نواصل في هذه العيادة الصحفية ماكنا قد بدأناه في العيادة الماضية من الحديث عن المثانة العصبية الناتجة من اصابات الحبل الشوكي والتي تشكل الحوادث المرورية السبب الرئيسي فيها خاصة عند فئة الشباب العمرية. وكنا قد شرحنا في العيادة السابقة ماهية الحبل الشوكي وآلية تعصيب المثانة وكيفية حدوث المثانة العصبية وانواعها بشكل مفصل، يمكن للقارئ الكريم الرجوع اليها للربط الموضوعي لمزيد من الفائدة، وفي هذه العيادة نكمل الحديث بذكر طرق معالجة المثانة العصبية بنوعيها.
التغيرات الوظيفية في المثانة العصبية:
يجب على مريض المثانة العصبية المحافظة على الزيارة الدورية للطبيب المعالج بانتظام اذ ان نمط المثانة قد يتغير مع مرور الوقت، حيث يمكن أن يضعف انعكاس المثانة مما يؤدي الى تقلصات ضعيفة تسبب التفريغ غير الكامل للبول ومن ثم الإصابة بالعدوى البولية. كما قد يتطور العجز العصبي ويغير الطريقة التي تتصرف بها المثانة (مثلاً بسبب نشوء كيس في الحبل الشوكي فوق مستوى الإصابة)، كما قد يسبب تكون الحصى أو العدوى البولية المتكررة تهيجاً في المثانة ويغير نمط سلوك المثانة. كما يجب ملاحظة ان القسطرات البولية الدائمة تؤدي الى جعل المثانة جافة باستمرار، وبالتالي ينكمش حجم المثانة وتقل قدرتها على استيعاب البول. لهذه الأسباب جميعاً، يجب أن يكون المريض واعياً للتغيرات في سلوك المثانة ويكون لديه مراجعات منتظمة للجهاز البولي كجزء من المتابعة الدورية الطبية. من ناحية اخرى، قد يحدث تحسناً محدوداً في أداء المثانة وظيفتها وبدرجات متفاوتة عند الأشخاص الذين لديهم إصابات جزئية في الحبل الشوكي، أحدها استرداد الوعي والإدراك للحاجة للتفريغ.
معالجة المثانة العصبية:
المثانة العصبية هاجس للمريض والطبيب على حد سواء ويجب ان تشمل أهداف البرنامج العلاجي النقاط التالبة:
- جعل الضغط داخل المثانة منخفضاً.
- إيجاد سبيل لإخراج البول كاملاً من المثانة.
- حماية الكلية من ارتجاع البول ومنع الفشل الكلوي.
- منع حدوث وتكرار التهابات الجهاز البولي والكلية.
- منع حدوث سلس البول وما يؤديه من مشاكل نفسية تنعكس على المريض.
- متابعة الحالة بصفة دورية منتظمة واكتشاف المشاكل قبل حدوثها وعلاجها.
وبشكل عام تتركز المعالجة الطبية على الخطوات التالية:
1- تفريغ البول:
يجب المحافظة على تفريغ المثانة من البول بانتظام وابقاء الضغط داخلها منخفضا بادخال عدة انواع من القسطاطر كالتالي:
- قسطرة الأحليل أو القسطرة فوق العانة الدائمة:
حيث يتم إدخال أنبوب من خلال الأحليل أو البطن إلى المثانة لتقوم بتصريف البول باستمرار، بحيث لا تمتلئ المثانة ويبقى الضغط داخلها منخفضا.
- القسطرة الخارجية:
وهي قسطرة مثل الواقي الذكري او العازل الموصول بكيس تفريغ البول ويتم استخدامها للرجال الذين يعانون من مشاكل سلس البول.
- القسطرة المتقطعة:
يتم فيها القيام بتفريغ المثانة عدة مرات في اليوم تقريبا كل 4-6 ساعات وذلك بإدخال أنبوب مطاطي أو بلاستيكي صغير، يتم ازالته مباشرة بعد تفريغ المثانة من البول. ويعتبر هذا النوع من القساطر الأفضل في حالة القدرة على القيام به لما ينطوي عليه من آثار جانبية ومضاعفات محدودة مقارنة بالنوعين السابقين.
