محمد سامي عودة *
الكوليسترول مادة دهنية صفراء اللون تشبه الشمع يقوم جسم الإنسان بتصنيعها في الكبد ويستخدمها في صنع جدران الخلايا وبعض الهرمونات وبعض الفيتامينات كفيتامين “د”، كما أن الكوليسترول مهم لصنع العصارة الصفراوية التي تساعد في هضم الدهون، وينتج الجسم معظم الكوليسترول في الكبد ولكن يمكن الحصول على الكوليسترول أيضاً بتناول المنتجات الحيوانية مثل اللحوم ومنتجات الألبان الكاملة الدسم وصفار البيض والزبدة والجبن الصلب (الشيدر) والآيس كريم والقشطة، ويؤدي الإفراط في تناول الدهون المشبعة والأغذية التي تحتوي على الكوليسترول إلى ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.
لا ينتقل الكوليسترول في الجسم لوحده لذلك وجب عليه الاتحاد مع مادة بروتينية تُسمى ليبوبروتين ليصبح المركَّب سهل الانتقال داخل الجسم وينقسم هذا المركَّب إلى نوعين هما: كوليسترول بروتيني (ليبوبروتين) منخفض الكثافة الضار(LDL)، ويعتبر ضاراً للجسم لأنه ينقل الكوليسترول من الكبد إلى الشرايين والأنسجة ويساعد على تصلب الشرايين وزيادة نسبته في الدم تؤدي إلى ترسبه على جدران الأوعية الدموية مما يسبب ضيقها أو انسدادها وكلما انخفض مستواه في الدم كلما كان أفضل وإذا ارتفع مستواه في الدم فإنه يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين التاجية للقلب والوفيات ويزيد من الحاجة لإجراء الجراحات القلبية، والنوع الثاني هو كوليسترول بروتيني (ليبوبروتين) عالي الكثافة الجيد (HDL)، ويُعتبر مفيدًا للجسم لأنه ينقل الكوليسترول من الشرايين إلى الكبد حيث يتم التخلص منه وهو لا يترسب على جدران الأوعية بل إنه يزيل الكوليسترول الزائد من على جدرانها وكلما ارتفع مستواه في الدم كلما كان أفضل فارتفاع مستواه في الدم يؤدي إلى الحماية من أمراض القلب بما في ذلك الجلطات. إن المواظبة على ممارسة الرياضة تؤدي ارتفاع مستواه في الدم.
تلعب نسبة الكوليسترول الموجودة في الدم دورًا هامًا في تحديد احتمالات الإصابة بأمراض القلب، فكلما ارتفعت نسبة الكوليسترول في الدم كلما ارتفعت احتمالات الإصابة بأمراض القلب، ومن المهم أن نعرف مستوى الكوليسترول الكلي في الدم ومستوى الكوليسترول الضار والجيد أيضاً، فمستوى الكوليسترول الكلي الآمن في الدم يجب أن يكون أقل من 200 ملغم/ ديسيلتر (أي أقل من 3.5 مليمول/ لتر)، والحد الفاصل لمستوى الكوليسترول الكلي ما بين 200 – 239 ملغم/ديسيلتر (أي 3.5 – 5.2 مليمول/لتر)، بينما الحد العالي الخطر لمستوى الكوليسترول الكلي يكون أكثر من 240 ملغم/ديسيلتر (أي أكثر من 5.3 مليمول/لتر).
إن زيادة تناول الكوليسترول في الطعام تساهم في زيادة تراكمه في الدم، ويُنصح بأن لا يتجاوز الشخص 300 ملجم من الكوليسترول يوميًا في طعامه وإلا زاد مستوى الكوليسترول الضار، كما أن نسبة الكوليسترول تعتمد على كمية الدهون المستخدمة في القلي أيضًا.
