عام 1998م.. شهد أول مبادرة ك«يوم» عالمي لرفع درجة الوعي بطرق الوقاية من نوباته
التعرض للأدخنة أحد محفزات الربو
د.خالد بن عبد الله المنيع
يوافق اليوم (الخامس من شهر مايو) يوما عالميا للتعريف بطرق الوقاية من هذا المرض، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ نحو 235 مليون نسمة يعانون حالياً من الربو، وهو أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال، غير أنّ من الممكن مكافحته بتنفيذ خطط وقائية وعلاجية تختلف باختلاف الأعراض.
يعرف الربو الشعبي: أنه زيادة حساسية الشعيبات الهوائية لمهيجات متعددة مما ينتج عنه تضيق متكرر ورجعي لتلك الشعيبات، ويصيب الربو من 5-10٪ من سكان العالم، كما يصاب الذكور بما يقرب الضعف مقارنة بالإناث قبل البلوغ أما بعد ذلك فان النسبة تكاد تكون متساوية.
٭ ماهي أعراضه وتشخيصه؟
تبدأ ظهور الأعراض عند 30٪ على الأطفال المصابين عند بلوغ السنة الأولى من العمر، بينما تبدأ الأزمة الأولى لدى 80-90٪ من الأطفال المصابين قبل بلوغ السنة الخامسة من العمر، وتكون تلك الأعراض على هيئة نوبات متكررة تتفاوت في حدتها من بسيطة إلى شديدة، وتقل عدد تلك النوبات مع تقدم العمر حيث تختفي عند 50٪ من المصابين خلال 10-15 سنة. يشعر الطفل أثناء النوبة بصعوبة وتسارع في التنفس، تسارع في ضربات القلب، ويترافق مع ذلك سعال وصفير بالصدر، وفي الحالات الشديدة يصبح المريض غير قادر على الحديث بجمل متصلة فنجده يتكلم بكلمات منفردة، كما يصحب ذلك ازرقاق في اللون واختفاء صفير الصدر متزامنا مع صعوبة كبيرة في التنفس في الحالات الأشد حدة، وتظهر تلك الأعراض نتيجة تهيج واحتقان الأغشية المبطنة للشعيبات الهوائية، وتراكم الخلايا المناعية مما يؤدي إلى إفراز بعض الوسائط الكيميائية مثل: الهستامين histamine، بروستاجلاندين prostaglandin A2 و ثرومبوكسان thromboxane A2 بالإضافة إلى مجموعة الليكوترينز leukotrienes وتعمل تلك المواد على تضيق الشعب الهوائية حيث ينتج عن ذلك صعوبة في التنفس، والأعراض المصاحبة السابقة الذكر. تظهر تلك الاستجابة المناعية لذلك المهيج في مرحلتين: مرحلة الاستجابة المناعية المبكرة، والمرحلة الثانية الاستجابة المتأخرة والتي تبدأ في الظهور بعد 6-8 ساعات من التعرض لذلك المؤثر. قد تتشابه أعراض الربو مع بعض الالتهابات الفيروسية العارضة للجهاز التنفسي، ولكن بعد أخذ التاريخ المرضي والكشف السريري إضافة إلى بعض الفحوصات يمكن تحديد الحالة، حيث أن تكرر النوبات مع وجود إصابة أو أكثر في العائلة، وتزامن ذلك مع بعض أعراض أنواع الحساسية الأخرى كحساسية الجلد (الأكزيما) يجعل التشخيص كحالة ربو هو الأرجح، ويمكن تقييم كفاءة الجهاز التنفسي ومدى استجابة الطفل للعلاج من خلال استعمال جهاز spirometer.
٭ ماعوامل الإصابة بمرض الربو الشعبي؟
لا يوجد سبب محدد للإصابة بمرض الربو الشعبي عند الأطفال، ولكن توجد بعض العوامل المساعدة والمتزامنة مع ظهور مثل تلك النوبات، تلعب الوراثة دورا مهما في نشوء مثل هذه الأعراض، وتبلغ احتمالية إصابة الطفل 25٪ في حالة إذا كان أحد الوالدين مصابا، وتزداد النسبة إلى 50٪ إذا كان كلا الوالدين مصابين.
