أتكنز وغيرها تنقص الوزن لكنها غير صحية
التوازن الغذائي ضروري أثناء الحمية الغذائية
د. عبدالعزيز بن محمد العثمان
سنخصص هذا الموضوع وموضوعات اخرى في هذه الصفحة عن الحميات الصحية والتي ستبهركم بنتائجها وبسلامتها الصحية أيضاً، فأحياناً ترتبط عيادة الغذاء الصحي بالغذاء المسلوق والتفاحة، ولكنكم ستجدون مفهوماً جديداً ورائعاً للغذاء الصحي في عدد قادم بمشيئة الله تعالى.
الريجيم الكيميائي - حمية أتكنز
سأتحدث عن هذه الحمية بالذات لأنها منتشرة في كل أنحاء العالم، وكتبت فيها الكتب الكثيرة ولكن من قبل غير مختصين. الريجيم الكيميائي وحمية أتكنز اسمان مختلفان لطريقة واحدة لإنقاص الوزن تعتمد على تقليل الكربوهيدرات وزيادة البروتينات والدهون. هذه الطريقة غير صحية وسبق أن عرضت على الجمعيات العلمية العالمية المختصة مثل جمعية الحمية الأمريكية وجمعية القلب الأمريكية وصندوق دعم الكلى الأمريكي وجمعية الحمية البريطانية وناقشتها اللجان العلمية في تلك الجمعيات بالتفصيل وقد حضرت إحدى تلك النقاشات وتم التوصل إلى عدم اعتمادها كطريقة صحية لإنقاص الوزن لأضرارها على الكلى. باستخدام هذه الحمية ينقص الوزن في الأشهر الأولى لكن ذلك النقص يتضاءل مع الاستمرار في تطبيقها وهذا ماوجدته آخر الدراسات العلمية حيث نقصت أوزان الأشخاص الذين يطبقون حمية أتكنز خلال الستة أشهر الأولى بشكل كبير لكنهم يتساوون مع من يطبقون الحمية الصحية المتوازنة بين الغذاء والرياضة خلال سنة وقد نشر هذا البحث في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، وفي دراسة أخرى أعيد التقييم بعد خمس سنوات فوجدوا أن الأشخاص الذين يطبقون تلك الحمية استعادوا أوزانهم العالية مرة أخرى لسبب واضح وهو أنه يستحيل أن تستمر طوال حياتك على ريجيم مهما كان، فكيف إذا كان غير صحي وهو ماتظهر أعراضه السلبية بعد السنة الأولى.
أغلب من يدعو إلى هذه الطريقة هم أشخاص غير مختصين في التغذية الإكلينيكية ومن أصحاب العيادات الخاصة غير المختصين أيضاً مثل الدكتور أتكنز نفسه الذي بدأ هذه الطريقة ودعمها إعلامياً وساعده في ذلك أن الطريقة تثبت فعالية جيدة في نقص الوزن خلال الأشهر الأولى في نفس الوقت لا يتبين أي تأثير سلبي يظهر على الجسم.
أهم أسباب شيوع تلك الطريقة أمران الأول هي بدايتها في المجتمع الأمريكي الذي يعاني كثيراً من السمنة فيبحث -بالذات النساء- عن أي وسيلة للتخلص من السمنة، والسبب الثاني هو النقص السريع في الأشهر الأولى والذي يبحث عنه الشخص البدين.
يعتمد دعاة تلك الطريقة على كون الكربوهيدرات تشكل أغلب الغذاء ومنه أغلب الطاقة فلو منعنا تلك المصادر عن الجسم فسيؤدي ذلك إلى نقص وزنه، وهذا صحيح ولكنهم لا يذكرون الجانب الآخر وهو الضرر على الجسم كون الغذاء ليس متوازناً، ونحن متفقون دائماً على أن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وخلق غذاءه الذي يناسبه وجعل الكربوهيدرات بتركيب معين يفترض أن يكون أغلب غذاؤنا منه، وأن الإفراط أو التفريط أمران لا يمكن أن يؤديا إلى منفعة في أي أمر، فلكي يكون غذاؤنا صحياً يجب أن نحصل على 50% من الطاقة من الكربوهيدرات وهي النشويات والسكريات و20% من البروتين و30% من الدهون ولكن حمية أتكنز تتطلب ألا تزيد الطاقة من الكربوهيدرات على 5% وزيادة البروتين والدهون لتوفر باقي النسبة وهذا أمر لا يتناسب وطبيعة تغذية الجسم. المشكلة الرئيسية أن البروتين ينتج عند تحلله مادة سامة هي اليوريا فيتخلص الجسم منه مع البول فكيف إذا زاد أضعاف الكمية الطبيعية، هذا سيربك الكلى ويتعبها ويجعلها غير قادرة على التخلص من تلك السموم مما يسبب مرض الكلى بالذات عند من لديهم الاستعداد المرضي له.
