الموجود في قاعدة الإبهام والذي يربط إبهام القدم بمشط القدم هو مفصل مثل أي مفصل في الجسم يكون مغلفا بطبقة من الغضروف ويحتوي على مادة لزجة تسهل الحركة. وإذا ما جفت هذه المادة الزلالية أو إذا ما تعرضت هذه الغضاريف التي تغطي المفصل إلى الإصابة فهنا تبدأ عملية التآكل أو الخشونة (Osteoarthritis) التي تؤدي إلى ذوبان هذه الغضاريف وظهور الآلام في المنطقة وأيضاً تؤدي إلى ظهور زوائد عظمية ونتوئات عظمية في جوانب المفصل. هذه النتوئات تؤدي إلى أن يشعر المريض بألم عند تحريك المفصل وأيضاً إلى الانتفاخ والتورم في منطقة المفصل. أيضاً هذه النتوئات بالإضافة إلى زوال الغضروف تؤدي إلى انعدام الحركة في المفصل تدريجياً.
الأسباب؟
عندما يأتي المرضى إلى العيادة فإن كثيرا منهم يتساءل ويقول لماذا حدث لي هذا المرض؟
والواقع هو أن الأطباء حتى الآن لا يعرفون سبباً معيناً لظهور هذا المرض عند بعض الناس وعدم ظهوره عند مرضى آخرين. ولكن قد تكون إصابة قديمة تسببت في بدء عملية التأكل والخشونة في المفصل. أيضاً بعض الرياضات أو الحركات والوضعيات التي يمارسها المريض أثناء حياته اليومية قد تؤدي إلى ظهور هذا المرض. فمثلاً إذا كان المريض يجلس على الأرض ويثني القدم ويثني إصبع الإبهام تحته لفترات طويلة فإن هذا يعرض الإصبع إلى إجهاد شديد ومع مرور الوقت يجعله عرضة لهذا المرض. وفي بعض الأشخاص قد يكون هناك تشوه أو التواء في منطقة إبهام القدم مما يجعله عرضةً مع مرور الوقت لهذا المرض. وفي كثير من السيدات قد يكون السبب هو لبس الأحذية ذات المقدمة الضيقة والأحذية ذات الكعب العالي التي تؤدي مع مرور الزمن إلى تركيز الإجهاد في منطقة إبهام القدم وتؤدي إلى ظهور هذا المرض مبكراً لديهن.
الأعراض والتشخيص؟
عادةً ما يأتي المريض أو المريضة إلى العيادة وهو يشتكي من آلام تتفاوت شدتها من آلام بسيطة إلى آلام مبرحة في منطقة قاعدة إبهام القدم. وقد تكون هذه الآلام موجودة في القدمين أو في قدم واحدة دون الأخرى. أيضاً يشعر المريض بالألم عند الجلوس على الأرض والركبتين مثنيتين وعند ثني إبهام القدم وخصوصاً إلى الأعلى. هذه الوضعية هي الوضعية التي يتخذها بعض الناس أثناء الجلوس للتشهد عند الصلاة وهي قد تكون مؤلمة وتمنع المريض أو المريضة من الجلوس عند الصلاة بشكل مريح. أما في الحالات المتقدمة فقد يحدث الألم حتى أثناء المشي الطبيعي. أيضاً أحد الأعراض التي يشكتي منها المريض هو وجود تورم وبروزات عظمية في منطقة قاعدة الإبهام وقد يشتكي أيضاً من وجود تغير في لون الجلد واحمرار وتهيج في المنطقة المريضة. كذلك يشتكي من وجود تحدد أو تصلب في الحركة في هذا المفصل مقارنة بالمفاصل الأخرى. أما التشخيص فعادةً ما يبدأ بالفحص السريري الذي يبين وجود تورم وبروز في المفصل ونقص في حركة المفصل وآلام عند تحريك المفصل أو عند الضغط على المفصل. بعد ذلك يأتي دور الأشعة السينية (X-Rays) التي عادةً ما تبين بوضوح وجود خشونة أو تآكل أو التهاب أو احتكاك في المفصل مع وجود بروزات عظمية ونقص في كمية الغضروف الموجود داخل المفصل.
