جلطة الدماغ قد تأتي متخفية في ثياب جلطة القلب !!
كلاهما جلطة القلب وجلطة الدماغ من أخطر الامراض التي تصيب أهم جهازين في الجسم البشري..وتزداد الخطورة كثيرا عندما تجتمعان معا في نفس المريض ونفس الوقت..وخصوصا عندما تكون احدى الجلطتين غير واضحة في بداية الحالة وغطت عليها الجلطة الاخرى بأعراضها ؟!.. وقد رأيت عدة حالات من هذا النوع حديثاً ووجدت عدة تساؤلات من المرضى وأهليهم: كيف حصلتا معا؟؟ ولماذا ؟؟..وكذلك من الاطباء: في كيفية تشخيص تلك الحالات؟؟ وكيفية التعامل مع هؤلاء المرضى من ناحية العلاج؟؟..والمشكلة انه في بداية الحالة قد يكون التشخيص الدقيق أمرا صعبا..وبالتالي فإنه محير لبعض الاطباء وبالتالي تقع عائلة المريض في حيرة وردة فعل غاضبة فيقولون
الاطباء مايعرفون وش فيه !! مره يقولون جلطة في الراس!! ومرة يقولون في القلب)!!
العوامل المسببة متماثلة:
تشترك جلطتا القلب والدماغ في ان العوامل التي تؤدي اليهما مشتركة !!لأنها نفس العوامل التي تؤثر على الاوعية الدموية... وهي :التدخين,السكري, ارتفاع الكلسترول وارتفاع الضغط وقلة النشاط البدني وقلة تناول الفواكه والخضروات والضغوط النفسية والاجتماعية.
الدماغ والقلب كل منهما يؤثر على الآخر ويتأثر به
الدماغ والقلب بينهما تواصل عصبي وهرموني كثيف ويؤثر كل منهما على الآخر في وظيفته او في اتلاف جزء من خلاياه ..فمثلا جلطة الدماغ عند حدوثها قد تسبب اختلالا في كهرباء القلب مثل الرجفان الاذيني او ضعف العضلة الشديد او اتلاف جزء من عضلة القلب (جلطة القلب) بسبب سيل التيارات العصبية والهرمونية التي ترسل من الدماغ الى القلب في حال حدوث جلطة كبيرة في الدماغ ..وفي المقابل فإن جلطة القلب قد تسبب خللا وظيفيا في الدماغ او اتلاف جزء من خلاياه (جلطة دماغية) فمثلا من المعروف ان ضعف عضلة القلب من الممكن ان يأتي بصورة هلوسة وهذيان (مثل صورة مرض الفصام) في حوالي 1-5% من الحالات وكذلك فإن بعض انواع جلطات القلب بعد حدوثها تؤدي الى تخثر دموي على جدار القلب وقد ترسل جزءاً من تلك الخثرات الى الدماغ فتسبب تلف جزء منه وذلك مايسمى ب ( جلطة الدماغ) .
تصنيف الحالات التي تحدث فيها جلطتا الدماغ والقلب معا..
ومن رحمة الله وتخفيفه أن الغالبية العظمى من حالات جلطات القلب والدماغ تحدثان كل منهما على حدة.. ونادرا ماتحدثان معا في نفس الوقت وفي نفس المريض وفي ذلك ثلاثة انواع :
الأول : (وهو الاغلب) ان تحدث جلطة الدماغ أولا وبالذات كبيرة الحجم وخلال 48-72 ساعة تحدث جلطة القلب بسبب زيادة الإفراز العصبي السمبتاوي وتظهر بعد ذلك جميع صفات الجلطة القلبية في التخطيط والانزيمات والاعراض.. ويمكن معرفة السياق الزمني بمراجعة صور الجلطة الدماغية بالاشعة المغناطيسية وتحديد الوقت الذي حدثت فيه جلطة الدماغ بالتغيرات الحيوية التي تطرأ على شكل الجلطة في الاشعة المغناطيسية مثل فقدان التورم في الانسجة وعمر النزيف اذا كان هناك نزيف داخل جلطة الدماغ.
الثاني: (وهو الاقل حدوثاً) ان تحدث جلطة القلب اولا وقد تكون بدون اعراض نهائيا كما يحصل في 30% من مرضى السكر كبار السن ثم خلال خمسة الى سبعة ايام يحصل رجفان اذيني او تجلط الخثرة على جدار القلب وبالتالي انتقال جزء من تلك الخثرة الى الدماغ وحدوث الجلطة الدماغية.. ويمكن تحديد عمر الجلطة القلبية بمراجعة سياق الانزيمات القلبية.
الثالث: (أندرها على الاطلاق ) ان تحدثا معاً في نفس الوقت ونفس المريض وهذا النوع اخطرها جميعا ويكون السبب في الغالب التهابا حادا في جدار الأوعية الدموية الدقيقة ويؤثر على وظائف اعضاء اخرى في الجسم .
خطورة حصول الجلطتين في نفس المريض:
ترتفع نسبة الوفيات داخل المستشفى الى ثلاثة اضعاف الطبيعي من حوالي 11% في حال الجلطة الدماغية او 6% في حال الجلطة القلبية الى 18%عند حدوثهما معا وحتى وان نجا من الوفاة فإن نسبة الاعاقة بسبب جلطة الدماغ ترتفع الى 80% ولذلك فإن معرفة الطبيب في كيفية تشخيصهما ومحاولة منع حدوث الجلطة الاخرى بشتى الطرق يساهم كثيرا في تخفيف نسبة الوفيات لهؤلاء المرضى ولذلك وجب التنويه عنه.
الاخطاء الشائعة وكيف نتجنبها:
1. عدم اعطاء مذيبات التخثرللجلطة القلبية thrombolyticsاو مسيلات الدم في حال وجود نقص في وعي المريض او هذيان او ضعف في احد اطرافه او تنميل حتى يتم التأكد من عدم وجود الجلطة الدماغية لانها بذلك تتحول الجلطة البسيطة الى نزيف دماغي وهذا مما يدهور حالة المريض ويزيد المضاعفات ويقلل فرص التحسن الحركي والوظيفي للدماغ.
2. الاشعة المقطعية ليست دقيقة في نفي حدوث الجلطه الدماغية خلال 24 ساعة الاولى فكونها طبيعية لايعني ان المريض ليس لديه جلطة دماغية خلال تلك الفترة.
3. المسارعة الى استخدام مسيلات الجلطة في الجلطة القلبية حسب الضوابط العلمية المنشورة وعدم انتظار تكون الخثرة الدموية على جدار القلب ومن ثم معالجتها.
الخلاصة:
انه في بعض الحالات لاتأتي جلطة الدماغ بالطريقة التقليدية على شكل ضعف وتنميل في احد اعضاء الجسم وانما تأتي بأعراض احدى مضاعفاتها على القلب مثل اختلال نبضات القلب او تجمع السوائل في الرئتين او الجلطة القلبية والعكس صحيح ولذلك اهمية قصوى في زيادة الوعي عند المريض واهله والطبيب لمعالجة المرض الاصلي ومضاعفاته مع الابتعاد عن مضاعفات الادوية لما في ذلك من تأثير كبير على تحسن حالته خلال وجوده في المستشفى او بعد مغادرته.
منقول