كما تشكل الاستجابة المناعية عند الطفل للالتهابات الفيروسية، أو بعض المؤثرات الخارجية كالهواء البارد عاملا رئيسا في حدوث نوبات الربو؛ لذا نلحظ تكررها في أوقات موسمية معينة ولاسيما في فصل الشتاء، بالإضافة إلى التعرض للغبار، البخور، دخان السجائر، أو فراء بعض الدمى، والحيوانات الأليفة في المنزل، وقد يحتوي بعض الأثاث المنزلي، أغطية السرير والستائر على ما يسمى بعثة الفرش، وهو كائن مجهري يعمل على تحفيز الجهاز المناعي مما يحدث أزمات الربو لدى الأطفال الذين لديهم الاستعداد الوراثي للإصابة لذا يفضل غسل تلك الأغطية بالماء الساخن مرة كل أسبوعين، واستخدام الأغطية الطبية للمخدات والأسرة، وتشمل المسببات كذلك روائح بعض الطيور، حبوب اللقاح، دهانات الجدران، وغيرها كما أن بعض الأدوية مثل الاسبيرين و حاصرات بيتا تُعد من الأسباب الأساسية في ظهور وتكرار مثل هذه الأعراض.
في الأطفال الأصغر سنا يعمل ارتجاع بعض محتوى المعدة إلى المريء على تهيج تلك النوبات، وتؤدي بعض الاعتلالات الهرمونية لدى الأطفال المصابين بزيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية إلى تفاقم وزيادة أزمات الربو، ولا ننسى أن لبعض الحالات النفسية دورا كبيرا في نشوء تلك الأزمات. أما فيما يخص العلاقة بين نوعية أكل الطفل أو نوعية الحليب ومشكلة الربو الشعبي فإنه وفي غالبية الحالات لاتوجد علاقة ولا يؤثر تغيير نوعية الأكل على تحسن الحالة، إلا في بعض الحالات القليلة، حيث تتسبب بعض المأكولات كالأسماك والمكسرات إلى ظهور طفح جلدي عندها يفضل الامتناع عن تناول تلك المأكولات.
٭ كيفية الوقاية من الربو وما طرق علاجه؟
تُعد الوقاية هي الركيزة الأساسية لحل الكثير من المشاكل الصحية، فعند تشخيص الحالة يجب تجنيب الطفل المصاب المسببات التي تثير عليه تلك الأزمات، حيث إن بعض الملابس تحتوي على مواد مهيجة قد تكون سببا لظهور تلك الأعراض لدى الطفل المصاب، كما أن نشر الملابس بعد غسلها في أماكن معرضة للغبار يؤدي إلى تعلق ذرات الغبار بتلك الملابس؛ مما قد يسبب عودة نفس الأعراض، ويفضل الاستعاضة بفرش السجاد في المنزل بالسيراميك تجنبا لوجود أي محسسات للجهاز المناعي للطفل، ومن المهم المسارعة بمعالجة أي التهاب قد يكون عاملا في تجدد نوبات الربو، ولا يجب منع الطفل من ممارسة نشاطاته اليومية أو الرياضة بحجة تخوف الأهل من تقلبات الطقس وتأثير المجهود العضلي، وبالتالي ظهور أعراض المرض، ففي حقيقة الأمر تلك الطريقة تخالف أساسيات معالجة هذا المرض، حيث يتوجب علاج الطفل دون تقييده عن ممارسته نشاطاته اليومية، ويجب تركه يلعب بحرية مع إعطائه دواء موسعا للقصبات قبل الرياضة، ويهدف العلاج إلى التخلص من الأعراض المصاحبة للحالات الحادة، والتقليل من حدوثها مستقبلا مما يجنب الطفل المصاب خطورة النوبات المستقبلية، ويمكنه من ممارسة حياته بصورة طبيعية ويجنب الأطفال الأكبر سنا الغياب المتكرر عن المدرسة، وكما ذكرنا أن الاستجابة المناعية تظهر في مرحلتين مبكرة ومتأخرة حيث يتم العلاج في المرحلة الأولى بمحفزات مستقبلات بيتا B2-receptoragonist مثل بخار أو بخاخ الفنتولين، أما المرحلة الثانية فبالإمكان منع حدوثها باستعمال الكورتيكوستيرويد corticosreroids على هيئة أقراص أو شراب بريدنيسولون prednisolone أوعلى هيئة بخار