الخمول وقلب المرأة
اعداد: إدارة المسؤولية الإجتماعية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث
شهدت المملكة العربية السعودية على مدى العقدين الماضيين تطوراً حضارياً كبيراً أدى إلى تغيرات ملحوظة في نمط حياة الأفراد، حيث انخفض بشكل كبير حجم العمل الاعتيادي اليومي الذي يتطلب جهداً بدنياً، وطغى استخدام الأجهزة الكهربائية على العمل اليدوي في مختلف مجالات الحياة من زراعة وصناعة ووسائل المواصلات، وأصبح العمل اليومي في معظمه مكتبياً لا يتطلب أدنى جهد عضلي من الفرد.
كل هذه العوامل أدت إلى انخفاض معدل النشاط البدني اليومي لعامة الناس ولم يسلم من ذلك حتى الأطفال والشباب فأصبحوا يستخدمون في تنقلاتهم السيارة ويقضون الكثير من أوقاتهم أمام التلفاز أو الكمبيوتر، إضافة إلى اعتمادهم على الوجبات الغنية بالسعرات الحرارية والتي تحتوي على كميات عالية من الدهون والسكريات، والنتيجة تكون انتشار المشكلات الصحية المرتبطة بنمط الحياة المعاصرة مثل أمراض القلب.
ويمثل نمط الحياة المتسم بقلة الحركة أحد الأسباب الرئيسية للوفاة والمرض والعجز، حيث تحدث سنوياً حوالي مليوني وفاة يمكن أن تُعزى إلى انعدام النشاط الحركي، وبحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية فإن نمط الحياة المتسم بقلة الحركة يمثل أحد الأسباب العشرة الرئيسية للوفاة والعجز في العالم، ويسود هذا النمط من الحياة في جميع بلدان العالم المتقدمة والنامية على حد سواء، حيث أن أكثر من 50% من البالغين في البلدان المتقدمة لا يمارسون النشاط الحركي بالقدر الكافي، وقد تراوحت نسبة البالغين قليلي الحركة في العالم بين 60% – 85%.
وقد ساهمت العديد من العوامل على الحد من النشاط الحركي مثل الازدحام والفقر والجريمة ورداءة الهواء وانعدام المنتزهات والمرافق الترفيهية وعدم وجود أرصفة للشوارع.
إن النساء على وجه التحديد بحاجة إلى تغيير نمط حياتهن ليعشن حياة صحية حيث أن عادة الخمول تتطور لدى الفتيات في بداية حياتهن بينما يعتاد الفتيان على اتباع أنماط حياتية نشيطة مثل ممارسة ألعاب كرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضية، وهناك العديد من الأمور البسيطة التي يمكن أن تساعد على إبقاء الفرد سليماً ونشيطاً مثل المشي اليومي لمدة نصف ساعة على الأقل.
إن النشاط الحركي هو السبيل إلى حماية جسم المرأة من الترهل ووقاية عضلاتها من الارتخاء كما أن النشاط الحركي يحمي المرأة من الإكتئاب الذي ينتشر بين النساء بما يساوي الضعف عند الرجال، ويوجد في العالم أكثر من 70 مليون امرأة مصابة بداء السكري وهو رقم يمكن أن يتضاعف بحلول سنة 2025م.
هل تأثير الخمول على صحة القلب لدى النساء يختلف عن تأثيره لدى الرجال؟
نعم، تشير الإحصائيات إلى أن سبب الوفاة لأكثر من ثلث النساء اللاتي عانين من أمراض القلب هو قلة النشاط الحركي، حيث أن ضغوط العمل بالإضافة إلى الكآبة يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بأمراض القلب والشرايين، وفي محاولة للتخفيف من آثارها والتغلب عليها تلجأ الكثيرات إلى التدخين وتناول الأغذية ذات الشحوم العالية والمأكولات الجاهزة، بينما تلجأ الأخريات إلى قضاء الوقت في أمور تتسم بالخمول كمشاهدة التلفزيون.
لقد أشارت الإحصائيات إلى أن سبب الوفاة عند 38% من النساء المصابات بأمراض القلب هو الخمول، بينما يعود السبب في وفاة 47% إلى ارتفاع نسبة الكولسترول و 6% بسبب البدانة.
* قسم التثقيف الصحي