د. زياد الريس *
القلق يشكل جزء لا يتجزأ من حياتنا كبشر فنحن نقلق على انفسنا ومستقبلنا وابنائنا والدينا وكل من يهمنا امرة، نقلق من العمل ونقلق من قيادة السيارة ونقلق من ركوب الطائرة وكذلك في بعض المناسبات نقلق من اختيار الكلام ونوع اللباس ومقابلة ناس جدد، فالقلق والحياة يشكلان ثنائياً ونادراً ما ينفصلان عن بعضهما ولكن هل القلق مضر ام مفيد؟
أنواع القلق
القلق ينقسم إلى نوعان اساسيان القلق المفيد والقلق المضر، فالقلق المفيد هو ما يسهم في زيادة انتاجية الانسان في حال تعرض لضغوطات شديدة وهو يسهم في زيادة التركيز وفيه يزداد افراز هرمونات معينة للمساهمة في هذه الحالة الجسدية والنفسية، فيزداد هرمون الكورتيزون ويزداد السكر في الدم ويحصل ذلك جليا في حالة الاختبارات عند ابنائنا واخوتنا الطلاب، فحالة الاستنفار تستمر طيلة فترة الامتحانات في معظم الاحيان وبتوفيق الله تؤتي الثمار، ومثل ذلك حين يطلب من المنتجين والفاعلين في المجتمع انهاء مهمة ما قبل الموعد المحدد لتسليمها، فهذا النوع من الضغط والقلق يساعد الانسان وهو مفيد مادام يزيد من مدى الانتاجية ولكن لكل انسان طاقة استيعابية ففي حال زاد القلق عن المستوي المسيطر عليه تنتاب الشخص اعراض يصعب تفسيرها وتحد من انتاجيته وهذا ما نعنيه بالقلق المرضي، فالأمراض النفسية تصيب ما نسبته 20% من المجتمع وامراض العصاب تشكل السواد الاعظم من الامراض النفسية والقلق جزء منها وتكون في قمتها في منتصف العمر حيث ذكر في الولايات المتحدة ان نسبة حصول القلق المرضي عند من تتراوح اعمارهم بين 45-49 سنة تقربيا 8% ونسبته في النساء هي ضعف ما عند الرجال، وتكمن اعراض القلق في فرط القلق مما يصعب التحكم فيه غالب الايام خلال آخر ستة اشهر مما يجعل الانسان في عزلة عن المجتمع ويحد من انتاجيته وقد يعرضة لادمان الكحول او المخدرات ايضا، والمصاب بالقلق المرضي يكون حاد الطباع سريع الغضب من ابسط الامور تتسارع نبضات قلبه ومعدل تنفسه من دون وجود خلل عضوي، فمن المهم تشخيص الحالة عن طريق تقييم نفسي كامل للشخص المصاب وعدم اغفال ان هذه الاعراض قد تكون بسبب الادمان، وان كان هناك تاريخ لامراض نفسية في العائلة فذلك يزيد من امكانية الاصابة.
علاج القلق
التخلص من القلق والضغوط الضارة مهم في حياة المرء السوي النفسية وتكمن في التالي:
1- تنظيم الوقت وعدم تاجيل عمل اليوم للغد فكل ما اجتمع العمل ولم ينجز كلما زاد الضغط وقلة دقة العمل وصعب التعامل معه.
2- التكيف مع الواقع: فالشخص الناجح يتاقلم في كل الظروف ويرى المشاكل التي يواجها فرصاً للتطور وتحسين الذات فالتفاؤل في الحياة مهم وخصوصا لنا نحن المسلمون.
3- الحلم والصبر فقد قال صلى الله عليه وسلم "إنما الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم" فتدريب الشخص ذاته على تحمل كافة المشاق والمتاعب التي لا تخلو منها الحياة ومن المهم وضع برنامج للاسترخاء سواء بالرياضة او قراءة القرآن او قراءة الكتب كجزء من روتين الشخص.
4- بالنسبة للقلق المرض هناك جلسات العلاج النفسي وهناك عدة انواع من الادوية المحفزة لمادة السيراتونين في الدماغ و يتم اختيارها بحسب حالة المريض او وجود امراض نفسية اخرى مصاحبة مثل الاكتئاب.
وفي النهاية ننصح بمراجعة طبيبك قبل البدء بأي دواء والقلق جزء من الحياة فدعوا القلق وابدأوا الحياة.
منقول