الكثير من الناس يكتشفون علامات "ما قبل السكري" في فحص الدم، وهي الحالة التي تكون فيها اضطرابات في توازن الجلوكوز والتي يمكن أن تتحول الى حالة مرض السكري من النوع الثاني!
كجزء من الفحوصات الروتينية التي يخضع لها كل شخص بالغ، الفحص الاكثر شيوعا هو فحص الدم. واحدى نتائج فحص الدم هي مستوى السكر في الدم (الجلوكوز). حيث تعتبر القيم الطبيعية للجلوكوز هي القيم التي تتراوح ما بين 70 الى 100 ملغ / ديسيلتر. اما القيم الاعلى من 126 ملغ/ديسيلتر فتعتبر على ان الشخص مصاب بمرض السكري.اما في حال كانت القيم تتراوح ما بين 100الى 126 ملغ / ديسيلتر فاننا هنا نتحدث عن حالة تدعى "ما قبل السكري- Prediabetic".
ما هي علامات ما قبل السكري؟ وكيف يتم التشخيص؟
علامات ما قبل السكري هي في الواقع مجموعة من الاضطرابات في مستويات الجلوكوز في الجسم، والتي قد تحدث قبل سنوات من تطور مرض السكري. كما ذكرنا، يمكن ان يتم التشخيص عن طريق فحص الدم لقياس السكري اثناء الصوم، وكذلك عن طريق استخدام اختبارين اضافيين: اختبار تحمل الجلوكوز، او اختبار خضاب الدم السكري، او ما يعرف بالهيموغلوبين الجلوكوزيلاتي (Glycosylated hemoglobin, hemoglobin A1c, HbA1c ).
- في اختبار تحمل الجلوكوز يطلب عادة من المريض ان يشرب 75 غراما من الجلوكوز، ثم يتم فحص مستوى السكر في الدم بعد نحو ساعتين. القيم بين 140 الى 200 ملغ / ديسيلتر تعتبر "حالة عدم تحمل الجلوكوز" حيث تعتبر هذه النتيجة ايضا حالة ما قبل السكري.
- الاختبار الثاني والذي تم ادخاله مؤخرا، هو اختبار خضاب الدم السكري كوسيلة تشخيصيه تقاس بالنسبة المئوية بحيث تعتبر القيمة الاعلى من 5.7% على انها حالة ما قبل السكري.
وتكتشف عادة حالات ما قبل السكري عن طريق الصدفة او من خلال فحوصات المسح الروتينية، لان الاشخاص الذين يعانون من علامات ما قبل السكري لا يشعرون باي ضرر في حالتهم الصحية. ومع ذلك، ما يدلنا بالاساس على العمليات التي تشير الى تطور مرض السكري في المستقبل هي الفحوصات المختلفة ونتائجها. كما والى ذلك يمكن ان تضاف واحده من البيانات المقلقة التي تبين ان حوالي 25% من المصابين بحالة ما قبل السكري سيصابون في نهاية المطاف بمرض السكري في غضون 3 الى 5 سنوات.
ماذا تقول الاحصائيات؟
كما اتضح فان علامات ما قبل السكري شائعة جدا. فوفقا للـ ADA (جمعية السكري الامريكية) وجد في عام 2007 ان هنالك حوالي 57 مليون شخص قد اصيب بحالات ما قبل السكري في الولايات المتحدة. ووفقا للتقديرات المختلفة، حوالي 30% من السكان البالغين (فوق سن 20) في البلدان المتقدمة يعانون من هذه الحالة. النسبة تزيد مع التقدم في السن وايضا موجودة لدى المراهقين والاطفال، ولا سيما بين اولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة.
لذا، هناك ضرورة مضاعفة لاكتشاف حالات ما قبل السكري عند الاشخاص!
اولا، لان الذين يعانون من حالة ما قبل السكري معرضون لخطر تطوير مضاعفات مرض السكري، التي تشمل: تضرر العينين، الكليتين، تضرر الاطراف العصبية، وحتى امراض القلب والاوعية الدموية. ونسبة هذه المضاعفات لديهم تكون اقل منها لدى المرضى الذين يعانون من مرض السكري. بواسطة العلاج الصحيح والمتابعة يمكن منع تطور المضاعفات وعلاجها مسبقا.
