أغلب آلام الظهر لا تعود لمشاكل في العمود الفقري.. بل لضعف عضلات الظهر التي تحمل الجسم وتحقق اتزانه

الشمس ضرورية للعظام
د. عبدالعزيز بن محمد العثمان
    من أشهر أمراض العظام الكساح الذي يصيب الأطفال لعدم توفر الكالسيوم والفووسفور وفيتامين د، مما يجعل جميع العظام ضعيفة ولكن يظهر الضعف بشكل واضح على الساقين لكونهما يتحملان ثقل الجسم فيكون هناك تقوس للخارج لعظمتي الساقين، ويشبه هذا المرض مرض لين العظام والذي يصيب الكبار بسبب عدم تكون الكالسيوم وفيتامين د، أما مرض هشاشة العظام فإن الكالسيوم يكون موجوداً في الأصل لكنه يهاجر من العظام والأسنان لأسباب مختلفة مما يجعلهما هشين يصيبهما الكسر بأبسط الأسباب.
ولكن ما سبب عدم تكون الكالسيوم أو هجرته من العظام؟؟ للإجابة عن هذا السؤال دعونا نستمع لأم محمد التي زارت العيادة بسبب آلام في الظهر ووخز في الساقين.. سألتها بعض الأسئلة حول الموضوع فتبين أنها تسكن في شقة وتغذيتها سليمة.. قلت لها كم مرة تتعرضين للشمس؟ قالت إن ضوء الشمس يدخل للشقة من خلال زجاج النوافذ.. وكم كأساً من الحليب تشربين؟ قالت بصراحة لا أحب الحليب.. وماذا عن الأجبان والقشطة؟ قالت لا أحبهما كذلك وجميع أولادي لا يحبونهما.. أعتقد أن لدينا حساسية منها.
أتضح أن أم محمد لا تتعرض للشمس مباشرة فزجاج النافذة يمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية المتوفرة في أشعة الشمس التي تحول الكوليستيرول المخزن تحت الجلد إلى فيتامين (د) فلا بد من التعرض المباشر فلا تفيد أشعة الشمس من خلال زجاج النوافذ، كما أنها لا تتناول مصدراً للكالسيوم المتوفر بشكل كبير في الحليب ومنتجاته.
فما هو الحل؟ إن بيوت آبائنا وأجدادنا صحية فكانت توفر الهواء الطلق وأشعة الشمس المباشرة وفي نفس الوقت توفر للمرأة سترها وحريتها داخل البيت.. أما بيوتنا الحالية فتصميماتها مستوردة، فنحن نطلب من المعماريين أن يصمموا بيوتنا بحيث لا يدخلها التراب وأن تكون معزولة من الحرارة.. ولم نوفر مساحة يمكن للنساء والأطفال أن يجدوا فيها متنفساً ولو صغيراً.. اقترحت على أم محمد أن تمشي في مكان مفتوح ومناسب مرتين في الأسبوع مثلاً في نهاية الأسبوع، وما دامت حاملاً يمكنها أن تمشي في حديقة أو مقدمة المنزل ولو كانت صغيرة أو تخرج مع زوجها وأولادها لمكان مفتوح ليتعرض الوجه والكفين لأشعة الشمس المباشرة كما أن المشي أو أي تمارين بدينة تساعد على تقوية العظام وتخزين الكالسيوم والفوسفور في العظام والأسنان.. وبالمناسبة فإن أغلب آلام الظهر ليست بسبب مشاكل في العمود الفقري كما يظن الكثيرون، وإنما هو بسبب ضعف عضلات الظهر التي تحمل الجسم وتحقق اتزانه فضعفها يؤدي إلى عدم تطابق فقرات الظهر على بعضها وقد يؤدي إلى تآكل جزء منها فيؤدي إلى الانحناء مما يزيد الضغط على الفقرات الظهرية فيحدث لها التهابات أو تآكل؛ أملي أن يتم تعديل مواصفات المباني لكي تدخلها الشمس بطريقة مناسبة يمكن للزملاء المهندسين المعماريين أن يجدوا لها حلا يتوافق بين تحقيق المتطلبات الصحية والظروف البيئية.
وبالنسبة لعدم تناول أم محمد لمنتجات الحليب فهو أمر جدير بالنقاش والحل فإن كان بسبب حساسية فالحل تناول مصادر بديلة للكالسيوم والفوسفور غير منتجات الحليب وإن كانت مجرد عدم تقبل فالحل هو تناول منتج آخر للحليب مثل الأجبان والزبادي أو حتى إضافة الحليب الجاف إلى بعض الأغذية كالكريمة والآيس كريم، ونظيف الحليب السائل للشاي. لا أظن أن هناك حلا مستحيلا فبالتدريج يمكننا أن نتناول الأغذية التي كنا لا نحبها بدون أي مشكلة أو أن نتناول بديلاً عنها وغني بالعناصر الغذائية المطلوبة فمثلاً هناك أغذية أخرى غنية بالكالسيوم مثل اللحوم والأسماك والربيان والبيض ومن الخضراوات البسلة والبقدونس والجرجير والفجل ومن الفواكه التمر، ولكن لماذا نفضل الحليب ومنتجاته على بقية الأغذية.. السبب أنه يوفر عنصراً مهماً آخر للعظام والأسنان هو الفسفور حيث لا يمتص الجسم الكالسيوم إلا في وجوده وبنسبة مساوية للكالسيوم أو تقل إلى النصف فقط.. والحقيقة أن أم محمد كانت تحتاج في ذلك الوقت لبعض المكملات (حبوب كالسيوم وفيتامين د) تلافياً لأي مشكلة وفي نفس الوقت يتوجب عليها التركيز على الغذاء الطبيعي، وهناك فيتامينات أخرى تلعب دوراً في هذا المشكلة وهي فيتامينات (ج، ه، ك) بالإضافة إلى فيتامين (د) والفسفور والمغنيسيوم والزنك والمنجنيز والنحاس والسيليكون، كلها يجب العناية بمصادرها.
النساء اللاتي يبلغن الأربعين وأكثر يحتجن لتناول حبوب أو كبسولات كالسيوم بالذات بعد انقطاع الطمث حيث يختل تركيز الهرمونات والتي لها تأثير مباشر على تخزين الكالسيوم الضروري لنمو الأجنة وكذلك الإرضاع، وعند عدم وجودهما عند سن اليأس نتيجة نقص هرمون الاستروجين فإنه يقل ترسيب الكالسيوم في العظام، فقد خلق الله كل شيء بقدر. لهذا يهاجر الكالسيوم من العظام لهذا السبب أو بسبب تناول الكورتيزون أو الكورتيكو ستيرون وبعض أدوية الغدة الدرقية والربو والروماتيزم، فالذين يتناولون الكورتيزون يجب أن يتناولوا أقراص الكالسيوم وفيتامين د، وأيضاً الذين ابتلوا بشرب الخمور أو التدخين عليهم خطر أمراض العظام لأن تلك المواد تقلل امتصاص الكالسيوم وتقلل مستوى الاستروجين.