المجتمعات الحديثة تتسارع فيها خطى النمو وتضج بالالتزامات فيغفل الناس عن الاعتناء بأنفسهم
فيتامين سي مفيد للبشرة
ليس سرّا أن أسلوب الحياة الصحي يمنح الجسم شعوراً حيوياً ومظهراً حسناً. النظام الغذائي والتمارين الرياضية والضغوط والقلق عوامل تؤثر في الصحة العامة. ولسوء الحظ أنه في المجتمعات الحديثة التي تتسارع فيها خطى النمو وتضج بالمهام والالتزامات يغفل الناس عن الاعتناء بصحتهم ويميلون إلى اختيار أساليب الحياة غير الصحية. وعلى الرغم من أن الجلد هو أكبر الأعضاء في الجسم إلا أنه الأكثر إهمالاً. الجميع يسعى للحصول على بشرة جميلة ولكن من يعانون من عيوب ومشاكل جلدية يلجأون عادة إلى الحلول السريعة دون النظر إلى الأسباب الداخلية والخارجية فضلاً عن عدم الالتزام بالعلاجات الجلدية المقررة للمدى الطويل. ولا ينحصر دور المتخصصين في رعاية الجلد على المساعدة في تحسين مظهر الجلد، ولكن أيضا تثقيف المرضى حول تأثير العوامل البيئية مثل أنماط الحياة وتأثيراتها الضارة على صحة الجلد.
الأكل الصحي
يحتوي نظامنا الغذائي على السكريات البسيطة والكربوهيدرات والدهون الضارة بما في ذلك الدهون المشبعة وغير المشبعة. وتوجد الدهون المشبعة في الحليب كامل الدسم، والجبن، واللحوم الحمراء، وجلد الدواجن، وحتى في بعض الأغذية النباتية مثل زيت النخيل وزيت جوز الهند. الدهون المتحولة هي الدهون المصنعة وهي قابلة للترسخ والبقاء لفترة أطول وتدخل في صناعة الأطعمة والوجبات الخفيفة للحفاظ على زيادة مدة صلاحيتها. وهي شائعة كثيراً في الأطعمة المصنعة والمدرجة ضمن مسميات مثل الزيوت المهدرجة. وتحتوي معظم الأطعمة المقلية واللحوم المصنعة ورقائق الشيبس على مستويات عالية من هذه الدهون غير المشبعة وتوصف بكونها من المسببات للكثير من حالات الالتهابات الجلدية.
ينبغي خفض الدهون المشبعة إلى أقل من 10٪ من السعرات الحرارية اليومية. وتكمن بدائل هذه الدهون الضارة في الدهون الأحادية غير المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة. وتعتبر دهوناً جيدة نظراً لقدرتها على خفض مستويات الكولسترول الداخلية. وتوجد الدهون الأحادية غير المشبعة في الزيتون وزيت الزيتون والفول السوداني والافوكادو. بينما توجد الدهون المتعددة غير المشبعة في الذرة وفول الصويا والسمك. تحتوي الأسماك على وجه الخصوص على كميات عالية من الدهون غير المشبعة أوميغا 3 الغنية بالفوائد الطبيعية المضادة للالتهابات. ومن الشائع جداً أن يتم وصف المكملات الغذائية عن طريق الفم المحتوية على أحماض أوميغا 3 الدهنية. ولا تنعكس فوائد المكملات على صحة الجسم الداخلية فقط ولكنها تزيد أيضاً من مستوى ترطيب الجلد. ومن المكملات المغذية الأخرى مادة ليكوبين lycopene وتوجد في الطماطم وكذلك إنزيم Q10 والمعادن مثل الزنك والنباتات مثل الشاي الأخضر وكلها مفيدة لمظهر الجلد من خلال مفعولها في الحدّ من التهابات الجلد ومع ذلك لاتزال الحاجة إلى التجارب السريرية لدعم هذه الادعاءات قائمة.
ينبغي الانتباه إلى كمية السكر والكربوهيدرات البسيطة التي يتم تناولها في اليوم تجنباً لآثارها السلبية على مظهر الجلد. ويساهم الخبز والصودا والحلوى في رفع مستويات السكر في الدم بشكل سريع مما يؤدي إلى الالتهاب ومن ثم إصابة الخلايا على نحو تدريجي. ويؤدي استهلاك السكر بنسب عالية إلى تصلب الشرايين وهو مرض ينتج عن مهاجمة السكر لخلايا الجسم واتحادها بالبروتين. ويؤثر تصلب الشرايين على مظهر الجلد فيبدو شاحباً ويصبح مترهلاً بمرور الوقت. يحتوي الجلد على الإيلاستين والكولاجين وهي بروتينات مسؤولة عن مرونة الجلد وشبابه والحفاظ على حيويته.