ريجيم حسين دشتي وهو جراح من الكويت الشقيقة ويتبع نفس النظام ولهذا لا يعتبر صحياً بل هو تطبيق شبه كامل لنظام أتكنز، ومما يؤسف له أن بعض مراكز الحمية لدينا تطبق مثل تلك الحميات فيفرح من يطبقها بنقص الوزن في البداية لكنه يدفع ثمناً باهضاً من صحته دون علمه ويتوقف النقص بعد فترة فلا يجد وسيلة أخرى لمواصلة النقص وقد أنهك الجسم وتعبت الكلى وربما تراكمت المواد السامة الناتجة من تحلل البروتينات في أنسجة الجسم.
الباحث عن النحافة السريعة هو الضحية لكونه يرى إعلانات ترسم الخيال الجميل وكأنه حقيقة وتداعب الحلم بجسم رشيق ساحر، ويشاهد كتباً هنا وهناك ذات أغلفة جذابة وصوراً قبل وبعد الحمية تجعله يحلم بأن يكون مثل صاحب تلك الصورة أو تلك ولا يدري كيف ولمن تلك الصور وكيف تحقق لهم ذلك.
هل هذه الحميات تنقص الوزن؟
كل الحميات تنقص الوزن أياً كانت طريقتها تؤدي لإنقاص الوزن، لماذا؟ لأن الذي يتبع حمية معينة يتوجب عليه تقليل أنواع الأطعمة التي يتناولها فيكون محصوراً بأنواع محددة مما يجعل الخيارات أمامه أقل كما أنه في الغالب تكون تلك الحميات قليلة السعرات فيؤدي ذلك لتقليل السعرات المتناولة أقل من المصروفة مما يؤدي إلى انخفاض الوزن، ولا ننسى الدور الأهم وهو الدور النفسي فبمجرد شعور الإنسان أنه يتبع حمية فإنه سيحرص على انتقاء الأغذية قليلة السعرات وسيتجنب الأغذية عالية السعرات أو المشكوك فيها كما أنه سيقلل الكميات المتناولة.
إذن أين المشكلة؟ المشكلة التي لا يتحدث عنها أصحاب تلك الحميات أوالريجيمات هي التأثيرات الصحية السلبية.
ونقص الوزن على المدى الطويل، فالتأثيرات الصحية السيئة على الجسم كبيرة جداً بالذات من تلك الحميات التي تركز على صنف معين من الأغذية أو عنصر غذائي معين مثل البروتين في حالة حمية أتكنز ودشتي، حيث تدمر الكلى لتراكم السموم في الجسم الناشئة عن هدم البروتينات وإنتاج الأمونيا (البولينا) السام نتيجة تناول كميات كبيرة من البروتين، وحميات مشعل تؤدي إلى الهزال وشحوب البشرة وتساقط الشعر نتيجة نقص العناصر الغذائية المتوازنة والتي يحتاجها الجسم للتمثيل الغذائي السليم ليؤدي وظائفه الفسيولوجية التي خلقها الله لكي تنمو وتعيش خلايانا وأعضاؤنا وتكافح الأمراض.
إن خطر تلك الحميات لا يحتاج لدليل فكلنا نعلم حاجة الجسم لعناصر غذائية منوعة تحوي الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والماء واختلال تلك العناصر بعدم تناول أحدها سيؤدي إلى اختلال في تركيب الدم وصحة الخلايا والأعضاء ولكن المشكلة أن الباحثون عن الرشاقة لا يرون التأثيرات السلبية داخل أجسامهم.
فنقص المعادن والفيتامينات سيؤدي إلى ضعف العظام والأسنان والتأثير على المخ والجهاز العصبي وقد تحدث مضاعفات الله أعلم بها.
هل حمية فصيلة الدم صحية؟
تسمى حمية بصمة الدم وهي حمية تقسم الأغذية حسب فصيلة الدم فمثلاً يقولون: إن أصحاب فصيلة الدم (O) لا بد أن يتناولوا بروتينات كثيرة مثل اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، وأصحاب الفصيلة (A) لا يجب أن يتناولوا اللحوم بل يكون غذاؤهم خضروات وفواكه وبقوليات وحبوب وهكذا، فأمر طبيعي أن ينقص الوزن عندما تأكل أغذية معينة وتحرم جسمك من أغذية أخرى، بل إن مجرد تغيير نمط الأكل في السفر مثلا يكفي لتقليل الوزن. حمية فصيلة الدم ألفت فيها الكتب وطبعت بألوان وصور جذابة وانساق خلفها الكثيرون ولكن هل تعلمون أنه لم يكن بين المؤلفين أولئك أي مختص في التغذية الإكينيكية أو العلاجية أو طبيب مختص يسير على منهجية الطب القائم على البراهين؟
التخلص من البدانة لا يأتي سريعاً
لا بد من حمية مدروسة