الجبن مادة غذائية دوائية تصنع من حليب الحيوانات المجترة كالبقر والغنم والماعز وغيرها ويعود تاريخ الجبن إلى العصور القديمة حيث عرفه الإنسان بعد تطويعه الحيوانات اللبونة لمصلحته واستفاد من ألبانها.
لقد احتل الجبن المكانة اللائقة به من بين غذاء الإنسان بفضل الخصائص التي يمتاز بها وذلك منذ عهد الرومان الذين كانوا يتناولونه في نهاية الأكل من أجل تنشيط الهضم . والملكة بلانش دونافار ملكة فرنسا وزوجة فيليب السادس أعطت وثيقة واضحة عن الجبن حين لم تقدم للملك فيليب أوغست أقل من مئتي قطعة من الجبن دفعة واحدة . وفي سنة 1922م قدم صانعو الحلويات في باريس فطائر الجبن فحصلوا على نجاح كبير ، ولويس الثاني المعروف باسم لوغراند لونديه اعتبر أعظم ذواقة للجبن . وماري ليكر نسكا ملكة فرنسا ابتدعت فطائر الجبن الشهيرة المسماة لقمة الملكة . وتاليران الوزير الشهير كان يحب أن يكرر قوله « الجبن هو أول الحلويات التي تقدم بعد الوان الطعام الرئيسية « . وبريات سافران الشهير في تذوق الطعام كان يكرر جملته المعروفة « إن مائدة بدون جبن هي كفتاة جميلة بعين واحدة « لقد اعتبر الجبن غذاءا مجدداً للقوة ، ورافق رواد الفضاء في هذا العصر في رحلاتهم حيث كانوا يتناولونه كثيراً مع البسكويت . وحتى القرن الخامس الميلادي كان الجبن مع خبز زهرة الدقيق والتين غذاء الأبطال في اليونان وكان الجنود يتناولونه مع كل وجبة غذائية ، وقد لعب الجبن دوراً عظيماً في المعجنات ، واستغنى به كثيراً عن الزبدة والسمن بفضل حفظه سليماً مدة طويلة .
وكما عرفت الأقوام القديمة الجبن ، فقد عرفته العرب منذ القديم أيضاً فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجبنة من تبوك فدعا بسكين وسمَّى وقطع وأكل ، وأكل الصحابة الجبن في الشام والعراق.
وفي الطب القديم تحدث الأطباء العرب عن الجبن ، فوصفوا الرطب منه غير المملح بأنه جيد للمعدة ، هين السلوك في الأعضاء ، يزيد في اللحم ، ويلين البطن تلييناً معتدلاً ويفيد قروح الأمعاء والصدر ويعتبر الجبن المملح أقل غذاء من الرطب وهو نوعاً ما رديء للمعدة مؤذياً للأمعاء والعتيق من الجبن يعقل الإسهال وكذلك المشوي وينفع القروح . كما أن الجبن المملح يولد حصاة الكلى والمثانة ، وأفضل الجبن المتخذ من اللبن الحامض ، والمائل إلى الحلاوة ، وألذه المعتدل الملح الذي لا يبقى في الأحشاء كثيراً . ويقولون ان الجبن المصنوع من لبن البقر والجواميس غليط ويأتي بعده في الغلظ الجبن المصنوع من لبن الأغنام .
