د.سامي القباني
كلنا يعلم أن القلق والهم والكآبة قد تجعلنا نأكل بدون وعي، وغالباً أنواع الأطعمة الضارة بصحتنا، ولكن هل تعلم أن بعض أنواع الطعام - بالعكس - قد تسبب (أو تزيد من) قلقنا وهمومنا؟
لقد درس مختصو التغذية هذا الاحتمال، وتبينوا أن الجواب هو بالإيجاب، فالقلق يحصل فيزيولوجياً من ازدياد بعض الهرمونات، مثل أيبينفرين epinephrine وغلوتامات glutamate، وهناك أطعمة تحرّض على إفراز هذه الهرمونات أو تخفض من المركبات الكيميائية الطبيعية التي تعدل من مفعولها (مثل السيروتونين serotonin وGABA)، ما يوقعنا في دائرة من القلق، والإفراط في الطعام، ثم الشعور بالذنب والقلق من جديد.
في ما يلي قائمة بأهم الأطعمة التي تقف في قفص الاتهام:
- السكاكر والمعجنات
كل الفحمائيات المكررة، مثل السكر، والحلوى، والمشروبات المحلاة، والمعكرونة pasta، والخبز الأبيض، ترفع من تركيز سكر الدم (غلوكوز glucose) بسرعة ثم تخفضه بسرعة.
هذا التقلب السريع في سكر الدم (الذي يتبعه تقلب في إفراز هرمون الإنسولين، وهورموني الشدة كورتيزول وأدرينالين)، يعكر مزاجك ويجعلك متوتر الأعصاب، وقد يساهم في إصابتك بالكآبة، كما تبين لباحثين من جامعة برينستون Princeton University.
- القهوة
هناك مزايا صحية كبيرة - ولا شك - للقهوة تطاول المزاج والنشاط والذاكرة، وحتى حماية القلب والكبد، والوقاية من السكري والنقرس، لكن القهوة إذا استهلكت بكثرة، أعطت عكس المفعول بالنسبة لتحسين المزاج (الذي يأتي في البدء من إفراز السيروتونين) فتنبيه الجهاز العصبي المستمر يؤدي لإفراز هرمون الشدة كورتيزول، ما ينجم عنه التوتر والقلق وصعوبة النوم.
ولا ننسى أن بعض الناس أكثر حساسية للكافيين الموجود في القهوة من سواهم، ثم إن تأثير هرمون السيروتونين الحميد الباكر، سرعان ما ينتهي مفعوله، عندما ينضب هذا الناقل العصبي في الجسم.
- مشروبات الطاقة والنحافة (diet)
تحتوي كل هذه المشروبات (ومنها دايت كولا) على الكافيين caffeine وعلى مركبات التحلية الصنعية، مثل اسبارتام aspartame، وكلاهما يخفض مستويات هرمونات السعادة الطبيعية (مثل سيروتونين serotonin) في الدماغ.
في دراسة أجريت في جامعة نورثوسترن Northwestern في ولاية أوهايو، ثبت للباحثين أن الأشخاص المؤهبين للكآبة أو القلق المزمن تزداد أعراضهم سوءا بعد تناول المحليات الصنعية مثل اسبارتام.
وينصح هؤلاء الباحثون الذين يحبون المشروبات الغازية أن يعتمدوا تلك المحلاة طبيعيا (كعصائر الفواكه الغازية)، أو أن يستخدموا خلاصات نباتية حلوة الطعم، مثل بودرة ستيفيا stevia.
- الشحوم المحوَّلة trans-fats
توجد هذه الشحوم المهدرَجة في كل الأطعمة المعالجة والجاهزة التي نتناولها في المطاعم، مثل شرائح اللحم والبطاطا (البطاطس) المقلية والبسكويت المقلي والحلويات الجاهزة ومبيضات القهوة المصنعة، وقد ارتبطت هذه الشحوم لدى مختصي التغذية بضعف تروية الأعضاء، بما فيها الدماغ، ما يفسر كثرة إصابة من يتناولونها بشكل دائم بالقلق المزمن والاكتئاب، هذا إضافة لتأهيبها لأمراض القلب والأوعية وارتفاع الضغط.
- العصائر المركزة عالية الفروكتوز
تتواجد هذه في خلاصة البندورة المركزة (كتشاب ketchup)، وصلصات السلطة المختلفة المصنعة من عصير الذرة عالي الفروكتوز (والذي يدعى HFCS) وكلها مثل السكاكر والمعجنات تدعو لتقلبات سريعة في مستويات سكر الدم والأنسولين، مما يهيئ للتوتر، وربما الاكتئاب.
الأمر الذي يجعل عصائر HFCS سيئة صحياً بشكل خاص، هو أنها أكثر حلاوة من السكر، ما يدعو لالتهامها بشراهة والتعود عليها، الأمر الذي يؤدي في النهاية لزيادة الوزن.
- الأطعمة الغنية بالغلوتامات وحيدة الصوديوم
تكثر إضافة الغلوتامات وحيدة الصوديوم MSG) monosodium glutamate) في وجبات المطاعم الصينية، لكنها تتوفر كذلك في كثير من الأطعمة الحديثة مثل شرائح اللحم المبرد والوجبات المجمدة والجاهزة، وسبب إضافته إلى كثير من الأطعمة هو نكهته المرغوبة، لكن معظم البحوث أكدت أنه من المركبات السامة التي تثير الخلايا إلى درجة تخريبها، وأن استهلاكه المتواصل يؤدي إلى آلام الرأس والتوتر والشعور بالإعياء وأحياناً الاكتئاب.
- الملونات الغذائية
يحلو لشركات تصنيع الأغذية أحياناً تلوين بضاعتها (سواء كانت نوعاً من الأشربة أو مزينات السلطة أو الجبنة .. إلخ)، لكن هذه الملونات كلها ذات تأثير سيئ على الصحة (خاصة منها الأحمر والأصفر)، وكثيراً ما تعطل وظيفة الجهاز العصبي ما ينتج عنه المزيد من القلق والتوتر.
- الملحيزيد الملح إذا أخذ بكميات كبيرة من ضغط الدم ويحث القلب على التسارع، ويحرض على إفراز هرمون الشدة أدرينالين، وكل هذا يؤهب للتوتر، لذلك تحاشَ قدر المستطاع أكل الموالح قبيل النوم، ولا تستخدم ملح الطاولة قبل تذوق الطعام (خاصة إن كنت في مطعم أو كنت ضيفاً خارج بيتك)، ويمكنك دوماً تحسين نكهة الطعام بإضافة أحد التوابل غير الضارة بالصحة.