عملية استخدام الدواء هي عملية معقدة تمر بالعديد من التحديات على مختلف المستويات في نظام الرعاية الصحية والمكون من: الطبيب الواصف للدواء، الصيدلي، الممرض، والمريض. الأخطاء الدوائية يمكن أن تحدث في أي مرحلة من مراحل استخدام الدواء، ابتداءً بوصف الدواء بواسطة الطبيب المعالج، ومن ثم تدقيق ومراجعة الوصفة وتحضير الدواء من قبل الصيدلي، وصولاً بإعطاء الدواء للمريض بواسطة الممرض.
هناك العديد من العوامل المرتبطة بالأخطاء الدوائية، والتي تتضمن: عدم كفاية المعرفة والمهارات للعاملين في مجال الرعاية الصحية، فشل التواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى عدم الامتثال لسياسات ولوائح المنشأة الصحية فيما يتعلق بأنظمة وصف وصرف، وإعطاء الأدوية.
ما هي الأخطاء الدوائية؟ تعرّف الأخطاء الدوائية على أنها أي حدث يمكن الوقاية منه نتيجة خلل في أي مرحلة من مراحل استخدام الدواء والذي قد يسبب أو يؤدي إلى استخدام الدواء بصورة غير مناسبة أو إلحاق الضرر بالمريض.
تعتبر الأخطاء الدوائية من بين أكثر الأخطاء الطبية شيوعاً والتي تلحق الضرر بما لا يقل عن مليون ونصف المليون شخص سنوياً بالإضافة إلى الخسائر المالية الباهظة لمعالجة الأضرار الناتجة من الأخطاء الدوائية. بناءً على ذلك، فإن العديد من الأكاديميات والمنظمات العالمية التي تعنى بسلامة المرضى والأمان الدوائي تدرك مدى أهمية هذه المسألة وتدعم العديد من برامج السلامة الدوائية لتحقيق الهدف المتمثل في تحسين سلامة المرضى والوقاية من الأخطاء الدوائية.
يلعب الصيدلي دوراً مهماً وفعالاً في توجيه الاستخدام المناسب للدواء وبالتالي الوقاية من الكثير من الأخطاء الدوائية قبل وصولها للمريض، حيث ان أساس عمل الصيدلي هو التأكد من أن المريض (المقصود) سوف يتناول العلاج (الصحيح) والجرعة (الصحيحة) مما يساعد على ضمان وخلق سلامة إضافية في عملية وصف وصرف الدواء.
من مهام الصيدلي وواجباته قبل صرف الدواء للمريض التحقق مما يلي: صحة معلومات المريض (اسم المريض ورقم الملف الطبي)، الغرض من تدوين الوصفة، فعالية استخدام الدواء في حالة المريض، وجود أمراض مصاحبة تؤثر على استجابة المريض للدواء، استخدام المريض لأدوية أخرى تعمل بنفس آلية الدواء الموصوف، تحسس المريض من أنواع معينة من الأدوية والأطعمة، مراجعة نتائج التحاليل المخبرية (مثل: وظائف الكلية والكبد، تحديد مستوى بعض الأدوية في الدم، سيولة الدم، وغيرها)، التأكد من صحة الجرعات وحساباتها، كشف تعارض الأدوية مع بعضها ومع بعض الأطعمة، التأكد من تاريخ الصلاحية، شرح تعليمات تناول العلاج بصورة واضحة للمريض من حيث (الجرعة، مدة العلاج، طريقة تخزين الدواء في المنزل، والأعراض الجانبية المحتمل ظهورها من استخدام بعض الأدوية) وضمان التزام المريض بتناول العلاج بالطريقة الصحيحة.
جدير بالذكر بأن هناك العديد من الإجراءات والممارسات الواجب اتباعها للحد من الأخطاء الدوائية، ومن اهمها: فرض نظام التحقق المزدوج والمستقل Independent double- check systems للحد من الأخطاء الدوائية بوجود صيدلي آخر مستقل يتحقق من عمل الصيدلي الأول الذي قام بتعبئة الوصفة، بالإضافة إلى متابعة الإصدارات الدورية للمنظمات المعتمدة دولياً والتي تهتم بالسلامة الدوائية.
في نهاية الحديث، يجب على جميع الصيادلة والعاملين في مجال الرعاية الصحية العمل من أجل هدف مشترك وهو تحسين الخدمة المقدمة للمرضى ومراقبة وتحديد الأخطاء الدوائية لدراسة الأسباب الجذرية لحصولها وبالتالي تصحيح الممارسات الخاطئة ووضع نهج للحد منها ومنع حدوثها مستقبلاً.
منقول