توقف التنفس أثناء النوم.. ما علاقتة بالسكتة الدماغية؟
اعداد: أ.د.أحمد سالم باهمام أستاذ الأمراض الصدرية وطب النوم
النوم نعمة كبيرة من الله. يسترد فيه الجسم عافيته وترتاح بعض الأعضاء المهمة من جهد النهار. ويعتبر الجهاز الدوري والقلب أحد أهم الأعضاء التي تستفيد من النوم. والنوم مهم لعدد كبير من أعضاء الجسم ولكن أهميته للجهاز الدوري ووظائفه تعتبر من أهم وظائف النوم. وتعتبر التغيرات التي تحدث للجهاز الدوري والأوعية الدموية وضغط الدم خلال النوم أحد أهم المواضيع الطبية التي أكدت أهمية النوم وأهمية علاج اضطرابات النوم.
هناك بعض الأمراض الخطيرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بسبب تغير نمط الحياة وزيادة الوزن ولكنها لم تأخذ حقها من الاهتمام والوعي لخطورتها. من هذه الأمراض، مرض توقف التنفس أثناء النوم والذي من علاماته الشخير المزعج والاختناق(الشرقة) أثناء النوم. ويعتبر من أكثر الأمراض شيوعا في الوقت الحاضر وهو أحد أمراض العصر. وعدا عن كون المرض يسبب اضطراب النوم ليلا والنعاس والخمول وضعف التركيز نهارا، فإن له مضاعفات عضوية كثيرة على أعضاء الجسم المهمة كالقلب والدماغ. والمرض ينتج عن ضيق مجرى التنفس العلوي (البلعوم) خلال النوم مما ينتج عنه انسداد متكرر كامل أو جزئي للحلق وهذا يسبب نقصا حادا ومتكررا للأكسجين في الدم مما يطلق عوامل الأكسدة في الدم ويرفع ضغط الدم ويهيج الجهاز العصبي الخاص بالتوتر ويطلق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول بكميات كبيرة خلال النوم وهو ما يخالف طبيعة الجسم حيث إن مستوى هذه الهرمونات يقل خلال النوم، كما يهدأ الجهاز العصبي الخاص بالتوتر عند الأشخاص الطبيعيين مما يؤدي إلى راحة القلب والدماغ ونقص دقات القلب والضغط. أما عند المصابين بتوقف التنفس أثناء النوم فإن الضغط يرتفع ودقات القلب تزداد خلال النوم. وتوقف التنفس عند الإنسان الطبيعي البالغ لا يزيد على 5 مرات بالساعة ويعتبر توقف التنفس من 5-15 مرة بالساعة خفيفا ومن 16-30 مرة بالساعة متوسطا أما ما زاد على الثلاثين مرة في الساعة فيعتبر شديدا. التغيرات العضوية الناتجة عن التوقف المتكرر للتنفس اثناء النوم تؤدي إلى تغيرات مرضية في الجسم تزيد من احتمال حودث الجلطات. من هذه التغيرات الارتفاع الحاد المتكرر في ضغط الدم مع كل توقف للتنفس وحودث تغيرات على المستوى الجزيئي في الجسم تزيد من احتمال حدوث تصلب للشرايين وهو من أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى السكتة (الجلطة) الدماغية التي أظهر الكثير من الأبحاث الحديثة وجود رابط قوي بينها وبين توقف التنفس أثناء النوم.
* ما هي السكتة الدماغية؟
- السكتة الدماغية تشير إلى حدوث عطب أو وفاة لبعض خلايا المخ مما يؤثر على وظائف الجسم التي التابعة لتلك الخلايا. فقد ينتج عنها شلل نصفي أو صعوبة في الكلام وغيره. والسكتة الدماغية يمكن أن تظهر نتيجة لانسداد في أحد شرايين المخ بسبب تضيقه أو بسبب نزيف داخل المخ نتيجة لارتفاع في ضغط الدم وتصلب في جدار الشريان كما هو موضح في الرسومات المنشورة.
