السكتة الدماغية هي مرض يصيب الشرايين المتجهة للمخ والموجودة داخله، وتحدث السكتة الدماغية عندما يتعرض أحد الأوعية الدموية التي تحمل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى المخ للانفجار أو التمزق أو الانسداد نتيجة لجلطة، وعلى ذلك فإن المخ لا يستطيع الحصول على ما يحتاجه من دم وأوكسجين وتموت أجزاء من المخ.
وهناك أنواع من السكتة الدماغية، فهناك السكتة الدماغية النزفية والتي تحدث بسبب تمزق وعاء دموي ضعيف مما يؤدي للنزف في المنطقة المحيطة بنسيج المخ؛ حيث يتراكم الدم ويكوّن كدمة ضمن النسيج المخي مما يهدد خلايا المخ ويسبب موتها، وهناك النوبة الإقفارية المؤقتة (TIA) والتي تؤدي إلى أعراض شبيهة بالسكتة الدماغية، وتحدث النوبة الإقفارية المؤقتة بسبب جلطة ولكن على عكس السكتة الدماغية فإن الانسداد مؤقت وعادة لا يُحدث ضررًا دائمًا للمخ، وغالبًا ما تسمى النوبات الإقفارية المؤقتة بـ «السكتات الدماغية الصُغرى»، ويحدث حوالي 15% من السكتات الدماغية بعد نوبة إقفارية مؤقتة، وتعتبر النوبة الإقفارية المؤقتة حالة طبية طارئة، ثم هناك السكتة الدماغية الإقفارية والتي تحدث عندما تؤدي جلطة أو كتلة ما (وهي في الغالب ترسّب لصفيحة دهنية) لسد وعاء دموي مما يؤدي لانقطاع تدفق الدم إلى خلايا المخ، وتمثل السكتات الدماغية الإقفارية 87% من إجمالي حالات السكتة الدماغية.
ومن علامات وأعراض السكتة الدماغية، تدلّي الوجه وهو تدلى أحد جانبي الوجه أو أنه أصيب بالتنميل، ويتبين ذلك حين يطلب من الشخص أن يبتسم، ومن الأعراض ضعف الذراع: حيث يصاب أحد الذراعين بالضعف أو التنميلويتبين حين يطلب من الشخص رفع كلا ذراعيه، سينساق أحد الذراعين لأسفل، وكذلك صعوبة الكلام فيبدو الكلام مدغماً، وأحياناً يصبح المصاب غير قادر على الكلام، أو من الصعب فهمه، حينها على المعالج أو الشخص القريب من المصاب أن يطلب من الشخص تكرار جملة بسيطة، مثلًا «السماء زرقاء.»، هل كرر الجملة بصورة صحيحة؟ وكذلك التأكد من الوقت لمعرفة متى ظهر أول الأعراض.
وقد تحدث الأعراض التي تصاب بها بعد السكتة الدماغية من آن لآخر، وخاصة في المرحلة المبكرة من التعافي من السكتة الدماغية، ومع مسببات الإجهاد كالمرض أو قلة النوم، ويقل بمرور الوقت تفاوت الإعاقات الناتجة عن السكتة الدماغية، لو ظهرت على المريض علامات أو أعراض، أو لو ساءت أوجه القصور مقارنةً بالمظهر المبدئي للسكتة الدماغية، فعليه الاشتباه في حدوث سكتة دماغية جديدة.
ويصعب التنبؤ بالإطار الزمني للتعافي وقدر التعافي الوظيفي المتوقع، ويمكن للتعافي الأقصى أن يستغرق أسابيع أو سنوات، وننصح بالمشاركة الفعّالة في إعادة التأهيل لتحسين احتمالات التوصل لنتيجة أفضل، ويعتمد نوع وكمية إعادة التأهيل التي يحتاجها المريض على النوع المحدد للإعاقة الناتجة عن السكتة الدماغية، وقد يحتاج علاجًا كلاميًا أو فيزيائيًا أو وظيفيًا.