2- خفظ ضغط المثانة:
في حالة المثانة ذات الانعكاس الزائد، يجب خفض الضغط داخلها بتفريغ البول بالقسطرة بانتظام وقد يتطلب الأمر كذلك استخدام الأدوية التي ترخي عضلة المثانة مثل مضادات المستقبلات الكولينيرجية او حقن المثانة بالبوتوكس.
وتتراوح نسب نجاح العقاقير في تخفيف حدة الأعراض ما بين 60% إلى 75% من الحالات، إلا أن أعراضها الجانبية المزعجة والتي قد تحصل بنسبة 15 إلى 35% قد تدفع المريض إلى التوقف عن استعمالها.
ومن أهم تلك الأعراض جفاف شديد في الحلق والفم، وعدم وضوح النظر، والإمساك، وخفقان القلب، وقلة الدموع مع جفاف بالعيون وألم المعدة والصداع والتعب الجسدي والدوار والنعاس وانتفاخ البطن ونشاف الجلد والحساسية الجلدية وغيرها.
3- البدائل الجراحية:
يتم الجوء للخيارات الجراحية في حال فشل الطرق التقليدية والأدوية في المحافظة على ضغط المثانة او في حال استمرار الالتهابات البولية او السلس البولي ومن اكثر الخيارات الجراحية المستخدمة:
- عملية الميتروفانوف:
وهي عملية يتم فيها إنشاء ممر جديد باستخدام الزائدة الدودية بحيث يمكن القيام بإدخال القسطرة من خلال البطن إلى المثانة مباشرة.
- زراعة محبس صناعي في عنق المثانة إذا كان هناك ضعف في المحبس البولي.
- زيادة او تكبير حجم المثانة:
وهي عملية كبرى يتم فيها تكبير جراحي للمثانة باستخدام اجزاء من الامعاء الدقيقة. وقد تنجح تلك الوسيلة لدى العديد من المرضى، ولكن مع مضاعفات كثيرة، حتى إن نسبة فشل العمليات الجراحية تصل إلى حوالي 25%. كما أن المريض عليه إدراك مضاعفات ما بعد العملية، وتشمل عدم القدرة على التبول بعد العملية، وضرورة استعمال قسطرة كبديل من أربع إلى ست مرات يوميًّا مدى الحياة، وذلك بنسبة 10% إلى 25% من الحالات تقريبًا أو حصول سلس بولي في النهار أو أثناء النوم بنسبة قد تصل إلى حوالي 10 إلى 25% من تلك الحالات.
مضاعفات المثانة العصبية على المدى الطويل:
يؤدي اهمال تشخيص أومتابعة المثانة العصبية الى العديد من المضاعفات الخطيرة والتي ان لم تهدد حياة المريض فإنها تقود بلا شك الى عدد من الاضطرابات النفسية والاجتماعية والتي تؤثر بدورها على جودة حياته ومن تلك المضاعفات:
- تسبب المرض في عدد من الاضطرابات النفسية والعائلية والاجتماعية والمهنية وحتى الجنسية لدى المريض، وهذه الاضطرابات المنغصة للحياة قد تكون نتيجة طبيعة المرض الذي يؤدي الى سلس البول، والحاجة المتكررة للتدخل الطبي نتيجة للالتهابات البولية ومن ثم الانقطاع عن العمل وفقدان مصدر الرزق. كما تشمل المنغصات، الضعف الجنسي خاصة في حال المثانة العصبية المترهلة.
- الفشل الكلوي، وهو يحدث نتيجة ارتجاع البول إلى الكليتين، وارتفاع مادة البولينا في الدم، وهذه المشكلة الخطيرة تنجم في أغلب الحالات عن التأخر في التشخيص او الإهمال في المتابعة.
- التهابات المسالك البولية المتكررة بسبب ركود البول.
- تشكل حصوات الكلى او المثانة.
- التحولات السرطانية في المثانة نتيجة التهيج المستمر لبطانة المثانة بسبب الالتهابات المتكررة.
نسأل الله ان يشفي جميع مرضى المسلمين.
حقن البوتوكس يمكن ان يعالج السلس البولي المتصاحب مع المثانة المتشنجة.