العلاج التحفظي غير الجراحي
عادةً ما تبدأ الخطة العلاجية باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات (NSAID) والأدوية المسكنة للآلام وأيضاً يمكن استخدام أحذية طبية متخصصة تقلل من الحركة في مقدمة القدم أثناء المشي وبالتالي تقلل من حدوث الآلام في إبهام القدم. هذه الأحذية عادةً ما تكون ذات مقدمه مرتفعة ومائلة وغير قابلة للثني مما يؤدي إلى إزالة الألم بإذن الله. أيضاً في بعض الأحيان يتم استخدام إبرة موضعية في المفصل تحتوي على مادة الديبومدرول (Depomedrol) المضادة للالتهابات والتي توفر راحة وإزالة للألم لشهور عديدة بإذن الله في الغالبية العظمى من المرضى ويمكن إعادتها حسب اللزوم. أما بالنسبة لاحمرار الجلد فإنه يمكن استخدام بعض المراهم الموضعية للتقليل من شدة الإلتهاب وأيضاً يجب على المريض أو المريضة تجنب لبس الأحذية ذات المقدمة الضيقة والامتناع تماماً عن لبس الأحذية ذات الكعب العالي واستبدالها بالأحذية ذات المقدمة العريضة. التدخل الجراحي
في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التحفظي غير الجراحي يكون التدخل الجراحي مهما لإزالة الآلام وإعادة المريض أو المريضة لممارسة الحياة بشكل طبيعي. والتدخل الجراحي قد يكون عن طريق عملية تتم من خلالها إزالة العظيمات الزائدة والبروزات العظمية وهذه العملية ناجحة جداً إذا ما كان المفصل غير مدمرا تماماً ولا يزال الغضروف يستطيع القيام بوظيفته وهي عملية بسيطة يتم من خلالها إزالة الزوائد العظمية مما يوفر قدراً أكبر من الحركة للمفصل ويؤدي إلى إزالة الآلام الناتجة عن هذه الزوائد العظمية. أما في الحالات التي يكون فيها المفصل مدمرا تماماً فإن هذه العملية لا تكفي وبالإضافة إلى إزالة الزوائد العظمية يجب أن تتم عملية تثبيت للمفصل بحيث يتم استخدام برغي طبي لدمج العظمتين التي تكونان المفصل في وضعية معينة بحيث يتصلب المفصل تماماً وتنعدم الحركة فيه وبالتالي فإن الآلام تزول. ولكن هذه العملية تؤدي إلى فقدان الحركة في المفصل ولذلك فإنها يجب أن تناقش بالتفصيل مع المريض أو المريضة. وفي بعض الحالات قد يكون هناك خيار ثالث وهو عملية مفصل صناعي يتم استخدام أجزاء معدنية فيها لتغليف العظام التي تكون المفصل وبالتالي إزالة الألم مع إبقاء الحركة. وعلى الرغم من أن هذه العملية نادرة نسبياً إلا أنها توفر نتائج جيدة في بعض المرضى وليس في جميع المرضى.
النصائح والتوصيات
هذه الحالة شائعة جداً وتؤدي إلى حدوث آلام وإعاقة عند بعض الناس. والواجب هو تشخيصها مبكراً وطلب العلاج مبكراً لكي يتمكن المريض أو المريضة من العمل بالنصائح الطبية التي تؤدي إلى إيقاف تدهور المرض وتؤدي إلى تحسين الحالة بصفة عامة. كذلك لأن علاج المرض في البداية يكون سهلاً وتحفظيا وبدون جراحة ويؤدي إلى نتائج مرضية. أما إذا ما كانت المرحلة متقدمة فإن العلاج الجراحي يكون ضرورياً ويكون ناجحاً في الغالبية العظمى من المرضى بإذن الله.
يشعر المريض بألم عند تحريك المفصل
في الحالات التي لا تستجيب للعلاج التحفظي يكون التدخل الجراحي مهماً لإزالة الآلام