د. شريفة محمد العبودي
يحتوي حليب الأم، أفضل غذاء للرضّع، على 54% دهون مشبعة. وهذه النسبة يمكن أن تكون دليلاً على أهمية الدهون المشبعة للصحة. وهذه النقطة يثيرها كتاب: "النظام الغذائي الصحي المثالي: أربع نقاط لصحة متجددة وحيوية شباب وعمر طويل Perfect Health Diet: Four Steps to Renewed Health, Youthful Vitality, and Long Life". وكتاب الحمية هذا، الذي نشر في شهر أكتوبر من عام 2010م، اكتسب شهرة كبيرة منذ صدوره. فهو يقدّم نظاماً غذائياً تقوم نسب تقسيم العناصر الغذائية فيه على أنظمة سكان جزر المحيط الهادئ الغذائية الذين يتمتعون بمعدلات عالية من الصحة ومقاومة الأمراض وبأعمار طويلة. ويقوم أيضاً على فرضيّة ان جسم الإنسان يستطيع تحويل أي نوع من أنواع العناصر الغذائية الكبرى macronutrients (وهي البروتينات والدهون والنشويات) إلى أخرى، ولكن هذا التحويل قد لا يكون هو الأمثل. فلماذا يتناول الإنسان كميات كبيرة من البروتينات والجسم يحوّل البروتينات إلى سكر الجلوكوز؟ ولماذا يتناول الإنسان الكثير من النشويات والفائض عن 600 سعرة حرارية في اليوم (تختلف النسبة قليلاً حسب نشاط كل شخص وطبيعة عمله وبنيته) يتحوّل في الجسم إلى دهون مشبعة؟ ولذا يناقش الكتاب الصلات بين تعامل الجسم مع البروتينات والدهون والنشويات باستفاضة ويبسطها للقارئ غير المتخصص.
وينصح الكتاب بتجنّب مصادر السموم، وعلى رأسها سكر الفواكه (الفركتوز المحضّر تجارياً وليس الذي مصدره الفاكهة بأليافها ومعادنها وفيتاميناتها)، وتجنّب الحبوب ما عدا الأرز المقشور، وتجنّب البقول، وتجنّب أحماض النهاية-6 (أوميجا-6) الدهنيّة عديدة عدم التشبّع. وهو يقدّم معلومات وافية مدعّمة بالبحوث والدراسات عن أسباب تجنّب تلك الأطعمة. والنتيجة ان الكتاب يركّز على الحث على الاكثار من الدهون، خاصة زيت جوز الهند الذي يعدّ من الدهون المشبعة ، أي ان الكتاب يتعارض مع ما كان سائداً، فالدهون المشبعة التي مصدرها الغذاء ليست السبب في حدوث انسداد الشرايين وأمراض القلب!!
ويعود سبب نجاح الكتاب وانتشاره إلى عدّة أمور أولها ان مؤلفيه بول جامينيت وشوتشينج جامينيت باحثان متعلمان (حاصلان على درجة الدكتوراه: هو في الفيزياء الفضائية، وهي في الأحياء)، وكتابهما نتيجة خمس سنوات من التجارب التي وصلا من خلالها إلى ما عجز الطب عن علاجه وهو المشاكل الصحيّة التي كانا يعانيان منها. وقد يكون عدم تخصصهما في التغذية، كما يقول أحد النقاد، من أسباب عدم ارتباطهما بجهة تغذوية أو تنظيرية معيّنة. والأمر الثاني أن الكتاب مدعّم بالمراجع والدراسات العلميّة فتقريباً تشكّل الإشارة إلى المراجع والبحوث حوالي ثلث كل صفحات الكتاب. والأمر الثالث أن أسلوب الكتاب سهل وواضح ومع ذلك يقدّم جرعات مكثفة من المفاهيم العميقة عن التغذية والصحة.
والتوصيات التي يقدمها الكتاب هي:
1- تناول حوالي65 % من سعرات طعامك الحرارية دهون (كل جرام من الدهون به تسع سعرات حرارية، بينما في كل جرام من النشويات أو البروتينات أربع سعرات حرارية) خاصّة من دهون نباتية مثل زيت جوز الهند، أو من دهون حيوانية (ويشير المؤلفان في مدونتهما أن الشحم الحيواني الطازج أفضل من الزيوت النباتية المكررة، فالشحم فيه فوسفوتيدات وكوليسترول وعناصر غذائية يستفيد منها الجسم، وليس به سموم نباتية ولا دهون عديدة عدم التشبع).
2- تناول حوالي 20 % من سعرات طعامك الحرارية نشويات، ويفضّل الأرز المقشور والبطاطس واليام.
3- تناول 15 % من سعرات طعامك الحرارية بروتينات.
4- تناول مكملات غذائية بما يتناسب مع احتيجاتك وأسلوب حياتك.
5- قم بالصيام ليوم كامل في الأسبوع (ما أعظم ديننا)، وذلك لتحفيز عمليات حرق الطاقة وانخفاض الوزن.
والتحدث بإيجاز عن هذا الكتاب لا يفيه حقه، كما لا يعني الموافقة على كل ما ورد فيه، ولكنه ذكر يشير إلى الاتجاهات الجديدة في التغذية التي قد تكون أفضل مما اعتاد الناس عليه خاصة في ظل الزيادة المهولة للإصابات بالأمراض المستعصية. وللمزيد من المعلومات والدراسات الموثقة عن هذا النظام زوروا مدونة المؤلفين: perfecthealthdiet.com.