لقد خلق الله الانسان بيده ونفخ فيه من روحه فأبدع في خلقه بل وطلب منا التفكر في خلق ذلك الجسم العجيب فقال سبحانه: (وفي انفسكم أفلا تبصرون)..
* لماذا الضغط الشرياني رقمان وليس رقما واحدا مثل السكر؟
- الضغط الشرياني هو القوه التى يستطيع ان يتنقل بها الدم من مكان الى آخر في جسم الانسان يحمل معه الغذاء والاكسجين الى تلك الأعضاء البعيدة نسبيا عن القلب ويأخذ منها ثاني اكسيد الكربون والفضلات الى الرئتين والكلى والكبد للتخلص منها.. كما أن الضغط أحد أهم علامات الحياه في جسم الانسان وهي خمس: الضغط الشرياني، نبضات القلب، سرعة التنفس، حرارة الجسم، واخيرا نسبة تشبع الدم من الاكسجين.. ولأن طبيعة السوائل الفيزيائيه هي (الاستطراق) وهو مكافئ لحد ما للسيولة والنزول الى الاماكن المنخفضة، كما أن الانسان غالبية وقته قائم الهيئة ضد الجاذبية الارضية.. فالاسنتنتاج واضح وهو انه لابد ان تكون السوائل تحت ضغط لتتحرك ضد الجاذبية وتصل الى الدماغ وباقي الاعضاء فوق الرئتين من الدماغ والعيون والانف والاذنين.. الخ.. أما قوة الضغط فتنشأ بسبب القوه التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين وتنشأ هذه القوه من قوة انقباض عضلة القلب ولأن القلب له حركتان اساسيتان هما الانقباض والانبساط يختلفان في المدة الزمنية وطريقة الحصول والهدف منها.. فنشأ من ذلك تباعا قيمتان عدديتان للضغط اولهما الانقباضي (او مايسميه العامة الرقم العلوي) وثانيهما هو الانبساطي (او مايطلق عليه البعض مسمى الرقم السفلي).. فالسكر متغير واحد اما الضغط فمتغيّران اثنان.. ولأن سرعة وقوة انقباض القلب ليس مضخة ميكانيكية لها رقم ثابت لا يتغير وانما هي متغير دائم.. يتغير حسب تغيرات الحرارة الخارجية والداخلية والارتفاعات الجوية والانفعالات النفسية اللحظية والدائمة واوقات النوم والراحة والعمل فلذلك تجد الضغط يتغير بين لحظة واخرى وليس رقما ثابتا.. ولذلك نشأت فكرة مراقبة الضغط في اوقات الراحة والسكون التام مثلا عند القيام من النوم صباحا او عند الهجوع الى الفراش ليلا فإذا كان الضغط مرتفعا في تلك الاوقات فهو مرتفع من باب أولى في باقي اوقات اليوم.. وكذلك نشأت فكرة مراقبة الضغط 24 ساعة للابتعاد عن الحكم على الارتفاع الموقت للضغط في بعض الأشخاص في اوقات معينة.
* ما المعنى الحرفي 120 على 80؟
- إن القوة التي يدفع بها الدم جدران الشرايين خلال انقباض القلب مايعادل 120 ملم من الزئبق او 12 سم من الزئبق عند قياسه على مستوى القلب وهي القوة اللازمة لإغلاق شريان العضد نهائيا واختفاء صوت جريان الدم في ذلك الشريان.. اما 80 فهي القوة التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين خلال انبساط القلب اي مايعادل 80 ملم من الزئبق او 8 سم من الزئبق عند قياسه على مستوى القلب وهي اعلى قوه تلزم لترك شريان العضد مفتوحا ورجوع صوت جريان الدم طبيعيا في ذلك الشريان.. وبالمناسبة فالضغط الشرياني ليس هو ضغط السوائل الوحيد في جسم الإنسان: فهناك الضغط الرئوي، الضغط الكبدي، الضغط الدماغي، والضغط السلبي لأوردة الجسم والجانب الايمن للقلب الذي يسحب السوائل من جميع اعضاء الجسم الى القلب مرة اخرى لإعادة تحميلها بالغذاء والاكسجين وضخها مرة أخرى للأعضاء.
