من المهم أن يحتاط المرضى بالانتظام على الأدوية الواقية وأخذها معهم خلال الرحلات البرية
أعراض الربو وحساسية الصدر والأنف تزداد خلال موسم الأمطار
أ.د.أحمد سالم باهمام
من الملاحظ أن أعراض الربو وحساسية الصدر والأنف تزداد خلال موسم الأمطار، وهذا موضوع يستحق النقاش هذه الأيام التي تشهد فيها مختلف مناطق المملكة أمطاراً غزيرة، نسأل الله أن يجعلها أمطار خير وبركة، وخلال موسم الأمطار، يتجه الكثير من المواطنين والمقيمين للتخييم خارج المدينة، وقد يغفل البعض عن اصطحاب أدويتهم وقد ينصرف انتباههم عن تناول بعض الجرعات، مما يؤدي لتفاقم المرض وظهور الأعراض بشكل كبير. لذلك أردنا اليوم أن نبين علاقة المطر بظهور أعراض الربو، ولننبه القراء إلى ضرورة الحرض على تناول أدوية الحساسية والربو خلال موسم المطر، بل وربما الحاجة لزيادة الجرعة بعد استشارة الطبيب المعالج.
ويعتقد البعض أن المطر يغسل الجو وينقيه، لذلك تنقص أعراض الحساسية؟! ويبدو للوهلة الأولى وبالتفكير البسيط أن المطر فعلاً سيغسل ما علق بالجو من تلوث وأن أعراض الربو ستتحسن ولكن هذه الفرضية لا تطابق الواقع الذي نراه، بل على العكس من ذلك فالواضح والملحوظ أن هناك زيادة كبيرة في حالات الربو خلال المطر وكذلك ظهور أعراض الربو على أشخاص لم يكونوا يعانون من المرض من قبل، وقد وثق علميا ازدياد حالات الربو في عدد من المدن الغربية بصورة كبيرة وبائية (epidemic) وتم دراسة هذه الظاهرة بصورة علمية موثقة في عدد من المدن الغربية. ففي دراسة أجريت في لندن (نشر البحث في المجلة الطبية البريطانية عام 1996)، خلال فترة شهدت أمطارا رعدية وزيادة ملحوظة في أعراض الربو وجد الباحثون أن هناك عدة تغيرات تسبب بالزيادة في أعراض الربو كما أن الأعراض قد تظهر لدى أشخاص لم يكونوا يعانون من الربو بسبب وجود محسسات أو مثيرات جديدة، وكانت التغيرات على عدة مستويات فهناك تغيرات جوية وتغيرات في مستوى حبوب اللقاح في الجو وتغيرات في مستوى ملوثات الجو، فالتغيرات الجوية التي وجد أنها تؤثر على أعراض الربو شملت انخفاضا سريعا في درجات الحرارة، تغيرا سريعا في درجة رطوبة الجو وتغيرا سريعا في الضغط الجوي وهو ما يصاحب عادة العواصف الرعدية. كما وجد في بحث أجري في كوريا خلال مواسم التيفون والأمطار الغزيرة بين عامي 2003 و2009 ونشر عام 2013 (في مجلة Osong Public Health Res Perspect) أن للأمطار تأثير على مرض الربو، حيث يزيد المطر من تركيز المواد المسببة للحساسية المحمولة جوا مثل حبوب اللقاح، والأوزون، والفطريات، والتي هي أسباب مهمة لأمراض الحساسية.
فبالنسبة لمستوى حبوب اللقاح في الجو، فقد وجد ازديادا كبيرا في تركيزها في الجو وقد وضحت بعض الدراسات أن الازدياد قد يصل إلى خمسين ضعفا خلال الأمطار، ولأن بعض حبوب اللقاح صغيرة جدا في الحجم وقد تصل للرئة فإن استنشاق كمية كبيرة منها في وقت قصير قد يسبب أعراض الحساسية الصدرية الحادة، وبسبب الزيادة السريعة والكبيرة في مستوى هذه الحبيبات فإن الأعراض قد تظهر لدى بعض الأشخاص الذين لم يكونوا يعانون من الربو سابقا وإنما من حساسية خفيفة في الأنف. كما أن بعض الدراسات وجدت أن الأمطار قد تزيد من نسبة بزيرات الفطريات في الجو خلال وبعد هطول الأمطار مما قد يزيد من نسب التحسس. كما أظهرت أبحاث أخرى ازديادا في بعض ملوثات الجو خلال الأمطار مثل ثنائي أكسيد الكبريت والأوزون وربطوا بين ذلك وزيادة أعراض الربو، وليس من الضروري أن تظهر أو تزداد أعراض الربو مباشرة بعد هطول المطر ولكن ذلك قد يستغرق 48 ساعة قبل أن تظهر أعراض الربو، ومن المعلوم لدى القارئ الكريم أن المثيرات الموجودة في الجو تختلف من بيئة لأخرى نتيجة لأنواع النباتات السائدة وكون المنطقة صناعية من عدمه لذلك لا يمكن نقل تجارب الآخرين مباشرة على بيئتنا ولابد من توثيق ذلك في بيئتنا والتفريق بين المدن المزدحمة والصناعية والأرياف عند إجراء البحث. ومهما كانت المسببات فالمؤكد انه خلال هطول الأمطار تزداد حالات الربو.
لذلك من المهم أن يحتاط مرضى الربو والحساسية خلال موسم الأمطار وذلك بالانتظام على الأدوية الواقية، وأخذ الأدوية معهم خلال الرحلات البرية والتواصل مع الطبيب المعالج في حال حصول أي تغير أو ازدياد في أعراض الربو والحساسية.