محمد سامي عودة *
هناك علاقة قوية بين التدخين وأمراض شرايين القلب حيث يدخل التدخين في جميع الأعراض والمشاكل القلبية ومنها أمراض الشرايين التاجية والذبحة الصدرية والموت المفاجئ وأمراض الأوعية الطرفية.
ويتسبب النيكوتين الموجود في السجائر في زيادة ضغط الدم وتزايد ضربات القلب ويؤدي ذلك إلى مشاكل في كهربائية القلب.
وفي دراسة لمرضى القلب وجد الباحثون أن الذين دخنوا سيجارة واحدة خلال ست ساعات من ظهور أعراض الأزمة القلبية ظهرت تخثرات دموية في شرايينهم أكبر من التي عند من لم يدخنوا لفترة أطول، وبشكل عام فإن التخثر الدموي يكون أكبر عند المدخنين منه عند غير المدخنين، ومن الثوابت العلمية أن التخثر الدموي أو الجلطة كلما كانت أكبر كلما زادت مخاطر السكتة القلبية وحدّتها لأنها ستشكل عائقا في طريق الدم المتجه إلى القلب، وكلما كانت كمية الدم الواصلة إلى القلب قليلة كلما زادت الأضرار التي يتعرض لها القلب عند حصول الجلطة.
يساعد التدخين على تصلب الشرايين أو ظهور الصفائح الدهنية داخل الشرايين في مختلف أنحاء الجسم، ومن شأن هذا التراكم أن يزيد بدرجة كبيرة من احتمال الاصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، ويمكن أن يتسبب التدخين في حدوث اضطرابات في نظام دقات القلب نتيجة تحفيزه لإنتاج الأدرينالين وهو الهرمون المسؤول عن زيادة نبضات القلب مما يزيد من ارتفاع ضغط الدم.
إن المدخنين هم أكثر عرضة للموت المفاجئ والذبحة الصدرية بسبب حدوث جلطات بالشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب أو الشلل بسبب حدوث جلطات بالأوعية الدموية المغذية لأجزاء معينة من المخ كما أن التدخين يقلل من مستوى الليبوبروتين عالي الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول الجيد.
وقد وُجد أن التدخين يتسبب في حدوث 17- 30% من وفيات أمراض القلب وبالرغم من أن نسبة الإصابة بتصلب الشرايين نتيجة للتدخين تقل بنسبة 50% عند الامتناع عنه لمدة سنة على الأقل فإنها لا تنخفض إلى نسب طبيعية إلى أن يتم التوقف نهائياً لمدة 3- 4 سنوات.
لقد أثبتت الدراسات أن التدخين يتسبب في وفاة نحو 1,8 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم غالبيتهم من الرجال، وتكوّن الجلطات أو الخثرات في الأوعية الدموية يمكن أن يكون قاتلاً إذا تفتت قسم من الجلطة وانتقل إلى الرئتين أو إلى الدماغ.
إن خطورة التدخين في الأعمار المتوسطة تزيد نسبتها عما قد تكون عليه لدى كبار السن، وبالمقارنة نجد أن نسبة أمراض الشرايين التاجية تكون 50% عند المدخنين الذين لا يتجاوز أعمارهم 50 عاماً و20% للمدخنين الذين تجاوزوا هذا العمر.
أثبتت الدراسات أن المدخنين الرجال في سن 40 سنة والذين دخنوا 20 سيجارة أو أكثر في اليوم الواحد لديهم القابلية من 2 – 3 أضعاف الإصابة بأمراض الشرايين التاجية المفاجئة بالمقارنة بغير المدخنين في العمر نفسه.
وكلما زاد عدد السجائر المستهلكة في اليوم، كلما زادت نسبة خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية. فحتى عند تدخين 1- 4 سجائر في اليوم فإن خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب لا تزال موجودة.
* ما هي التغيرات التي تحدث نتيجة للتدخين؟
- إن للتدخين دورا كبيرا في آلية تصلب شرايين القلب وكذلك موت الفجأة خلال عدة تغيرات في فسيولوجية الجسم حيث إنه يؤدي إلى:
* تصلب الشرايين العام وهذا يؤدي إلى تصلب شرايين القلب المبكر.
* تقلص الشرايين التاجية.
* اضطرابات في كهربائية القلب.
* انخفاض قدرة الدم على نقل الأكسجين.
* الإدمان الناتج عن مادة النيكون الموجودة في الدخان.
هذه العوامل تؤدي إلى انخفاض وبطء سرعة تدفق الدورة الدموية في الشرايين التاجية كما تؤدي إلى تجمّع الصفائح الدموية والتصاقها في الجدار الداخلي للشريان التاجي، مما يساعد بقدر كبير على تصلب الشريان وحدوث الجلطة، ويؤدي التدخين إلى تقلص في الشرايين التاجية وهذا يتسبب في إحساس المريض بالذبحة الصدرية التي تكثر في المدخنين بحوالي 20 ضعفاً بالمقارنة بغير المدخنين.
وترتفع نسبة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية لدى النساء اللواتي يدخِّن ما معدله 25 سيجارة في اليوم إلى 5 أضعاف، وتشير الدراسات إلى أن خطورة التدخين مستمرة حتى ولو كانت كمية السجائر قليلة (1- 4 سجائر في اليوم) حيث تم اكتشاف أن هذه السجائر كافية لتسبب أمراض شرايين القلب التاجية المميتة وزيادة نسبتها إلى الضعف وخاصة عند النساء.
أما بالنسبة للنساء اللواتي يستعملن حبوب منع الحمل ويدخن في الوقت نفسه تزداد نسبة الخطورة لديهن إلى 13 ضعفاً بالمقارنة مع غير المدخنات.
ختاماً لا تتفاجأ حين تعرف أن الأشخاص غير المدخنين حتى وإن كان لديهم تاريخ مرضي في القلب يعيشون أكثر بإذن الله لمدة 2 – 4 سنوات للرجال و2 – 7 سنوات للنساء مقارنة بالأشخاص غير المدخنين.