من المهم المحافظة على ارتواء الجسم بالماء في سبيل الحصول على بشرة شابة. وتفتقر الوجبات الغذائية الغنية بالملح والكافيين إلى وجود الماء الأمر الذي ينعكس على صحة ومظهر الجلد. ولهذا السبب ينبغي التقليص من تلك الوجبات الغذائية والاهتمام بزيادة كمية الماء للحفاظ على حيوية الجلد. وينصح بشرب 8- 10 أكواب من الماء يومياً فضلا عن كأسين إضافيين لكل كوب من القهوة والشاي.
الحدّ من الضغوط النفسية
ترجع الضغوط النفسية بردود فعل عكسية على الجسم. فعلاوة على القلق والاكتئاب والمرض تؤثر الضغوط النفسية بشكل ضار على الجسم. ومن شأن الأمراض الجلدية التي يعاني منها الشخص كالصدفية أو الوردية أن تتفاقم مع زيادة القلق، وتكمن آثار القلق الأكثر شيوعاً في ظهور حب الشباب. وتزيد الضغوط النفسية من انتاج الزهم (الدهون في الجلد) بفعل استجابة الهرمونات مما يسبب الالتهابات الجلدية وهذه عوامل رئيسية تؤدي إلى ظهور البثور وحدوث حب الشباب.
وتشمل الضغوط النفسية آثارا على الجلد على المدى الطويل منها زيادة هرمون الكورتيزول، وهذا الهرمون يستنفد كمية حمض الهيالورونيك الذي يعد المكون الأساسي لأنسجة الجلد كما أنه يؤدي إلى جفاف الجلد. وتعمل آثار هرمون الكورتيزول والالتهاب مجتمعة إلى تحلل وتفكك الكولاجين والإيلاستين مما يسبب تكون الخطوط الدقيقة والتجاعيد على الجلد.
يجب التحكم في الضغوط النفسية بالطريقة الصحيحة من خلال الحصول على قسط كاف من النوم وممارسة التمارين بانتظام للحدّ من أثر الإجهاد والقلق. وللرياضة البدنية مفعول جيد في تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات والقدرة على مواجهة المواقف العصيبة. كما أن قلة النوم تؤثر بشكل مباشر في القدرة على إدارة القلق. يتأثر المزاج بشكل واضح بقلة النوم وبالمقابل فإن المظهر الخارجي العام يتأثر بالحالة المزاجية للشخص. وهكذا يتعين على من يريد الحفاظ على مظهر حسن وصحي أن يهتم بالحصول على النوم الكافي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. ولا تقتصر مهمة القائمين على العناية بالجلد في مناقشة الآثار السلبية للضغوطات وإنما تتعداه إلى تثقيف الناس حول تنمية تقنيات الاسترخاء. ويتم عمل الاسترخاء عن طريق جلسات التدليك للوجه أو الأكتاف والرقبة، وقد ينصح الطبيب أحياناً بالتمارين المساعدة على التصريف اللمفاوي اليدوي وهي تقنية تساعد في استرخاء الجسم عموما، والعمل على الجهاز العصبي العاطفي، الذي هو جزء من رد فعل الجسم الودّية أو الشرسة. ويمكن استخدام الزيوت العطرية، مثل اللافندر والبابونج وزهر الأيلنغ خلال جلسات العلاج لدورها في إحداث حالة من الاسترخاء في العقل. وهكذا ينصح باختيار المركز الصحي الذي تتوفر فيه البيئة المناسبة لعمل المساج والتدليك بحيث يشعر الشخص حال دخوله المكان وكأنه مقبل على واحة من الهدوء والاسترخاء.
عدم التدخين
لقد تنامى الوعي بالآثار السلبية للتدخين إلى حدّ بعيد في الأونة الأخيرة، وأصبح من المعروف أن التدخين مضر بالصحة لأنه يؤدي إلى مضاعفات وأمراض صحية بما في ذلك المشاكل الجلدية. وتتمثل آثاره على البشرة في تضييق الأوعية الدموية مما يقلل من إمداد الدم بالأكسجين وهذا يؤثر في مستوى تغذية الجلد بالأكسجين والذي يعتبر ضرورياً في تجديد خلايا الجلد وإصلاحها. وتشمل الآثار المباشرة لنقص الأكسجين تغير لون الجلد إلى الأصفر أو الرمادي بشكل واضح مع شحوب البشرة وفقدان نضارتها. وتؤدي الآثار الطويلة الأمد إلى تحلل وتفكك الكولاجين، وحدوث اضطرابات جلدية بما في ذلك الصدفية وسرطان الخلايا الحرشفية.