budesonide أو حقن ميثيل بريدنيسولون methylprednisolone في الحالات الأشد حدة. تُعد موسعات الشعب الهوائية مثل بخار أو بخاخ الفنتولين، الاتروفينت وغيرها أحد أهم الأدوية في معالجة الحالات الحادة لأزمات الربو، كما أن استعمال الكورتيكوستيرويد عن طريق البخاخ يُعد حجر الأساس كعلاج وقائي وعلاجي ولكن نلاحظ أن بعض الأطفال لايتحسنون باستعماله مما يعني أن الآباء أو الأمهات لا يستعملون ذلك لأطفالهم نتيجة تصورهم أن الأضرار الجانبية الناتجة عن الكورتيكوستيرويد المعطى لفترة طويلة عن طريق الفم بشكل أقراص أو عن طريق الحقن هي نفس الأضرار الناتجة عن استعماله كبخاخ إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال لايحسنون استعمال البخاخ بالطريقة الصحيحة، وفي هذه الحالة يمكن استعمال قمع خاص مزود بصمام في أحد طرفيه، ويتم إيصال فوهة البخاخ في الطرف الآخر للقمع مما يضمن وصول رذاذ العلاج إلى داخل الشعب الهوائية بنسبة أكبر. هناك علاج وقائي بديل للكورتيزون (مضادات الليكوترينز) يتم تناوله عن طريق الفم على شكل أقراص قابلة للمضغ، ومجموعة الليكوترينز عبارة عن مواد يتم إفرازها عن طريق بعض الخلايا المناعية مثل mast cells، basophils، eosinophils نتيجة تعرضها لأحد المؤثرات الخارجية والتي تم ذكرها مسبقا، وقد تم اكتشاف تلك المادة عام 1938م حيث تعمل على تضيق الشعب الهوائية، ولكن لم يلق الضوء عليها بشكل كامل حتى عام 1983 م حيث تم تصنيفها إلى عدة أنواع منها ليكوترين سي LTC4، ليكوترين دي LTD4 وليكوترين أي LTE4. وتصنف الليكوترينز من مجموعة تدعى eicosonoids وتشمل البروستاجلاندين والثرومبوكسان وتعمل هذه المواد على تكوين البلغم بالإضافة إلى قبض الشعب الهوائية مما يؤدي إلى ظهور أعراض أزمة الربو، وعند قياس نسبة الليكوترينز في البول أو الغشاء المخاطي المبطن للأنف كانت نسبتها عالية عند الأطفال المصابين مقارنة بالأطفال الأصحاء، كما تُعد مجموعة الليكوترينز أقوى 1000 مرة من الهستامين في إحداث تضيق الشعب الهوائية، ويوجد الآن بعض المركبات والتي تعطل عمل الليكوترينز وبالتالي تؤدي إلى توسع الشعب الهوائية واختفاء الأعراض لدى الأطفال المصابين ومن هذه المركبات زافيرولوكاست zafirlokast، مونتيلوكاست montelukast وزيلوتون zileuton وتسمى تلك الأدوية بمضادات الليكوترينز، نشير إلى أحدها وهو مونتيلوكاست، حيث أصبح ذلك العلاج متوفرا في فبراير من عام 1998م ويتوفر بشكل أقراص بجرعة 10 مجم للبالغين و 5مجم قابلة للمضغ للأطفال من سن 6 سنوات فأكثر ولا يستعمل في الحالات الحادة، ولكن يمكن استعماله كعلاج وقائي للحالات البسيطة إلى المتوسطة للأطفال المصابين والذين لايستجيبون لأدوية الكوريكوستيرويد المستنشق حيث يعطى مرة واحدة في اليوم قبل النوم ويبدأ مفعول العلاج خلال 3-4 ساعات من تناوله، ويستمر مفعوله إلى 24 ساعة، ويجب أخذ الحيطة عند استعمال مونتليوكاست montelukast مع بعض الأدوية الأخرى مثل الفينيتوين الفينوباربيتون أو الريفامبيسين كما أنه وكأي علاج لايخلو من الأعراض الجانبية إذ قد يسبب اضطرابا في الجهاز الهضمي، الجهاز التنفسي أو الجهاز العصبي مثل الصداع أو الدوار لذا يلزم عدم استخدام أي علاج إلا بإشراف طبي مباشر.
لا علاقة لنوعية الطعام بالإصابة بالربو
ظهور الأكزيما يدعم تشخيص الربو