وفي الطب الحديث وصف الجبن بأنه غذاء مهم لما يحتويه من عنصر البروتين ، وهو جدير بأن ينوب مناب اللحم في أغذية النباتيين حيث ان تناول مئة غرام منه يومياً تغني عن اللحم والبيض . يحتوي الجبن جميع العناصر الموجودة في الحليب وهي البروتينات والدهون والفيتامينات وبخاصة فيتامينات أ ، ب ، ب2 ، ب6 ، ب12 ، ب ب وَ د ، ه وحامض البانتوثنيك كما يحتوي أملاحاً معدنية في مقدمتها الفوسفور والكالسيوم بكميات كبيرة وهو أسهل هضماً من الحليب واللحم والسمك . وحيث ان الجبن يحتوي على الخمائر فإنه يفيد الناس الذين لا يتناولون الحليب . يمكن تناول الجبن لكل الأشخاص وفي كل الأعمار وبخاصة الأطفال والمسنين لما يحتويه من نسب عالية من الكالسيوم والفيتامينات وكذلك للذين يرهقون أدمغتهم وأعصابهم لما يحويه من الفوسفور ولمرضى السكر لأنه لا يحتوي على سكر وللنساء الحوامل وللناقهين وللبدينين وللرياضيين وهو سهل الهضم جداً . من الأفضل أن يؤكل الجبن بعد الطعام حيث يساعد على الهضم ويمتص الحوامض الزائدة بينما تناوله قبل الطعام يبطئ الهضم لأنه يمتص حوامض المعدة . وقد سار القدماء على هذه الطريقة فيوصون بأكل قطعة جبن في آخر الطعام .
يجب على الأشخاص الذين يعانون من زيادة نسبة الكوليسترول عدم تناول الجبن وكذلك يمنع عن المصابين بتضخم الكبد وارتفاع ضغط الدم . ويعتبر الجبن مضادا حيويا قويا حيث يقوم بتطهير الأمعاء والجبن يقتل الجراثيم المضرة ولا يقتل الجراثيم المفيدة في الأمعاء بعكس المضادات الحيوية التي تقتل جميع أنواع الجراثيم الضارة منها والنافعة . وقيل ان قطعة صغيرة من الجبن تحمل 200 ألف نوع من الجراثيم المفيدة وفي بعض الأيام يتضاعف العدد إلى ستة ملايين جرثومة تحصن الجسم ضد الأمراض المعدية .
قد يؤدي الجبن المعتق إلى الإصابة بالصداع النصفي عند الأشخاص الذين لديهم قابلية لذلك ويحتمل أن تكون مادة التيرامين Tyramine هي المسببة لهذه الحالة وهي مادة كيميائية توجد بشكل طبيعي في الشدر والجبن الأزرق والكممبرت Camembert وبعض أنواع الجبن المعتق . ويتفاعل التيرامين مع مثبطات أكسيداز أحادي الأمين Momamine oxidase (M A O ) وهي عقاقير تستخدم في بعض الأحيان لعلاج الاكتئاب وضغط الدم المرتفع ويسبب هذا التفاعل ارتفاعاً شديداً في ضغط الدم قد يعرض المصاب للخطر ، وعلى الذين يتناولون مثبطات أكسيدار أحادي الأمينين أن يطلبوا من طبيبهم قائمة بالأطعمة التي يحظر عليهم تناولها .
قد يتأثر بعض المصابين بالحساسية من البنسلين عند تناول الجبن الأزرق أو الأنواع الأخرى من الجبن الطري الذي يصنع بعفن البنسلين . أما الذين يعانون من حساسية من حليب الأبقار فقد يتحسسون أيضاً عند تناول الجبن خاصة جبنة القريشة وأنواع الجبن الطازجة الأخرى . ولا يحتمل أن تسبب الأنواع المصنوعة من حليب الماعز .
يفرض القانون في بعض البلدان استخدام الحليب المبستر لصناعة أنواع الجبن التجارية ولكن تبيع متاجر الطعام الصحي والمتاجر الخاصة بين الحين والآخر جبناً مستورداً أو محلياً مصنوعاً من حليب غير مبستر مثل هذا النوع من الجبن يمكن أن يكون ملجأَ للسالمونيلا الخطيرة أو أنواع أخرى من البكتريا . وقد سجلت عدة وفيات بسبب التسمم الغذائي في الساحل الغربي والتي عرف فيما بعد أنها تعود إلى تناول جبن مكسيكي مصنوع من حليب غير مبستر .
أنواع الجبن في العالم هي الشدر ، إمنتال ، جار لسبرغ ، الكممبرت ، الريكوتا ، جبنة القريشة ، الموزيرلا ، كروتين دوتشا فيغنول ، تيكلمور ، قلب التشقر ، ناتشرال بيريميد ، أش بيريميد ، التشفر ، جبن الفته ، ليتل رايد نفز ، بكورينو .