لمحة عامة :
مع أن الحديث عن هذه الطريقة بدأ منذ عام ( 1964 ) إلا أن استعمالها الحقيقي لم يبدأ سوى عام ( 1977 ) عندما أجرى الطبيب السويسري ( جرونتزغ ) أول عملية توسيع لشريان تاجي بواسطة بالون ، و رغم التسهيلات التي تقدمها هذه الطريقة العلاجية الحديثة لكنها قوبلت بحذر شديد حيث أنها لم تلقى شهرتها إلا عام ( 1983 ) و أصبحت تمارس في معظم أنحاء العالم و تعطي نتائج جيدة مما أدى إلى استعمالها ليس فقط لعلاج تضيق في شريان واحد و إنما لعلاج عدة شرايين متضيقة ، كما يلجأ لها الأطباء اليوم لعلاج الحالات الطارئة و لعلاج المرضى الذين لا يتحمل وضعهم الصحي الخضوع لعملية جراحة لتطعيم الشرايين التاجية المتضيقة ، وقد حصل تقدم كبير في السنوات القليلية الماضية نتيجة ازدياد خبرة الأطباء الامر الذي أدى إلى تبني طريقة التوسيع بالبالون في حالات الإنسداد شبه الكامل للشريان و في حالات معقدة كانت تعالج في الماضي بالجراحة وحدها .
ماهوتأثير البالون على المنطقة المتضيقة في الشريان:
يعمل البالون على رص الصفيحة الدهنية المتكلسة و الصاقها بالطبقة الداخلية لجدار الشريان المحاذية لمجرى الدم مما يزيد من قطر التجويف الداخلي للشريان فيصبح كافيا لتسرب الدم خلاله بغزارة و تغذية عضلة القلب بما يلزمها من الطاقة ، و قد وصف (غرونتزغ ) كيفية عمل البالون و رص الصفيحة المتكلسة مشبها ذلك بآثار قدم انسان على الثلج .
من هم المرضى المستفيدون من عملية التوسيع :
يتم اختيار طريقة البالون و تفضيلها على الطرق الأخرى بعد إجراء دراسة دقيقة لنتائج القثطرة (التمييل) و التأكد من أنها تمثل الحل المثالي و الأكثر فائدة للمريض و التي تعطيه أحسن فرص للشفاء وتؤمن له مستقبلا خاليا من الأوجاع و المفاجآت و ذلك بالمقارنة بالعلاج الدوائي أو الجراحي .
تعد أكثر الحالات ملائمة للعلاج بالبالون و التي تعطي أحسن النتائج تلك التي يتركز فيها التضيق في الجزء الرئيسي الواسع من الشريان دون أن يمتد لأكثر من عدة مليمترات و دون أن تكون الإصابة قد مست بشريان جانبي متفرع منه .
وليس من الضروري أن يقتصر التوسيع على تضيق في شريان واحد بل من الممكن القيام بتوسيع عدة شرايين في الوقت ذاته إذا كان موقع التضيق و إمتداده يسمحان بذلك ، و رغم أن التوسيع بالبالون قد تطور في السنوات الإخيرة ليشمل حالات الإنسداد شبه الكامل و المحدودة لأحد الشرايين التاجية إلا أن الأطباء يفضلون الآن في الحالات الصعبة وضع اسطوانة شبكية ( stent ) في مكان التضيق بعد توسيعه بالبالون وذلك لضمان نتيجة أفضل على المدى البعيد ، وهكذا يمكن القول بأن توسيع الشرايين بالبالون تعد الطريقة الأسهل و المفضلة في أغلب الحالات التي يكون فيها التضيق محدودا لدى المصابين بالذبحة الصدرية و الذين لم يلمسوا تحسنا كافيا بعد مرور فترة على تلقيهم العلاج الطبي المناسب لوضعهم .