من ناحية أخرى أثبتت الدراسات أن ممارسة الرياضة تؤدي إلى زيادة مستوى الكوليسترول الجيد والمفيد، بينما يؤدي التدخين إلى رفع مستوى الكوليسترول الضار وخفض الكوليسترول الجيد، كما أن هناك أمراضًا وراثية تساعد على رفع مستوى الكوليسترول الكلي والضار كنتيجة لنقص بعض الأنزيمات التي تساعد على إكمال عمليات استهلاك الكوليسترول في الجسم وبذلك لا تكتمل هذه العمليات الهامة فينتج عن ذلك ارتفاع الكوليسترول في الدم، من ناحية أخرى فإن هناك أمراضًا تساعد على ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم مثل داء السكري، نقص نشاط الغدة الدرقية، بعض أمراض الكلى والسمنة.
يتسبب الارتفاع في نسب الكوليسترول في الدم في الإصابة بأمراض الشرايين التاجية للقلب والتي تعتبر السبب الرئيسي في وفاة ملايين الأشخاص في العالم سنويًا، فارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم لفترة طويلة يؤدي إلى نقل الكوليسترول الضار منخفض الكثافة من الكبد إلى الشرايين وترسبه على الجدران الدخلية للأوعية الدموية مما يسبب ضيقًا في أنسجة تلك الشرايين وذلك نتيجة لترسب خثرات من الدم والصفائح الدموية فوق تلك الترسبات وهذا بدوره يؤدي إلى موت جزء من العضو الذي يعتمد على هذا الشريان المسدود في تغذيته فقد يُصاب الشخص بجلطة في الدماغ أو جلطة في القلب أو الأطراف، كما أن ارتفاع مستوى الكوليسترول قد يؤدي إلى التهاب المرارة نتيجة لتكوّن الحصى فيها والتي قد تنتج عن زيادة تصنيع الكوليسترول وزيادة العصارة المرارية.
قد يكون مستوى الكوليسترول لديك مرتفعاً وأنت لا تعلم، فغالباً ما تشعر بأنك في صحة جيدة لأن ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم لا يعطي أي علامات تحذيرية.
وسبل الوقاية من مخاطر الكوليسترول تتلخص في المحافظة على وزن طبيعي، والحرص على ممارسة الرياضة باستمرار، واتباع نظام غذائي سليم قليل الدهون غنيّ بالحبوب والفواكه والخضروات واللحوم البيضاء كالأسماك وقليل من اللحوم الحمراء والجمبري والنقانق والمخ والكبد والبيض والحليب ومشتقاته كاملة الدسم، واستخدام الزيوت النباتية كزيت الذرة وزيت دوار الشمس وزيت فول الصويا، وتجنّب عوامل الخطورة والتحكم فيها كالامتناع عن التدخين والتحكم بداء السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني.
إن اتباع نظام غذائي معين وممارسة الرياضة وتناول الأدوية يقلل كثيرًا من احتمالات الإصابة بمشاكل صحية في المستقبل بإذن الله، وفي حالة وجود ارتفاع بسيط للكوليسترول ولم يكن هناك تصلب في الشرايين أو وجود داء السكري فيجب اتباع حمية غذائية، وإذا لم ينخفض مستوى الكوليسترول في هذه المدة فسيتم وصف علاج دوائي مخصص لارتفاع الكوليسترول، أما في حالة وجود تصلب في الشرايين أو وجود داء السكري فيجب البدء بأخذ الدواء مباشرة، ويجب مراقبة الكوليسترول كل 3 أشهر ومتابعة مستوياته في الدم وإجراء التعديلات اللازمة في الخطة العلاجية.
تشير البحوث إلى أن حوالي 27% من البنين في مدينة الرياض لديهم مستويات مرتفعة من الدهون الثلاثية في الدم، وحوالي 23% منهم لديهم مستوى مرتفع من الكوليسترول، ولوحظ أن الأطفال النشيطين بدنياً تنخفض لديهم مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول والبدانة.