يعتبر مرض السكري من أكثر الأمراض تأثيرا على الأوعية الدموية والقلب والشرايين، ومن أهم مسببات الجلطة الدماغية والذبحة الصدرية وتصلب الشرايين. وهي سلبيات يشترك في حدوثها التدخين وما يحويه من سموم النيكوتين ونحوها، كونه هو الآخر من أهم مسببات ذلك. ولذا إذا ما اقترن هذان المرضان سوية واجتمعا في شخص إلا كان تأثيرهما السلبي مضاعفا وبالغا ، وسوف نستعرض بعض آثار التدخين السلبية على مريض السكري خاصة وعلى الشخص السليم عامة.
أولا:التدخين قد يكون من مسببات مرض السكري النوع الثاني:
كما هو معروف أن مرض السكري النوع الثاني يكون بسبب ضعف مستقبلات الإنسولين وعدم استجابة هذه المستقبلات للإنسولين. وهناك بعض المؤشرات التي تدل على التدخين قد يضعف هذه المستقبلات مما قد يسارع في إصابة الشخص بمرض السكري النوع الثاني. كما أن هناك مؤشرات أخرى تدل على أن التدخين قد يؤثر سلبا على إفراز هرمون الإنسولين مسببا مرض السكري الفاقد لهرمون الإنسولين وليس فقط إضعاف مستقبالاته. ولذا فإن التدخين يؤثر على الإنسولين من طريقين وليس فقط طريق واحد.
ثانيا: التدخين مساعد للإصابة بمضاعفات السكري النوع الثاني:
كما ذكرنا سابقا أن مرض السكري والتدخين كلاهما من مسببات الجلطة الدماغية والذبحة الصدرية وتصلب الشرايين وكذلك من مسببات ارتفاع ضغط الدم والنزيف الدماغي والشبكي أيضا. ولذا يعتبر مرض السكري محفزا لمضاعفات التدخين الجسدية، وكذلك التدخين من محفزات مضاعفات مرض السكري الجسمية. ويعتبر مرض السكري وكذلك التدخين من محفزات حدوث الأورام وخاصة لدى مرضى السكري غير المنتظمين في العلاج، فيعرف على سبيل المثال أن التدخين من أهم مسببات الأورام المختلفة في الفم والأمعاء والرئة وكذلك مرض السكري فقد يرتبط بأورام الثدي والقولون والبنكرياس وغيرها. واللافت في الأمر أن نسبة حدوث هذه المضاعفات ترتبط بعدد السجائر المدخنة وبمدة فترة التدخين وكذلك بفترة الإصابة بمرض السكري وبدرجة عدم الانتظام بالعلاج. ومن المضاعفات الأخرى التي تزداد نسبة حدوثها هي تأثير التدخين على العين والشبكية والكلى والشرايين التاجية والأعصاب المختلفة والجلد ونحوها. كما أن التدخين يؤثر سلبا على المثانة وكذلك مريض السكري الذي يكون أكثر عرضة للالتهابات البولية. فعادة التدخين ومرض السكري يعتبران من مسببات المشاكل البولية وبالتالي المشاكل الكلوية. وقد حذرت الجمعية الألمانية لمرضى السكري من أن التدخين يُفاقم أضرار العيون والكلى لدى مرضى السكري، كونه يتسبب في تسارع وتيرة التغيرات المرضية التي تطرأ على الأوعية الدموية بالعيون والكلى، والتي يكون قد لحق بها التلف بالفعل لدى مرضى السكري. وتستند الجمعية الألمانية التي تتخذ من مدينة دوسلدورف مقراً لها إلى نتائج إحدى الدراسات، التي أثبتت أن معدل إصابة مرضى السكري المدخنين باضطرابات سريان الدم في العينين يزداد بمقدار مرتين ونصف تقريباً عن غيرهم من المرضى غير المدخنين وخلال هذه الدراسة، تم ملاحظة زيادة إفراز البروتين في البول لدى مرضى السكري المدخنين بمعدل يصل إلى ستة أضعاف تقريباً أكثر من غيرهم من المرضى غير المدخنين، مما يشير إلى وجود أضرار جسيمة في الكُلى. وأشارت الرابطة الألمانية إلى أن ارتفاع نسب البروتين في البول قد يرجع أيضاً إلى عدم انتظام معدلات السكر بالدم، مع العلم بأن التدخين يتسبب أيضاً في ارتفاع نسب الكوليسترول بالدم لدى مرضى السكري.
