اعتلال السكر العصبي والارتجاع المعدي
د. بسام صالح بن عباس*
الارتجاع المعدي لدى مريض السكري هو مرض ليس شائع ولكن يعاني منه بعض المرضى، وهو لدى البعض يشكل نوعا من تأثير مرض السكري وارتفاع مستوى السكر على الأعصاب، فتلف الأعصاب أمر شائع في مرضى السكري حيث يصاب نحو نصف الأشخاص من مرضى السكري ببعض أنواع الاعتلال العصبي، ومع الوقت، تتضرر الأعصاب نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم، وتؤدي كميات الغلوكوز المفرطة إلى إتلاف جدران الأوعية الدموية الصغيرة المغذية للأعصاب، وجرح الطبقة المغطية للأعصاب المحيطة بهذه الأوعية، ويتسبب مرض السكري بتلف في الأعصاب مع الوقت، وبالتالي يصعب على الأعصاب مهمة نقل الإشارات ما بين الدماغ وأعضاء الجسم الأخرى، ويؤدي هذا إلى أعراض مختلفة كالحرقة وتنميل الأطراف وفقدان الإحساس، ويسمى تلف الأعصاب باعتلال السكر العصبي إلا أن اتخاذ التدابير اللازمة قد يؤخر اعتلال الأعصاب ويبطئ انتشاره، وتكون أعراض اعتلال السكر العصبي عبارة عن ألم وحرقة وتنميل الأطرف وفقدان الإحساس في اليدين والقدمين، بجانب التعرق الزائد والتبول، ومشاكل الإخراج، وصعوبة الانتصاب، ومشاكل في بلع الطعام وإخراج الطعام، وهناك بعض الأمور الأخرى التي تزيد من ضرر الأعصاب مثل التدخين وارتفاع الكولسترول وضغط الدم والتي تزيد من مخاطر تفاقم الوضع بجانب السمنة المفرطة، وهنا سنتحدث عن الارتجاع المعدي والذي كما قلنا قد يكون أحد أعراض تأثير مرض السكري على أعصاب المعدة، حيث إن تقلص المعدة وتفريغها يعتمد على أعصاب المعدة وكذلك تقلص جدران المعدة.
ومن أعراض الارتجاع المعدي لدى مريض السكري، الاحساس بامتلاء المعدة بالرغم من عدم امتلائها وكذلك الاحساس بالشبع وأيضا الاحساس بالحموضة نتيجة ضعف الصمام الذي بين المعدة وبين المرئ وهو في الواقع ليس صماما بقدر ما هو مجموعة من العضلات القوية التي تمنع إرتجاع الطعام من المعدة إلى المرئ.
أما بخصوص تشخيص اعتلال الأعصاب السكري بصفة عامة، فيقوم الطبيب لدى التشخيص بفحص كافة أعصاب الجسم بما في ذلك القدمين ومدى استجابتها للألم باللمس والاهتزاز أو بزيادة حرارة الجسم، وكذلك تقييم قوة العضلات والانعكاسات، وقد يحتاج الطبيب لعمل أشعة ملونة للمعدة لمعرفة قدر الارتجاع ومدى بطء المعدة في تفريغها وبعض التحاليل المخبرية الأخرى.
أما عن علاج اعتلال السكر العصبي، فإن أهم طريقة لتحسين الوضع هي ضبط مستوى الغلوكوز في الدم والذي يؤدي إلى منع تقدم ضرر الأعصاب، كما أن تغيير نمط الحياة يحمي من تفاقم الأمر ويساعد على السيطرة الجيدة على الغلوكوز وبالتالي صحة الأعصاب، وكذلك اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام وتناول أدوية السكري.
ومن الأمور الهامة التي تقلل من الارتجاع المعدى هو الامتناع التام عن التدخين والذي يهيج جدران المعدة ويزيد من نسبة الحموضة والارتجاع، وهناك بعض الأدوية التي تقلل من الارتجاع والشعور بالحموضة وهي نفس الأدوية التي تستخدم لمحاربة الحموضة عادة ولكن يجب أولاً الحرص على تناول كميات صغيرة من الأطعمة والابتعاد عن الأطعة الحراقة كالفلفل وغيرها والإكثار من شرب العصائر وتناول الفواكه وخاصة قبل النوم، كما ينصح بعدم تناول الطعام قبل النوم سواء في الليل أو في فترة القيلولة ما قد يزيد من عملية الارتجاع.
ومن هذا المنطلق يتبين لنا أن مرض السكري لا يؤثر فقط على الأعضاء المعروفة وهي الكلى والقلب والعين ولكن له تأثيرات متعددة وهي تأثير السكري على الجهاز العصبي اللاإرادي ومنها عدم التحكم في التبول وعدم القدرة على تفريغ البول بالكامل ومنها انخفاض الضغط أو اضطراب النبض أو الاسهال أو الامساك المزمن ومنها تأثير مرض السكري على الجهاز العصبي الطرفي وغيرها كثير.