ويصاب قرابة ثلثي المرضى بمضاعفة وحيدة على الأقل بعد السكتة الدماغية، وتُقدم الرعاية التمريضية والعلاج الطبي خصيصًا لكل مريض مع التركيز على منع المضاعفات، فلو كان المريض لا يستطيع الحركة، فنحن ننصح بالحركة المبكرة والالتفات المتكرر كما هو الحال في أي حالة طبية، فإن عدم الحركة لفترة طويلة يمكن أن يؤدي للإصابة بالالتهاب الرئوي والتجلط الوريدي العميق (جلطة دموية في الساق) والتخثر الرئوي (جلطة دموية في الرئة) وقرحة الفراش والتقفعات والشلل الانضغاطي (عدم القدرة على الإحساس)، ومن المهم أن يكون هناك من يرافق المريض أثناء الحركة؛ حيث قد يكون أكثر عرضة للسقوط إن كان مصابًا بضعف أحد الأطرف، ويعتبر عسر البلع (مشكلة البلع) نتيجة شائعة للسكتة الدماغية وهو يجعل المرضى أكثر عرضة للإصابة بالالتهاب الرئوي؛ حيث قد لا يكون بإمكانه البلع بصورة سليمة، وقد يحتاج المريض لأنبوب أنفي مَعدي (أنبوب يصل أنفه بمعدته) أو أنبوب فغر معدي عبر الجلد بالمنظار (أنبوب يوضع في معدته مباشرة) للتغذية وإعطاء الأدوية، ولكن عليه الانتباه أن هذه الأدوات لا تقلل من خطر الالتهاب الرئوي (عدوى الصدر)، وتتضمن باقي الإجراءات الوقائية علاج الغثيان والقيء والقيام بتنظيف الفم بصورة سليمة وإجراء تمارين التنفس العميق، وقد لا يكون باستطاعته التبول أو التحكم في تدفق البول، وقد يتطلب ذلك قسطرة بولية (أنبوب يوضع في المثانة لضخ البول)، ويمكن للجفاف أن يسبب انخفاض ضغط الدم ونقص التروية وهو ما يهدد تعافي المخ.
وهناك مضاعفات أخرى للسكتة الدماغية، فقد يشعر المريض بمشكلات بالتنفس عند النوم وقد يصاب بالاكتئاب بعد السكتة الدماغية، وقد يلاحظ أحد أفراد عائلة المريض أو القائم على رعايته شخيرًا عاليًا مع توقّف التنفس بصورة مؤقتة، إذا حدث ذلك، فعليه أن يبلغ به القائم على رعاية المريض؛ حيث يثبت التشخيص وخيارات العلاج عن طريق دراسة النوم، ومن الشائع جداً أن يشعر مرضى السكتة الدماغية بالحزن أو يلاحظوا تغيراً لمزاجهم، إلا أننا ننصح بطلب المساعدة الاحترافية في حالات معينة أهمها: إذا كانت هناك صعوبة في القيام بأنشطة الحياة اليومية أو إذا كان يوجد تغير لافت في الحياة الاجتماعية أو الوظيفية، وإذا كان يوجد اضطراب لافت للنوم أو تغير للوظائف الحيوية، وجود أمنيات الموت أو أفكار انتحارية، أفكار غير طبيعية أو خبرة غير طبيعية كرؤية أو سماع أشياء غير حقيقية، في حالة ترك الاكتئاب التالي للسكتة الدماغية دون علاج، فقد يؤدي ذلك لتفاقم عدد من الحالات الأخرى الشائعة بعد السكتة الدماغية كسوء التغذية، والألم، والإرهاق، ومشكلات النوم، يمكن لذلك أيضًا أن يؤخر التعافي ويطيل من مدة إعادة التأهيل، ويعتمد اختيار خيار العلاج على العديد من العوامل مثل نوع وشدة الأعراض، والحالات الطبية الأخرى التي يعانيها المريض، والسمات الشخصية وتفضيل المريض، عادة ما تتألف العلاجات من مزيج من الأدوية التي تساعد في تحسين المزاج وتخفيف أعراض الاكتئاب الأخرى كمشكلات النوم وضعف الشهية، والعلاج النفسي لمساعدة المرضى للتأقلم مع التوتر والاختلال الناتج عن السكتة الدماغية.