الاكتئاب ذلك الفراغ القاتل !
تتفق معظم الدراسات الغربية على أن النساء معرضات مرتين أكثر من الرجال للإصابة بالاكتئاب، وقد بينت هذه الدراسات أن خطورة الإصابة بالاكتئاب تزداد حدتها اذا كانت السيدة تعاني من الوحدة أو عاطلة عن العمل: بمعنى أن عدم ممارسة أنشطة مجدولة، أو انعدام وجود رفيق للمرأة (عازبة - مطلقة - أرملة) يعرضها لخطر الاكتئاب بسبب الفراغ الذي يجتاح حياتها، فالمرأة الوحيدة أكثر عرضة مقارنة بالمرأة المخطوبة، وهذه بدورها أكثر عرضة من المتزوجة، فوجود طرف آخر أو انشغالها بالعمل المتوازن (روتين صحي) يملآن حياتها مما يجبرها على العناية بنفسها، لكن الفراغ القاتل لا يفُسر بعدم العمل أو ممارسة الأنشطة فقط، بل قد يكون فعالا حتى في هذه الحالات، فانشغال الإنسان في العمل طوال النهار دون الراحة وانضغاطه من كثرة الواجبات والمسؤوليات من جهة أخرى يؤديان إلى ابتعاد الشخص عن نفسه، مما يسبب فراغاً وجدانياً تترتب عنه معاناة خطيرة، فإذا كان الإنسان عاطلاً عن العمل تختفي لديه الحواجز الحياتية اليومية وتنمحي المؤشرات المعتادة ويتلاشى كيانه في اللاوجود، فبالتالي انه لا يؤثر في الحياة كما لا تؤثر فيه.
في النهاية، يفتقد الشخص إلى علاقته مع نفسه، وتزول المراقبة الذاتية ومن هنا يأتي الفراغ، وعلى سبيل المثال، إذا كانت المرأة عاملة ستجد نفسها منغمسة في عدة مسؤوليات كالبيت والزوج والأولاد والأهل والأقارب والعمل.. وغيرها، مما قد ينسيها نفسها لتلبية متطلباتها واحتياجاتها الشخصية مما يزيد من ابتعادها عن نفسها وبالتالي لا تُصغي إلى معاناتها الجسدية وفي النهاية تفقد علاقتها مع ذاتياَ، فها هي تعاني من فراغ بالرغم من نشاطها الزائد وفي كلتا الحالتين، يوجد فراغ وجداني وهو قاتل للنفس.
الأعراض:
الإحساس بالحزن - الشعور بالندم - اليأس - عدم وجود مساعدة - التوتر - القلق - قلة الصبر- الصداع - آلام جسدية - صعوبة التركيز والانتباه - مشاكل في الذاكرة - صعوبة اتخاذ القرارات - انعدام الإرادة والعزيمة - البكاء - فقدان الثقة بالنفس - انخفاض في الرغبة الجنسية - ضياع الاستمتاع بالملذات العادية - التقييم السلبي والنفور من الذات - خمول وافتقاد الطاقة - اضطرابات الأكل (زيادة أو نقصان) - اضطرابات النوم (زيادة أو نقصان) - الانعزال عن الآخرين - أفكار انتحارية.. لكن ليس من الضرورة المعاناة من هذه الأعراض مجتمعة لتشخيص الاكتئاب.
المؤشرات:
يمر اليوم بدون أي اهتمام أو نشاط.
عدم معرفة وسيلة الخروج من الشعور بالإحباط.
تمني تحسن الأمور مع مرور الأيام.
الاعتقاد بعدم زوال الاكتئاب على الإطلاق.
يكون الشخص سجين ذكرياته الماضية
الانغماس في الأفكار السلبية.
اعتياد الإحساس بالإحباط.
تقبل الاكتئاب على أنه أمر حتمي.
إذا أردت الشفاء:
فتخيل حياتك بدون اكتئاب وكرر هذه العملية الذهنية عدة مرات يومياً
حاول استعادة الذكريات السعيدة.
أحبي نفسك كما هي.
راجعي مشاكلك اليومية وقدريها.
تعلمي التوقف والاسترخاء.
دعي الأمور تسير ولا تكونى متزمتة.
حاولي تعديل أنماط النوم (الاستيقاظ والنوم مبكراً، لزم الفراش حتى في انعدام الشعور بالنعاس)
تناولي الأطعمة الصحية.
زاولي نشاط ذهني.
زاولي نشاط بدني (رياضي برفقة شخص ما، وكاستخدام السلالم بدلاً من المصعد)
ابتكار روابط وعلاقات اجتماعية.
اطلبى من الآخرين التحدث معك ( بالهاتف أو بشكل مباشر) في الأوقات العصيبة.
ساعدى الآخرين (كالقيام بعمل تطوعي مجدول).
لابد من رسم الأهداف والطموحات الحياتية مع تقبل التحديات لأن هذه طبيعة الحياة، وتذكري أن الإنسان لا يمكن ان يعيش بدون هدف، ونحن في بلد شريعته الاسلام الحنيف وأن عبادة الله سبحانة تقتضي العقيدة والعمل، كما تشجع الشريعة السمحة على التحلي بالصبر والرجاء والأمل، فعلى الانسان أن يرسم بحياته أهداف، المهم أن يكون لديه طموح ويخلق لنفسه جواً من التحدي والتطلع المثمر حتى يملأ حياته بشكل ايجابي وفعال وعملي.
في النهاية..
كل ما سبق جمعه الله سبحانه وتعالى على لسان الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله : «ولنفسك عليك حق».
فلو عملنا بها لما أصبنا بهذا الفراغ القاتل.