سؤال طريف دائماً ما يتردد: لماذا يكثر نسل الفقراء أكثر من الأغنياء؟
الإفراط في تناول الأطعمة المغذية.. قد يؤدي إلى العقم!
الخضار والفواكه أكثر فائدة للجسم
يقول الدكتور صبري القباني (هناك سؤال طريف.. كثيرا ما يتردد دون وجود جواب واضح له وهو: لماذا يكثر نسل الفقراء اأكثر من الاغنياء؟)
السؤال صحيح.. فغالبا ما نجد مناطق الفقراء تعج بالأطفال بينما مناطق الاغنياء يقل فيها عدد الاطفال، وقد يكون ذلك بسبب الثقافة والوعي حيث اصبحت الحياة اليوم مختلفة عن السابق من حيث مصاعب الحياة، وأيضا تزيد نسبة عدم الانجاب لدى الفئة الغنية مقارنة بالفئة الفقيرة. والطريف في الامر ان عيادات الانجاب تستقبل كلا الفئتين فالأغنياء يريدون الانجاب والفقراء يريدون حلولا لتحديد النسل.
من هذا المنطلق اهتمت باحثتان من جامعة شيكاغو للعلوم الحيوية بالولايات المتحدة الامريكية لإيجاد تعليل علمي لهذا الامر وقد توصلتا من خلال ابحاثهما الى نتيجة مذهلة وهي ان الاغنياء اكثر تعرضا لعدم الانجاب بسبب افراطهم في تناول الطعام الدسم بشكل يزيد عن احتياج الجسم، وقد اهتم الدكتور انطوان كارلسون ومساعده الدكتور فريدريك هويلزل بالتأكد من هذه النظرية، فقاما بسلسلة طويلة من التجارب والدراسات والمقارنات واستخدما عشرات فئران التجارب نظرا لتشابه تركيب جسم الانسان والفأر حيث ان كليهما ينتميان للفصيلة اللبونه، وأيضا غذاؤهما متشابه الى حد كبير. لقد قسم الباحثان الفئران الى ثلاث فئات.. كل فئة اعطيت غذاء مختلفا عن الاخرى، الفئة الاولى اعطيت اغذية دسمة غنية بالمواد المغذية، وأعطيت الفئة الثانية اطعمة معتدلة، والفئة الثالثة اعطيت كمية قليلة من الاطعمة. توصل الباحثان الى ان الفئة الاولى بعد الجيل الثالث انعدم لديها التناسل بينما استطاعت الفئتان الاخريان الحفاظ على نسلهما رغم ضعف كمية وقيمة الغذاء وخاصة الفئة الثالثة. لقد اكد الباحثان ان النتائج التي حصلا عليها عبر الفئران تتطابق على البشر نظرا للتشابه النوعي بينهما وأيضا من خلال الحياة الاجتماعية للأغنياء والإحصاءات المثبتة، ولعل الصين والهند واندونيسيا دليل على هذا الامر حيث ان هذه الدول تعد من الدول الفقيرة وأيضا اعلى نسبة سكان فيها.
لقد نادى الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر منذ حوالي مائة عام بهذه النظرية حيث قال: ان افراط الانسان في تناول الاطعمة المغذية قد يؤدي الى اصابته بالعقم.. وان نسبة تزايد الولادة في ايرلندا وتضاؤلها في انجلترا يعود الى التباين في النظام الغذائي لكل من الشعبين.
الباحثون يعللون هذه الظاهرة التي ثبتت صحتها على الحيوان بشكل قاطع ان هذه الحيوانات تصاب بالسمنة جراء كثرة الطعام والتي بدورها تؤثر على نشاط الغدد وعلى القدرة على التناسل بكثرة، ومن المعروف ان البدين يكون اقل نشاطا من الناحية الجسمية والجنسية مقارنه بغيرهم نظرا لاعتدال التوازن في مفرزات الغدد الصماء لديهم.
إن العبرة ليست في كمية الطعام الذي يأكله الانسان بل في القيمة الغذائية لهذا الغذاء ومحتواه بالمواد التي يحتاج لها الجسم من معادن وفيتامينات وعواملها المهضمة والمنشطة. ان الوجبة المثالية هي تلك الوجبة التي تحتوي على العناصر الغذائية الخمسة التي لا غنى للجسم عنها وهي المواد الدهنية والمعادن والفيتامينات والكربوهيدرات والمواد البروتينية، ولابد ان يكون هناك توازن بين هذه العناصر، فإذا اكثر الانسان من تناول اصناف تحتوي على العنصر نفسه ادى الى اصابته بما يسمى بالإثقال، واهم انواع الاثقال هي الاثقال بالمواد الدهنية والنشوية والبروتينية، ويعتبر الاثقال بالمواد البروتينية اكثر الانواع شيوعا، فقد يتناول الانسان وجبة مكونة من السمك واللحم والبيض وجميعها تحتوي على نفس المصدر وهو البروتين.. ونوع واحد منها يفي بالغرض الغذائي للجسم، وكثيرا ما يحدث ان الانسان يتناول عددا من الحبوب الجافة كالفاصوليا والفول والعدس والحمص فيشعر بثقل في معدته إذ يصيبها بالإثقال في مادتين بروتينيتين حيوانية ونباتية مع العلم ان مصدرا بروتينيا واحدا يكفي في الوجبة الواحدة.
