الكسور خطيرة ومزعجة.. وبعض الدراسات تصنفها من مسببات الوفيات
العظام.. ليست لحمل الجسم فقط!
يلاحظ كسر في العظام
د. عبدالعزيز بن محمد العثمان
قد يسقط شخص سقطة عادية أو يتعثر فيشعر بألم في القدم وعند مراجعة الطبيب يكتشف أنه أصيب بكسر أو شعر في العظم، فيستغرب أن ذلك التعثر سبب كل هذا. الحقيقة أن التعثر أو السقوط العادي لا يسبب كسراً في العظم في الحالات العادية أقصد إن كان العظم سليماً صحياً، ولكن المشكلة في ضعف العظم لقلة الكالسيوم والفسفور وفيتامين (د).
من أخطر الكسور التي تكون مضاعفاتها خطيرة ومزعجة وتحتاج لوقت طويل حتى تلتئم ويحتاج لعلاج طبيعي طويل وأحياناً لا يستطيع الشخص أن يمشي بشكل طبيعي لاحقاً، إنه كسر الحوض، بل إن بعض الدراسات تصنفه من مسببات الوفيات، هو يصيب النساء أكثر لكونه أنعم وأخف وزناً ويختلف تركيبه بما يناسب تلبية وظائف الحمل والولادة، أما الرجال فكسر عنق عظمة الفخذ أكثر انتشاراً لأنه أكثر منطقة ممكن تتعرض للثقل لحمل الجسم والحركة غير المتوقعة. الأطفال لا يتعرضون للكسور بمجرد السقوط ولو من مكان مرتفع نسبياً والسبب أن عظامهم مرنة جداً لم تتكلس مثل عظام كبار السن ولهذا تتحمل الانثناءات البسيطة وتنمو بسرعة لو حصل فيها كسر.
هل تتصورون بناية كبيرة بلا أعمدة قوية؟ إن العظام تقوم بدور الأعمدة كأحد وظائفها، فكما أن أي عطب في الخرسانة أو حديد التسليح لتلك الأعمدة سيسبب ضعفاً للعمود وربما سقوطاً للبناية، فإن ضعف العظام يؤدي بالتأكيد إلى وهن الجسم وضعفه وسهولة كسر عظامه.
يشكو عدد كبير من النساء من آلام العظام أو الأسنان بالذات مع الحمل والرضاعة لدرجة أن المشي يكون مؤلماً للساقين والركبتين وقد تجد المرأة صعوبة في حمل الأشياء لوجود آلام في الساعدين ومفاصل اليدين وقد تراجع أطباء الأسنان لمشاكل متكررة في ضعف الأسنان، ويشكو عدد كبير من الرجال من الآلام خصوصاً في أسفل الظهر.
إن تلك الأعراض والآلام نتيجة لضعف العظام نتيجة قلة الكالسيوم والفسفور وفيتامين (د)، وكان يمكن تجنب كل تلك المعاناة والأخطار بتناول منتجات الحليب بشكل كاف والتعرض لأشعة الشمس أو حتى تناول مدعمات غذائية تقي الجسم من تلك المشاكل قبل أن تستفحل وتسبب مضاعفات يصعب علاجها.
كلنا نعرف أن مرض هشاشة العظام من أكثر الأمراض انتشاراً في مجتمعنا فهو يصيب أكثر عدد كبير من الناس بالذات النساء، لحاجتهن أكثر للكالسيوم والفسفور وفيتامين د وأيضاً لعدم تعرضهن بشكل مباشر لأشعة الشمس ولقلة مزاولتهن للرياضة، أما نقص فيتامين (د) فيعاني منه أكثر من 95% من الشباب والمراهقين وأكثر من 80% من البالغين.