نزيف الشبكيه هو احد الأدلة الواضحة على عدم التحكم بالضغط* ماهي القوى الخفية التي تتحكم بمقياس ضغط الانسان؟
- عدة عوامل داخلية وخارجية.. فالداخلية تشمل: سن الشخص وجنسه ووزنه وحجم الدم والظروف التي تمر به كالحمل والولادة والالم والهضم والنوم والتدخين والرياضة والكحول وعوامل عضوية اخرى مثل قوة القلب الغدة الدرقية الغدة الكظرية قوة الاعصاب السمبتاوية وجاراتها ومن ضمنها الانفعالات النفسية والكلى.. وعوامل خارجية: مثل الحرارة الخارجية الضغط الجوي الجاذبية الارضية..
* كيف يتحكم الدماغ بضغط الدم:
- هناك اعجاز عجيب في طريقة التحكم بضغط الدم المتوجه لأعضاء مهمة مثل الدماغ.. فالدماغ فوق الجسد وهو اعلى نقطة ضد الجاذبية الأرضية في جسم الانسان.. والصعوبة الكبرى فيه انه متحرك في جميع الاتجاهات بل قد يكون فجأة تحت الجسد كله(الغوص مثلا) ويتغير ذلك الوضع في ثوان.. فنحن نحتاج الى دقة عالية جدا في التحكم بضغط الاوعية الدموية داخل الدماغ، ولذلك جعل الله لأوعية الدماغ خاصية منظم داخلي للضغط (اوتوريقولايشن) بمعنى ان هناك (سدوداً) تتحكم بمرور الدم وضغطه داخل الدماغ حسب الحاجة اليه فإذا قل وصول الدم فتحت تلك السدود وإذا ارتفع الضغط بشدة اقفلت تلك السدود –الى حد ما – حتى يتجاوز المريض تلك الازمة.. بل جعل الله هناك حساسات صغيرة جدا لتنظيم ضغط في شرايين الرقبة (بارورسيبتور) تعطي انذاراً مبكراً للقلب والدماغ في حالة ارتفاع ضغط الدم او هبوطه مبكرا.
* هل قيمة 120 على 80 ثابتة في جميع الشرايين؟
- الخالق مبدع سبحانه.. فقيمة الضغط تتغير حسب موقع الشريان وحجمه فهي تقل تدريجيا حتى تصل للشرايين الصغيرة ثم تصل الى قيم صغيرة جدا في الشعيرات الدموية حيث يتم تبادل الغذاء والاكسجين بالفضلات وثاني اكسيد الكربون.. بل قد تختلف من شريان العضد الايمن الى شريان العضد الايسر ولكن لا يقبل ان يكون الفرق بينهما اكثر من 15 ملم من الزئبق..
* ماهي خطورة الضغط؟
- ان ارتفاعه الدائم فوق حد معين "مرض ارتفاع الضغط" او نزوله الدائم تحت حد معين "مرض هبوط الضغط" يزيد من جلطات القلب والدماغ وضعف القلب ودخول الشخص الى المستشفيات.
* متى يشخص المريض ان لديه ارتفاعاً في الضغط؟
اذا كان أغلب وقته (اكثر من 30% من وقته) قيم الضغط اكثر من 140 على 90 بالنسبه للبالغين خلال وقت اليقظة او اكثر من 90 على 60 خلال فترة النوم او انه وجد دليل لا يقبل الشك بتأثير الضغط المزمن على الجسم مثلا شبكية العين او زلال البول او تضخم القلب وانتفت الاسباب الاخرى المحتملة لمثل تلك التغيرات المرضية.
مقياس الضغط هو رقمان وليس رقما واحداً كالسكر* متى يشخص المريض ان لديه هبوطًا في الضغط؟
- انخفاض الضغط ليس له قيمة عددية محددة فقد يكون الانسان معه انخفاض في الضغط وضغطه الانقباضي 100 وقد لا يكون لديه انخفاض في الضغط وضغطه الانقباضي 90، اذن فهو مفهوم نسبي، ولكن يشترط في تعريف انخفاض الضغط ان يحس الانسان بأعراض أو اشارات نقص تروية الدم الى الاعضاء الحيوية مثل الدماغ والقلب والكلى والاطراف: فيشعر المريض بدوخة أو دوار أو عدم التركيز أو زغللة النظر أو غثيان أو خمول أو سرعة التنفس أو برودة في الاطراف أو اكتئاب أو عطش مستمر وكذلك تقل التروية لاطرافه فيشعر بالبرودة ويقل انتاج الكلى للبول واخيرا يفقد الوعي، ولا يشترط التسلسل السابق في الاعراض فقد يكون اول عرض للمريض من انخفاض الضغط لديه هو الاغماء.
وأخيراً:
تفكّر في هذا النداء الإلهي.. (يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم؟...الذي خلقك فسواك فعدلك.. في أي صورة ما شاء ركّبك) ؟