* ما علاقة توقف التنفس أثناء النوم بالسكتة الدماغية؟
- أظهر عدد من الدراسات السابقة وجود ارتباط بين توقف التنفس اثناء النوم والسكتة الدماغية. ولكن حتى وقت قريب جدا لم يوجد دليل علمي قوي يربط توقف التنفس بجلطات الدماغ ويثبت أن توقف التنفس إذا لم يعالج يسبب جلطات الدماغ. ففي بحث مهم نشر في مجلة الجمعية الأمريكية للصدر، أظهرت النتائج وجود علاقة سببية بين توقف التنفس اثناء النوم وجلطات القلب حيث تابع الباحثون 5422 شخصا لمدة 8.7 سنوات. وخلال فترة الدراسة، أصيب 193 شخصا بسكتات دماغية. وعند تحليل النتائج وبعد السيطرة في العوامل التي قد تسبب السكتات الدماغية مثل تقدم العمر والتاريخ العائلي المرضي، توصل الباحثون إلى أن الإصابة بتوقف التنفس عند الرجال رفعت احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية إلى حوالي ثلاثة أضعاف. كما أن زيادة عدد مرات توقف التنفس في الساعة بوحدة واحدة يرفع احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية 6%. أما عند النساء فإن توقف التنفس أكثر من 25 مرة بالساعة نتج عنه زيادة مهمة في احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية. هذه الدراسة أثبتت وجود علاقة سببية بين توقف التنفس أثناء النوم والسكتات الدماغية عند الرجال والنساء. لذلك وجب التنبيه إلى خطورة هذا المرض وضرورة تشخيصه وعلاجه بدون أي تأخير.
* هل يقلل علاج توقف التنفس اثناء النوم من احتمال حدوث السكتات الدماغية؟
- الأبحاث المنشورة تشير إلى أن علاج توقف التنفس اثناء النوم يقلل من جميع مضاعفات توقف التنفس اثناء النوم ومنها السكتات الدماغية. بحث نُشر في أبريل 2012 في مجلة التنفس الأوروبية أوضح أن علاج توقف التنفس عند المصابين بالسكتة الدماغية باستخدام جهاز التنفس المساعد (السيباب) يقلل من نسبة ظهور جلطات أخرى.
وتشخيص المرض يحتاج إلى إجراء تخطيط للنوم لمعرفة شدة الحالة والتأكد من وجودها ومن ثم بدء العلاج أثناء التخطيط باستخدام جهاز التنفس المساعد(السيباب) التي أظهرت الكثير من الدراسات أن استخدامه يقلل بمشيئة الله من المضاعفات القلبية والدماغية ويقلل من الوفاة. ففي الدراسة التي نشرت في مجلة التنفس الأوروبية، درس الباحثون حالة 135 مريضا أصيبوا بسكتات دماغية حادة وأظهر تخطيط النوم إصابتهم بتوقف التنفس أثناء النوم. وقد تقبل حوالي نصف المرضى العلاج بواسطة جهاز التنفس المساعد ورفض النصف الآخر العلاج ولم يستطيعوا تقبله. وقد تابع الباحثون المرضى لمدة 7 سنوات. والنتيجة المهمة التي وجدها الباحثون، أن نسبة السكتات الدماغية غير المميتة والجلطات القلبية كانت أعلى عند المرضى الذين لم يستخدموا جهاز التنفس الصناعي بنسبة ثلاثة أضعاف.
* متى يستخدم جهاز التنفس المساعد؟
- والجهاز يستخدم ليلاً خلال النوم وخلال الغفوات حيث يعمل على فتح البلعوم وتوصيل الهواء إلى الرئتين. وهو جهاز صغير لا يتعدى وزنه كيلوغراما ويمكن حمله في حقيبة صغيرة والتنقل به. ويتم تثبيت قناع على الوجه ويوصل القناع بأنبوب مرتبط بجهاز التنفس المساعد. والجهاز صوته خافت ويحسن جميع أعراض المرض مثل الشخير وتقطع النوم وجفاف الحلق والصداع والرغبة في التبول ليلا وزيادة النعاس بالنها