التعايش مع الصرع
د. مشاعل عمر الخطيب *
الصرع مرض عضوي يصيب الانسان كأي مرض آخر وفي حالات كثيرة قد لايشكل عائقا للمصاب سوى خلال النوبات التي تستغرق ثواني أو دقائق معدودة.
الصرع هو حالة عصبية تتسبب في خلل وقتي في النشاط الكهربائي الطبيعي للمخ، وينشأ نتيجة شحنات كهربائية زائدة لها تأثير كهربائي أقوى من تأثير الشحنات الطبيعية، ونتيجة لهذا الخلل يتأثر وعي الإنسان وحركة جسمه وأحاسيسه لبرهة قصيرة من الوقت، وهذه التغيرات الفيزيائية تسمى «تشنجات صرعية».
وقد تحدث نوبات من النشاط الكهربائي غير الطبيعي في منطقة محددة من المخ وتسمى النوبة حينئذ ب «النوبة الصرعية الجزئية» وهي تصيب 70% من الحالات، أما إذا كان الاختلال الكهربائي في جميع خلايا المخ فيسمى ب «النوبة الصرعية العامة» أو الكبرى، ويصيب هذا النوع 30% من الحالات.
«الصرع» مرض قديم كان يعاني منه الملوك والنبلاء حتى أطلقوا عليه قديما «مرض العظماء» كالقائد المقدوني الشهير الاسكندر الأكبر، والقيصر يوليوس قيصر، والملك ألفريد الأكبر الذي مهد للوحدة الإنجليزية، وشارل الخامس، لويس الثالث عشر والذي تولى حكم فرنسا عام 1610م وعمره أقل من 9 أعوام، نابليون بونابرت، وتيودور روزفلت الرئيس الأمريكي الخامس والعشرين.
وتتم السيطرة على الاختلاجات أو التشنجات، ويمكن لمعظم مرضى الصرع أن يعيشوا حياة طبيعية، لكن المرضى الذين لا تتم السيطرة على التشنجات لديهم فإن عليهم أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة.
فلا يجوز لمرضى الاختلاجات أو التشنجات غير المسيطر عليها أن يتولوا قيادة السيارة، أو أن يستخدموا آلات خطيرة، بينما هناك كثير من الأنشطة الآمنة لمريض الصرع، مثل الجري وكرة الطائرة.
وبما أن بعض أدوية الصرع تؤثر على الذاكرة وعلى التركيز فقد يحتاج الطفل المصاب بالصرع إلى المزيد من الوقت للتعلم وإنجاز واجباته المنزلية.
ويمكن أن تستمر الاختلاجات أو التشنجات من بضع ثوان إلى بضع دقائق، والغالبية العظمى من الاختلاجات أو التشنجات تتوقف من تلقاء نفسها، ولكن في حالات نادرة يمكن للاختلاجات أو التشنجات أن تستمر ساعات، وهذا ما يتطلب رعاية طبية عاجلة.
وينبغي على من يشاهد شخصاً يتعرض لاختلاجات أو تشنجات أن يحميه من الأذى حتى يستعيد وعيه وسيطرته على نفسه.
فيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تقلل من تعرض المريض للأذى أثناء الاختلاجات أو التشنجات الصرعية :
- وضع المريض في وضعية الاستلقاء على الأرض أو على سطح مستو.
- وضع شيء لين تحت رأس المريض.
- تدوير رأس المريض إلى أحد الجانبين لكي لا يسحب القيء إلى رئتيه أثناء الشهيق.
- إذا كان الشخص المصاب بالاختلاجات أو التشنجات الصرعية مضطرباً خلال الاختلاجات أو التشنجات ويتحرك في أرجاء المكان، فينبغي على من حوله إزالة كل ما يمكن أن يؤذيه أو يؤذي الآخرين.
هناك أنواع كثيرة من الاختلاجات أو التشنجات وأنواع كثيرة من الصرع، من المهم مراجعة الطبيب لوضع التشخيص الصحيح ووصف الدواء المناسب، فإنه يمكن السيطرة بالأدوية على معظم حالات الصرع، وذلك بشكل يتيح للشخص أن يعيش حياة منتجة طبيعية ليس فيها ما يدعو إلى الإحراج.
* قسم العلوم العصبية