يرتبط التدخين أيضاً بضعف التئام الجروح. ويؤدي نقص الأكسجين وضعف الدورة الدموية إلى بطء عمليات الالتئام في الجسم بشكل كبير بما في ذلك الجلد. وهكذا يجب التوقف عن التدخين قطعياً قبل الخضوع لعملية جراحية مثل الجراحات التجميلية أو عمليات تقشير الجلد العميقة. وتؤدي مثل هذه الإجراءات الطبية إلى مضاعفات ونتائج غير مرغوبة في حال كانت قدرة الجلد على الالتئام ضعيفة. وينبغي على القائمين على الرعاية الصحية بالجلد توخي الحذر عند إجراء علاجات التقشير الكيميائي.
قيل إن نفخة واحدة من دخان السجائر يمكن أن تنتج الملايين من الجذور الحرة. والأكسدة التي تسببها الجذور الحرة هي واحدة من العوامل الرئيسية في عملية الشيخوخة وتؤدي إلى تحوّل الخلايا التي يمكن أن تؤثر على كل عضو من أعضاء الجسم. وتسبب المواد الكيميائية السامة في السجائر تراكم الشوائب في مسامات الجلد الأمر الذي يظهر بوضوح على هيئة مسامات مسدودة وبثور ذات رؤوس بيضاء. ويحدث كل هذا بفعل ضعف الدورة الدموية وتراكم الدخان السلبي بالجلد.
للقضاء على الآثار الضارة لتدخين السجائر ينصح بأخذ مضادات الأكسدة بشكل منتظم. ومن أفضل المواد المضادة للأكسدة وأشهرها فيتامين C وفيتامين E. يعمل فيتامين C على حماية البشرة من الجذور الحرة الزائدة كما يساهم بصورة أساسية في انتاج الكولاجين وتعزيز التئام الجروح. ويساعد فيتامين E في مقاومة أمراض القلب والالتهابات في الجسم. وتضمن زيادة مستويات فيتامين E في الجسم حدّاً أدنى من الإصابة بالضرر بالإضافة إلى دوره في إصلاح الخلايا التالفة بشكل أسرع.
ومن المهم أيضاً استخدام مضادات الأكسدة الموضعية لحماية البشرة من الجذور الحرة الزائدة التي تنتج عن التدخين. وقد أظهر فيتامين C في شكل حمض الأسكوربيك L-ascorbic فوائد عديدة في حماية البشرة. كما أن فيتامين E والشاي الأخضر من المكونات التي يمكن أن تقلل من الأكسدة في الجلد عندما تستخدم في المنتجات الموضعية.
ويجب توعية المجتمع حول أضرار التدخين على الجلد والتأكيد على أن الإقلاع عن التدخين هو الخيار الأفضل لتفادي الآثار السميّة للتدخين ليس على البشرة فحسب ولكن على صحة الجسم العامة. ويتجلى دور الأطباء في إقناع الأفراد الذين أمضوا زمناً طويلاً في التدخين على الحدّ منه للتخلص من آثاره التي خلفها على الجلد ووصف العلاجات والمنتجات الطبية المناسبة لكل حالة.
نشر الوعي الصحي
يجب تثقيف العامة بكل ما من شأنه الحفاظ على صحة الجسم للحصول على مظهر مثالي. حيث تنعكس جميع أساليب الحياة على صحة الجلد ومن ذلك نوع الغذاء الذي يتم تناوله وكيفية إدارة الجهد والضغوطات والطرق العلاجية المتبعة. ولذلك يحث الأطباء على اتخاذ القرارات الصحية فيما يتعلق بالعادات الحياتية.
وترجع أكثر من 80٪ من علامات الشيخوخة الواضحة في الجلد إلى العوامل البيئية والخارجية التي يتعرض لها الجسم. وإذا كانت هناك مخاوف ذات صلة بهذه العوامل فينصح بزيارة طبيب الجلدية لاستشارته حول أسباب حدوثها وتعديل أساليب الحياة بما يساعد على مقاومتها لتحسين مظهر البشرة فضلاً عن الحفاظ على الصحة العامة.
الدهون الأحادية غير المشبعة ينصح بتناولها
تساعد على خفض مستويات الكولسترول
تؤثر الضغوط النفسية بشكل ضار على الجسم
يؤدي التدخين إلى مضاعفات وأمراض صحية بما في ذلك المشكلات الجلدية