ليست مادة جبسية ميتة
خلق العظام معجز كما هو الحال في خلق بقية الأنسجة والخلايا، فقد يظنها البعض مادة جبسية ميتة تسند الجسم والحقيقة أنها أعضاء حية تتكون من خلايا ودم ومواد تركيبية كثيرة مثلها مثل باقي أنسجة الجسم. لكي تكون خفيفة ولديها مرونة فلم يخلقها الله مصمتة بل على هيئة شبكة مترابطة بينها فراغات يجري فيها الدم ويتم تصنيع كريات الدم بكل أنواعها وأقرب مثال لتلك الشبكة هو تشبيهها بالإسفنجة.
عندما نحس بالتعب نشعر به في عظامنا وعندما نمرض نشعر وكأنه يسري في عظامنا أيضاً،
يقول أبو الطيب المتنبي وهو يتحدث عن الحمى:
وزائرتي كأن بها حياء
فليس تزور إلا في الظلام
فرشت لها المطارف والحشايا
فعافتها وباتت في عظامي
يقول الله سبحانه وتعالى على لسان سيدنا زكريا عليه السلام، بعدما كبُر سنُّه ورقَّ عظمُه واشتاق لولد يأنس به وتقر به عينه: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً)، إن عبارة (وَهَنَ العَظْمُ) تعبر عن وجود ضعف في العظام نتيجة تقدم السن. وكلمة (وهن) تشير إلى نقصان متانة وصلابة العظام.
يتكون جسم الشخص البالغ من 206 عظمات تشكل مايسمى بالنسيج العظمي أو الهيكلي، وتتحكم ثلاثة أنواع من الخلايا في ذلك الجهاز، خلايا إنتاج العظم، وخلايا ماصة أو محطمة للعظم، خلايا عظمية بالغة تحافظ على التوازن بين النوعين السابقين، ولكل نوع وظائف مهمة ففي فترة النمو يحتاج الجسم لبناء العظام فتنشط الخلايا المنتجة وأحياناً يحتاج الجسم لتعديل تركيب العظام أو التخلص من بعض الزوائد فيحتاج إلى خلايا تؤدي هذه المهمة.
وظائف العظام
العظام ليست مثل بعضها بل هي أنواع تم تقسيمها بناء على شكلها وتركيبها وبالتالي وظيفتها فهناك العظام الطويلة وتوجد في الذراعين والفخذين، وتعد عظمة الفخذ أكبر وأثقل عظام الجسم، والعظام القصيرة وتشبة الصندوق في مظهرها الخارجي، مثل عظام الرسغ والكاحل، والعظام المسطحة مثل عظمة القص ولوح الكتف وسطح الجمجمة، والعظام غير المنتظمة مثل فقرات العمود الفقري والعديد من عظام الجمجمة، والعظام السمسمية تشبة بذور السمسم تقع بالقرب من الأربطة والمفاصل كما في عظام الرضفة في الركبة، والعظام المسننة تقع بين عظام الجمجمة المسطحة، حوافها مسننة بحيث تتداخل مع بعضها.
يتبادر للأذهان أن فائدة العظام حمل الجسم والحقيقة أن لها فوائد أخرى مثل الدَعامة والحماية فهي تعطي الجِهاز الهيكلي الشَكل العام للجسم، وتربط أنسجة وأعضاء الجِسم مع بعضها البعض وتحمي بعض العظام الأعضاء الحساسة مثل الدِماغ، ويَحمي القفص الصدري القَلب والرئتين وَغيرها، ومن وظائف بعض العظام إنتاج خَلايا الدَم في نُخاع العَظم الأحمر، وتعمل بعض العظام عمل الرَوافع حيث تعمل على تغيير مقدار واتجاه القوة الناتجة عن العَضلات ومن وظائفها خزن الأملاح والدُهون فهي تُشكل مَخزناً رئيسياً لأملاح الكالسيوم والفسفور في الجسم، كما تُخزن الدُهون في نخاع العظم الأصفر.
الحوادث والسقوط أبرز أسباب الكسور