اهتم بصحة قلبك النفسية
أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي للوفيات في العالم عامة وفي بلدان العالم الثالث خاصة بسبب انتشار عوامل الخطورة.. ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن الاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية سيكونان أهم مايؤثر على انتاج الافراد في 2020.
ومن المعروف طبيا ان القلق والاكتئاب لهما تأثير سلبي على كثير من الامراض سواء في التأثير على نشأة المرض او في عدم أخذ العلاج بانتظام أوالتأثير على متابعة الطبيب المستمرة او في مضاعفات المرض نفسه مثل السكري والضغط وامراض تضيق شرايين القلب.. كما ان العلاقة بين القلق والاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية هي علاقه معقدة ومتعددة الاتجاهات.. حيث يؤثر كل منهما في الاخر ويتأثر به.. وفي تحليل احصائي لدراسة (فرامنغهام) المشهورة اتضح ان القلق والاكتئاب يسببان امراض القلب والجلطات بطريقة مستقلة عن العوامل الاخرى المعروفة مثل الضغط والسكر والتدخين!! وتصبح هذه المسألة أكثر أهمية في دول العالم الثالث حيث لم تصل خدمات الرعاية الصحية العقلية للمستوى المطلوب من ناحية المؤسسات الصحية اما من ناحية الأفراد فتظل وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالمرض النفسي عائقا كبيرا في طريق تشخيص القلق والاكتئاب وعلاجهما.. وقد أوضحت دراسة (انترهارت) المشهوره ان تأثير الضغط النفسي والتوتر المستمر كمسبب للجلطات اقوى من تأثير امراض الضغط والسكري.. بل ذهبت الدراسات الطبية الى ابعد من ذلك حيث اثبتت ان القلق والاكتئاب يؤديان الى عدم تمسك المرضى بأدويتهم وخروجهم المبكر من برنامج التأهيل القلبي.
والمشكلة ان العلاقة بينهما شائكة ومعقدة.. فمرض الاكتئاب يؤدي لأمراض القلب (تضيق الشرايين) وضعف القلب حيث وجدت الدراسات أن مرضى تضيق الشريان التاجي المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة لجلطات القلب والدماغ الحادة من المرضى غير المكتئبين!!
وأوضحت جمعية القلب الاسترالية أن هناك علاقة سببية بين الاكتئاب وتشخيص تضيق شرايين القلب والجلطات الحاده بل وفي شدتها ومدى استجابتها للعلاج مستقبلا كما ان العلاقة كانت اضعف مع القلق وامراض شرايين القلب.
مدى انتشار الاكتئاب والقلق في مرضى القلب:
والاكتئاب منتشر بشكل كبير في مرضى القلب!! حيث ان حوالى31-45٪ من المرضى الذين يعانون من مرض الشريان التاجي سواء جلطة او ذبحة حادة او مستقرة في القلب يعانون من أعراض الاكتئاب بشكل واضح (بجميع درجاته).. إضافة الى ذلك فإن 15-20٪ من المرضى الذين يعانون تضيق شرايين القلب مصابون بمرض الاكتئاب الشديد (وهذا المعدل ثلاثة أضعاف أعلى مما هو عليه في عامة الناس الاصحاء) وهي مماثلة لمعدلات الاكتئاب الشديد في المرضى الذين يعانون من مرض فشل الكلى والسرطان المزمن.
ما العوامل التي تزيد حدوث الاكتئاب في مرضى القلب؟
من هذه العوامل تقدم السن، شدة المرض، وجود امراض متعدده في نفس المريض، العزله الاجتماعية، مدة المرض وطول معاناة المريض، كثرة دخول المستشفيات، توقف القلب، وجود صاعق كهربائي.. والاكتئاب غالبا في هؤلاء المرضى ما يكون مزمنا ومتكررا.. وهو ليس رد فعل عارض لجلطة القلب الحاده فقط.. ولكن اثبتت الدراسات الطبية ان الاكتئاب كان مستمرا قبل الاصابة بعدة اشهر او سنوات.. نعم قد تتزداد حدة الضغوط النفسية الى حوالي 50 الى 70% من المرضى قبل حدوث الجلطة مباشرة ولكنها ليست السبب الوحيد بل كانت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقول المثل.
اما اعراض القلق والتوتر فهي الاكثر شيوعا في مرضى القلب الى حد بعيد حيث توجد في حوالي 38% وهي غالبا ما تتزامن مع وجود الاكتئاب في هؤلاء المرضى.
التشخيص
يتم التشخيص عن طريق الطبيب النفسي بمراجعة الاعراض البدنية والنفسية التي يشتكي منها المريض ونظرته الى حالته الصحية وتاريخه العائلي والاجتماعي واداؤه الاجتماعي والوظيفي ومدى ارتباطه والتزامه بالادوية ومراجعة الطبيب وهناك مقاييس دوليه متفق عليها في ذلك في تشخيص المرضى.
العلاج
هناك علاج سلوكي وعلاج بالادوية وكلاهما يحتاجه المريض في حالات جلطات القلب ومابعدها ويحتاج لمتابعة دقيقة للطبيب النفسي مع مراجعات طبيب القلب.
الخلاصة
ان القلق والاكتئاب يؤثران على القلب ويتأثران بأمراضه ولابد للطبيب ان ينظر للمريض نظرة شمولية تعالجه ككل وتعالج امراضه جميعا معا ويجب عدم اهمال الجانب النفسي لأن له مابعده من الالتزام بالادوية ومتابعة العيادات والانتظام في البرنامج التأهيلي للقلب وله دور كبير في نجاح الخطة العلاجية.. ولذلك ننصح الاطباء عموما بالبحث الدقيق عن هذه الاعراض وعدم انتظار تطوع المريض بالشكوى منها.. وفي المقابل ننصح المرضى بعدم كتمان اي شكوى نفسيه لديهم وايصالها للطبيب بكل شفافية.
التوتر أكثر شيوعا في مرض القلب إلى حد بعيد