[size=36]الأدوية العشبية : منافعها و مضارها[/size]
صيدلي حمدان نجيب العجمي*صيدلي حمدان نجيب العجمي*
يحكى أن وفدًا من شركة دواء أمريكية جاء لزيارة الدكتور جابر القحطاني، بغية الإستفادة من اكتشافه لمركب جديد قام بفصله من أحد النباتات، و أسماه « سعوديين » ، حيث وجد أن لهذا المركب تأثيراً دوائياً لعلاج السكري، وكانت زيارة هذه الشركة لعرض تحويل الاكتشاف إلى مركب دوائي إلا أن هذا الأمر لم يتم ، ولم ير هذا العقار النور نظرًا للتكلفة العالية لتشييد الدواء كيميائيًا ( نظرًا لكبر حجمه ).
هذا مثال من أمثلة عديدة تشرح علاقة الطب الحديث بطب الأعشاب القديم قدم وجود البشر. فمن ألواح البردي الفرعونية المليئة بأسرارهم الدوائية، مرورًا بالطب اليوناني المتمثل بجالينوس، انتهاءًا بكتاب القانون في الطب لابن سينا ، كانت البشرية و لا تزال مؤمنة أن علاج كثير من الأمراض يكمن في تناول مجموعة معينة من الأعشاب الموجودة في الطبيعة، و مع تقدم الطب أصبحت التجربة العلمية هي المعيار لوجود الدواء في السوق و توفره و إتاحته و فسح بيعه، و أذكر أني زرت مكتبة لشراء بعض الكتب و قال لي البائع بأن كتاب «القانون في الطب» لابن سينا لا زال يباع حتى الآن نظرًا لوجود باحثين يريدون اكتشاف أسراره بإجراء الأبحاث على النباتات المذكورة في طياته.
يوجد في السوق ١٢٢ دواء يستخدم في الطب الحديث و مستخلص من النباتات كالأسبرين من شجر الصفصاف و الديجتالس والمستخلص من نبتة قفازات الثعالب، والكينين لعلاج الملاريا و المستخلص من لحاء الكينا، وفي الطبيعة ملايين الأنواع من النباتات و التي يعتقد أن لها تأثيرات طبية متنوعة لم تكتشف حتى الآن.
و هنا نحتاج لأن نسأل : ما هي حدود منافع هذه الأدوية العشبية و كيف نقي أنفسنا من مضارها ؟
التداوي بالأعشاب قديم و لكن بروز الطب الحديث و الطب القائم على الأبحاث العلمية قلل من تأثيره و تواجده، إلا أن هذه النظرة آخذة في الزوال، نظرًا للاستثمار في البحث العلمي على هذه الأعشاب و اضطراد الاكتشافات في هذا المجال الذي أصبح يمثل إغراءاً كبيراً للشركات، ففي أمريكا على سبيل المثال، كانت الحكومة لا تعترف بهذه الأعشاب ثم غيرت رأيها، وأصبح ٥٠٪ من الشعب الأمريكي الآن يتداوى بالأعشاب لعلاج الأمراض وهناك أكثر من ٢٠٠ شركة مختصة بزراعة و تصنيع الأدوية العشبية، ويوجد الآن أكثر من ١٠٠٠ مستحضر عشبي مسجل في وزارة الصحة السعودية.
إن وجود التداوي بالأعشاب لا يغني عن الدواء بالمواد المشيدة، فالأعشاب الطبية و التي أثبت العديد منها فائدته الطبية بأبحاث علمية محكمة هو رافد من روافد الطب، إلا أن الخطورة كل الخطورة في أولئك العطارين وأصحاب الخلطات والمروجين لها و الذين يبيعون ما لا يعرفون و من الممكن أن تسبب ضررًا لمن يتناولها، وقد حذرت هيئة الدواء والغذاء أكثر من مرة من خلطات يروج لها العطارين تحتوي على مواد ذات سمية و تؤدي إلى تليف الكبد و تلف الكلية و ضرر على المرأة الحامل، بل أن بعض هذه الخلطات وجد أنه يسبب العقم، وأكثر الخلطات خطرًا تلك التي تكون على شكل أعشاب مخلوطة بالعسل.
إن على المواطن الحذر من تلك الخلطات التي يروج لها، و أن لا يشتري الأدوية العشبية إلا تلك المقننة، والتي يعرف مصدرها و تباع في الصيدليات ومراكز بيع الأغذية الصحية و التكميلية، وعلى المواطن كذلك، أن يزيل من ثقافته ذلك المفهوم بأن جميع الأدوية العشبية آمنة ١٠٠٪ أو كما يقال ( إن لم تنفع ، لن تضر ) لأن هذه المقولة خاطئة وقد يسبب هذا المنتج ضرراً دائماً للشخص يجب الحذر منه.