المرأة وصحة القلب
اعداد: إدارة المسؤولية الإجتماعية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث
تزايد الاهتمام بالمرأة وإصابتها بأمراض القلب خاصة أمراض الشرايين التاجية في الفترة الأخيرة وهو ما يعكس بصورة أشمل الاهتمام بتحسين العوامل الصحية للمرأة، وتكون المرأة أقل تعرضاً للإصابة بأمراض القلب مقارنة مع الرجل، وذلك في غياب عوامل الخطورة المعروفة مثل (التدخين، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون، مرض البول السكري، قلة ممارسة الرياضة، العامل الوراثي، وتقدم السن)، وربما يرجع ذلك إلى اختلاف الهرمونات وتأثيرها في عوامل الخطورة بما يمكن أن يسمى الحماية الأنثوية وخاصة في السن الصغيرة وحتى ما قبل مرحلة انقطاع الطمث.
ويعتبر التدخين من أهم عوامل الخطورة على القلب سواء في النساء أو الرجال، وقد وجد أن هناك ارتباطا وثيقا بين الإصابة بجلطات القلب في سن أصغر والتدخين، وعبر العقود السابقة وجد أن هناك تزايدا ملحوظا في عدد المدخنات، بل الأكثر من ذلك أن الاستعداد للإقلاع عن التدخين يكون أسهل نسبياً في الرجال عنه في السيدات، حيث أصبح التدخين من العادات السيئة جدا عند حواء في الفترة الأخيرة وانتشرت هذه الظاهرة بدرجة ملحوظة حتى في الأماكن العامة.
ومن عوامل الخطورة اختلال دهون الدم، فمن المعروف أن هناك اختلافاً في نسبة دهون الدم في المرأة عنه في الرجل مع الأخذ في الاعتبار علاقة ذلك بعامل السن حيث يصل معدل الكوليسترول الإجمالي إلى القمة عند المرأة في سن 55 - 60 سنة في حين أنه عند الرجل في سن 50 سنة.
ويعتبر الكوليسترول عالي الكثافة HDL أو ما يمكن أن يطلق عليه الكوليسترول المفيد) أعلى لدى المرأة من الرجل، وهو يمثل أحد عوامل الحماية عند المرأة، وبالتالي فإن هناك تناسباً بين انخفاض معدل الكوليسترول عالي الكثافة واصابة المرأة بأمراض القلب، وذلك على عكس الرجل الذي تكون نسبة الكوليسترول قليل الكثافةLDL عنده أعلى منها لدى المرأة، كما أن الدهون الثلاثية تمثل عاملاً مهما للخطورة أيضا لدى المرأة، فمن المعروف ان مستوى الدهون الثلاثية يتأثر كثيراً بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة وتخفيض الوزن.
ولأن المرأة تصاب بأمراض القلب عادة في توقيت متأخرعشر سنوات عن الرجل فإن معظم الأبحاث الطبية الخاصة بالوقاية الابتدائية لم تشمل عدداً كبيراً من السيدات، ومع ذلك فإننا ننبه إلى أن المرأة التي لديها عوامل خطورة أكبر مثل السيدات المصابات بمرض البول السكري بأنه من المحتم عليها الاهتمام أكثر بالسيطرة على ارتفاع نسبة الدهون بالدم بالمقارنة بغير المصابات.
وعامل آخر من عوامل الخطورة لدى السيدات ألا وهو زيادة الوزن والبدانة، فمن الملاحظ أن معدل البدانة وزيادة الوزن في ازدياد مستمر، حيث تشير آخر الاحصائيات انه بلغ اكثر من 30% عند السيدات ذوات البشرة البيضاء و50% عند ذوات البشرة السمراء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاختلاف في السلالات والأجناس قد يكون عاملاً مؤثراً أيضاً، وترتبط البدانة وزيادة الوزن بالكثير من عوامل الخطورة المؤثرة في القلب، وقد وجد أن التعديل في العادات ونمط الحياة لتخفيض الوزن يعطي نتيجة أكثر نجاحاً إذا ارتبط بممارسة الرياضة، وننصح بتنظيم العادات الغذائية والمحافظة على الوزن المثالي وتناسب الوزن مع الطول وكذلك الاهتمام بقياس محيط الخصر بحيث لا يزيد على 88 سم في السيدات، ولكي نحدد الهدف فإنه يجب ان يقل الوزن بمعدل 10% من الوزن الاصلي على مدى ستة أشهر.
ومن العوامل التي حددها الأطباء كأحد عوامل الخطورة في التعرض لأمراض القلب لدى السيدات هو انقطاع الطمث والهرمونات التعويضية، ففترة انقطاع الطمث عند السيدات تعتبر مرحلة انتقالية في حياة المرأة مع ما يعتريها من تغيرات هرمونية وفسيولوجية قد تكون مصاحبة بتغيرات نفسية وعضوية أيضا، ويتبع ذلك أيضاً زيادة في عوامل الخطورة المؤدية إلى أمراض القلب والتي تتفاقم اكثر في السيدات المدخنات.
وقد كان الظن السائد حتى وقت قريب أن استعمال الهرمونات التعويضية يقلل من احتمالات الاصابة بأمراض القلب وخاصة أمراض الشرايين التاجية، ولكن في الواقع أنه وبعد مراجعة نتائج الكثير من الأبحاث الطبية التي تناولت هذه الفئة من السيدات اللاتي يتناولن هذه الهرمونات التعويضية فقد لوحظ أنه ليس هناك فرق يذكر في الإصابة بأمراض القلب عن الفئة التي لا تتناول الهرمونات التعويضية، بل على العكس، فقد وجد
أنه مع تناول هذه الهرمونات تكون المرأة أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض الأخرى مثل حدوث التجلطات الوريدية وأمراض الحوصلة المرارية، بل أكثر من ذلك أنها تزيد احتمالات الإصابة بأورام الثدي مع الاستعمال طويل المدى وخاصة إذا تجاوز خمس سنوات. وليست هذه كل عوامل الخطورة فهناك عوامل أخرى، مثل العوامل النفسية والاجتماعية، وداء السكري، وكذلك ارتفاع ضغط الدم، ودور قلة النشاط الرياضي والبدني كعامل خطورة في إصابة السيدات بأمراض القلب وسيتم تناول هذه العوامل الأخيرة في مقال آخر في هذه الصفحة.
* مركز القلب