ثالثا: التدخين يزيد من صعوبة التحكم بسكر الدم:
من المعروف أن مرض السكري يتصف بتذبذب مستوى السكر في الدم خاصة لدى الأشخاص غير المتحكمين في الطعام والرياضة والحركة ولعل التدخين من مسببات هذا التذبذب والتأرجح، خاصة أنه أن يؤثر سلبا على مستوى هضم الطعام ومدى امتصاصه. فيكون بذلك عاملا إضافيا لعدم التحكم بمستوى السكر في الدم.
رابعا: مرض السكري والتدخين والضعف الجنسي:
لعل من دوافع الضعف الجنسي مرض السكري لما له من تأثير على الأوعية الدموية وكذلك التدخين. فقد أوضحت المشاهدات البحثية أن مريض السكري المدخن أكثر عرضة للإصابة بالضعف الجنسي والعنة والبرود الجنسي وسرعة القذف ونحوها.
خامسا: بعض المؤشرات الأخرى المتفرقة:
من المعروف أن التدخين يرتبط بارتفاع الدهون وكذلك مرض السكري فهو من أهم مسببات زيادة الكلوستيرول والدهون عامة. كما أن التدخين يؤثر على الصفائح الدموية ويجعلها في حالة تجمع وتلاصق وبالتالي تزيد من احتمالية الجلطة وتخثر الدم. ومن الملاحظ أن التوقف عن التدخين يزيد من الوزن عند الإناث أكثر من الرجال نتيجة زيادة في شهية الأكل. كما أثبتت الدراسات أن التدخين بعشرين سيجارة في اليوم الواحد يزيد من نسبة الإصابة بمرض السكري النوع الثاني بثلاثة أضعاف عنه في غير المدخنين كما ذكرنا سابقا. وأيضاً كلما بدأ المدخن التدخين في سن أصغر فإن نسبة ظهور مرض السكري أكبر وذلك بعد مرور 6-8 سنوات بعد التدخين.
ومن غرائب الدراسات تلك دراسة التي أوردتها العربية نت على صفحتها والمنشورة في إحدى المجلات الطبية والتي تشير الى أن التدخين والبدانة ومرض السكري في منتصف العمر قد تتسبب في انكماش المخ، ما يؤدي لتراجع القدرة العقلية بعد فترة تصل إلى 10 سنوات. حيث وجد الباحثون في دراسة لتقييم أكثر من ألف شخص، كان متوسط عمرهم 54 عاماً عند مشاركتهم في الدراسة، أن التدخين وضغط الدم المرتفع ومرض البول السكري والوزن الزائد جميعها ترتبط بتغيرات خطيرة في الأوعية الدموية بالمخ. وقام باحثون في هذه الدراسة التي نشرت أخيراً في مجلة الأعصاب بعمل اختبارات لقياس ضغط الدم ومستوى الكولسترول والسكر لأفراد العينة، بالإضافة لقياس كتلة الجسم ومحيط الخصر. كما خضع المشاركون لصور أشعة مقطعية على المخ عبر سنوات الدراسة التي استمرت لعقد من الزمان. وقد تمّ تجنيب الأشخاص الذين ثبت إصابتهم بالسكتة والعته. وبين أول وآخر أشعة ثبت إصابة 19 شخصاً بالسكتة وأصيب شخصان بالعته. أما الأشخاص الذين كانوا يعانون من ضغط الدم المرتفع فقد سجلوا تراجعاً سريعاً في اختبارات القدرة على التخطيط واتخاذ القرار الناتجة عن معدلات أعلى لنمو مناطق عطب أوعية المخ أكثر من الأشخاص الذين يتمتعون بضغط دم طبيعي.بينما الأشخاص الذين يعانون الإصابة بالسكري في منتصف العمر فقد عانوا من انكماش في حجم المخ في المنطقة المعروفة بقرن آمون، كما سجل المدخنون فقداً عاماً في حجم المخ أكثر من غير المدخنين مع زيادة في معدل مناطق العطب بالأوعية الدموية بالمخ. في حين أن الأشخاص الذين يعانون البدانة في منتصف العمر كانوا أكثر عرضة لتراجع الوظائف التنفيذية، والأشخاص الذين لديهم معدلات عالية في حجم الخصر كانوا أكثر عرضة لتراجع أسرع في حجم المخ. فإن كان مرض السكري قد يؤثر على المخ وحجمه والقدرة الذهنية فمن المقبول أيضا الاعتقاد أن المشكلة ستكون أكبر إن كان هناك عوامل أخرى ضارة صاحبت هذا المرض مثل التدخين وغيره.
منقول