هناك اعتقاد شائع وخاطئ وهو ان الامتناع عن تناول اللحم هو الامتناع عن المواد البروتينية (لطرد البولينا من الجسم) مع العلم ان البروتين يأتي من الحيوان ويفضل المناوبة بين هذه العناصر النباتية والحيوانية شريطة عدم الاكثار او الخلط بينها حيث ان الاكثار او الخلط يسبب الاثقال والذي قد يؤدي الى عواقب مرضية غير محمودة.
وكذلك الاثقال بالمواد الدهنية فهو شائع ويعود السبب في ذلك الى غنى طعامنا بهذه المواد، ويعتقد البعض عند الحديث عن الدهون ان مصادرها السمن والزبدة والزيت وهذا اعتقاد خاطئ حيث ان هناك مواد دهنية في الحليب والجبن والبيض واللحوم وبعض الفواكه والثمار الزيتية. ان حاجة الجسم للدهون تتراوح ما بين 50-60 جراماً في اليوم كمعدل طبيعي، وإذا زاد عن هذا المعدل يتحول الى اثقال لا سيما اذا كان يعتقد ان الجبن او الحليب او اللحم لا تعتبر مواد دهنية.
ان هذه المواد الدهنية هي السبب الرئيسي في تكون الكوليسترول في كيس الصفراء واقنية الكبد والأوعية الدموية حيث يسبب تصلب الشرايين ومن ثم الذبحات الصدرية والسكتات الدماغية وغيرها.
وقد يحدث ان يصاب البعض بفرط الافراز الدهني وقد يحاولون معالجة ذلك بأدوية موضعية وهم لا يعلمون ان مصدر هذا الافراز الدهني يأتي من داخل الجسم، فالكبد حين يعجز عن هضم المواد الدهنية التي تصل اليه يطردها وتتشكل بعد ذلك على هيئة افرازات دهنية مفرطة ولا يخطر على بال البعض ان سببها الافراط في تناول الدهون.
ان وجبه تتكون من الحبوب الزيتية والزيت والفواكه الزيتية تكفي لتزويد الجسم بحاجته من المواد الدهنية، وهذه المواد تكون اسهل هضما من المواد الدهنية المصنعة او المواد الدهنية الحيوانية وعلى هذا نستطيع ان نقيس مدى الضرر الذي يلحق بنا عندما نثقل اجسامنا بأغذية دهنية متعددة، بل ان رواسب هذه الدهون تتشكل على هيئة كوليسترول يسبب مشاكل صحية متعددة، وكثيرا ما نرى اشخاصا يثقلون على اجهزتهم الهضمية بالنشويات مثل البطاطس والأرز والمكرونة والمعجنات ويعانون بعد ذلك من اضطرابات هضمية ومعوية ووهن في العضلات والانسجة.
وهناك نباتيون يدعون بدون علم التعويض عن تناول المواد البروتينية والدهنية بالإكثار من المواد النشوية وهذه نظرية خاطئة، فالاعتدال هو مبدأ الطبيعة ومخالفة هذا المبدأ يعود سلبا على الانسان، فالإكثار من النشويات يؤدي بما يحدثه من تخمرات الى تناقص معدل الكالسيوم في الجسم، والبعض ممن يمتنعون عن تناول السكريات يعتقدون انهم اتقوا محاذيره ولكنهم في نفس الوقت يأكلون الرز والمكرونة والبطاطس وغيرها من النشويات ولا يعلمون انها تحتوي على 80% من السكر عند تحولها داخل الجسم، وان الافراط في تناول السكريات والنشويات يسبب نقصاً في المواد الكلسية واضطرابات في التوازن المعدني خاصة المغنيسيوم والفوسفور.
ان الجسم يرفض أي اثقال من أي نوع مما ذكرت آنفا او خلطها، وأكرر القول بأن العبرة ليست في كمية ما يدخل الجسم بل النوع والمحتوى.
ان ضعف الجسم ووهنه ليسا من قلة التغذية فقط بل قد يتسبب الافراط في الطعام بنفس النتيجة بل وكثير من الامراض والكوابيس المزعجة.
ان الهدف الاساسي من الغذاء هو الحفاظ على حيوية الجسم وصحته ونموه ووقايته من الامراض وهذا لا يتحقق إلا عن طريق مبدأ الاعتدال وأيضا الوعي بطبيعة انواع الطعام وتركيبه وتأثيره وعلاقته مع سواه من الاغذية، هذا هو طريق الاستمتاع بصحة وحيوية، ولعل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم خير دليل حيث قال: المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء.
منقول