وكذلك يستفيد من التوسيع بالبالون المرضى الذين أصيبوا بذبحة صدرية غير مستقرة أو باحتشاء في عضلة القلب و أظهرت القثطرة وجود تضيقات في شريان أو أكثر من الشرايين التاجية يمكن للطبيب توسيعها دون الحاجة لإجراء عملية جراحية.
و يمكن استعمال التوسيع بالبالون لعلاج انسداد متكرر في شريان سبق توسيعه أو تطعيمه .
وأخيرا فإن التوسيع بالبالون يجب أن يبقى الطريقة المفضلة لعلاج المرضى الذين لديهم تضيقات في الشرايين التاجية مصحوبة بالألم حتى أثناء استراحتهم رغم تلقيهم علاجا دوائيا مكثفا و لكن وضعهم الصحي العام لا يسمح لهم بخضوعهم لعملية جراحية كبيرة .
كيف تتم عملية التوسيع بالبالون :
تثير كلمة ( عملية ) بحد ذاتها الفزع في النفوس ، فاستعمال البالون لتوسيع الشرايين يمكن اعتباره وسيلة علاجية تكنولوجية متطورة يمكنها في حالات عديدة التعويض عن عملية جراحية ، و تمكن تيار الدم من العودة للسريان دون عائق عبر الشريان المتضيق ، و يتم اتخاذ الخطوات ذاتها المتبعة لدى إجراء قثطرة للشرايين التاجية ، و لكن من المفضل إذا لم تكن الحالة طارئة و يكون المريض قد تلقى علاجا يحتوي على مقاوم للصفائح الدموية مثل الأسبرين أو التيكلوبيدين . ويتم اتخاذ القرار باجراء توسيع الشرايين المتضيقة بعد دراسة نتائج القثطرة التي تستطيع وحدها تقييم الأضرار التي لحقت بالشرايين بوضوح و دقة ، و في بعض الحالات يقوم الطبيب بتوسيع الشرايين خلال عملية القثطرة نفسها ، بينما في حالات أخرى غير طارئة تجري عملية التوسيع في وقت لاحق بعد شرح ما أظهرته القثطرة للمريض و عائلته و توضيح إمكانيات العلاج الأخرى المتوفرة و ما يناسب وضع المريض.
أما بالنسبة للمريض فلا يوجد فرق كبير بين القثطرة بحد ذاتها و التوسيع بالبالون ، فالتوسيع يتم في غرفة القثطرة التي سبق له زيارتها و يجري تحت تخدير موضعي لمنطقة ثنية الفخد في أغلب الحالات ، و بعد وخز الشريان الفخدي يقوم طبيب القلب بادخال قثطار رفيع خاص يدفعه حتى يصل إلى الشريان التاجي المتضيق الذي جرت قثطرته مسبقا ، و يحتوي هذا القثطار في رأسه على بالون دقيق يدسه الطبيب في منطقة التضيق تحت مراقبة مستمرة على شاشة التلفزيون التي أمامه ، و بعد إعادة حقن الشريان بالسائل الملون المستعمل للقثطرة و التأكد من أن وضع البالون مناسب جدا داخل منطقة التضيق يقوم بنفخ البالون على عدة دفعات و بقوة تدريجية حتى يتأكد من أن الصفيحة المتكلسة قد جرى رصها و الصاقها بالجدار الداخلي للشريان بصورة تسمح بمرور الدم إلى عضلة القلب عبر التجويف الداخلي للشريان دون عائق ، و في نهاية التوسع يقوم الطبيب مجددا باعادة تصوير الشريان بعد توسيعه للتأكد من نجاح عمله .
ورغم الخبرة التي اكتسبها أطباء القلب في مجال استعمال البالون و رغم النسبة الضئيلة من المضاعفات إلا أن بعض الأطباء يفضلون من باب الحيطة و الحذر القيام بعملية التوسيع هذه بعد التأكد من وجود غرفة عمليات غير مشغولة و أن أحد جراحي القلب موجودا في المستشفى .