ثانيا، يمكن تجنب الانتقال من حالة "ما قبل السكري" الى مرض السكري من خلال التغذية السليمة، ممارسة النشاط البدني واحيانا بواسطة الادوية.
المواجهة في حالة "ما قبل السكري"!
اول خطوة ينبغي القيام بها، ببساطة الذهاب لاجراء الفحص، لمعرفة ما اذا ما كنت تعاني من علامات ما قبل السكري، واذا ما كان الخطر موجودا ام لا. ووفقا لتوصيات الـ ADA، يوصى باجراء اختبار الجلوكوز اثناء الصوم لكل شخص في جيل 45 وما فوق كل 3 سنوات. وينصح الاشخاص الذين لديهم عامل الخطر للاصابة بمرض السكري باجراء الفحوصات حتى قبل هذا السن.
الفئة التي تعتبر معرضة لزيادة خطر الاصابة بمرض السكري هم اولئك الذين لديهم تاريخ عائلي من الاصابة بمرض السكري، السمنة، الاصابة بسكري الحمل في الماضي، طفل مولود بوزن اكثر من 4 كغم، وغير ذلك. وفي بعض الحالات، يقرر الطبيب ايضا اجراء اختبار تحمل الجلوكوز، او فحص خضاب الدم السكري الذي ذكرناه مسبقا.
اذا تم بالفعل اكتشاف حالة ما قبل السكري، فهناك عدد من المبادئ الصحية التي مع الحفاظ عليها يمكن بالتاكيد منع تطور الحالة والانتقال الى مرض السكري. فقد وجدت الدراسات الهامة والعديدة ان التغذية السليمة، والتي تشمل النظام الغذائي الذي يحرص على تقليل نسبة السكريات البسيطة، واستبدالها ببدائل السكر الصحية، والمحليات الصناعية الامنة، مثل السبيلندا SPLENDA ®، الى جانب خفض الوزن بنسة 5% الى 7% من وزن الجسم، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام نحو 150 دقيقة في الاسبوع، يمكن ان تمنع الانتقال من حالة ما قبل السكري الى الاصابة بمرض السكري لدى 60% من الاشخاص. وهذه نسبة مذهلة وعالية لمنع الاصابة بهذا المرض وبوسائل بسيطة جدا. بالاضافة الى ذلك، فان للاقلاع عن التدخين ايضا تاثير على منع تطور مرض السكري.
وجدت بعض الادوية التي تم اختبارها لدى الاشخاص الذين ظهرت لديهم علامات ما قبل السكري ، والتي وجدت لها بعض القدرة على منع تقدم الحالة، مثل: الميتفورمين-Metformin، جلوكوفاج-Glucophage، جلوكامين-glucamine، اكربوز-Acarbose، واورليستات-Orlistat. من بين هذه الادوية التي تم اختبارها، كان لدواء الميتفورمين القدرة الاكبر على التقليل من تطور مرض السكري بنسبة تصل الى 30%. وتجدر الاشارة الى انه وفقا للمبادئ التوجيهية الحالية، يتم اعطاء هذا الدواء فقط للمرضى المعرضون لخطر كبير لا سيما للاصابة بمرض السكري، وفقا لتقدير الطبيب المعالج.
بالتوازي مع الجهود المبذولة للحد من قيم ومستوى السكر المرتفع في الدم، يجب بالطبع الحرص على قيم ضغط الدم سليمة، وكذلك المحافظة على قيم الدهون والكوليسترول السليمة في الدم. فهذه القيم مهمة للحد من خطر تضرر القلب والاوعية الدموية الضرورية لموازنة صحة الانسان.
اذن ما هي الخلاصة؟
تحدد حالة "ما قبل السكري" بالحالة التي يشير فيها الجسم لنا بصمت وبشكل غير محسوس تقريبا انه يحتاج الى التوازن! وبما ان مرض السكري من النوع 2 هو واحد من" اوبئة العصر الحديث"، والذي تعاني منه نسبة كبيرة من السكان، ومن اعراضه المزعجة التي تؤثر على نوعية حياة الانسان وصحته، فان حالة "ما قبل السكري" التي يمكن علاجها لتجنب حدوث المرض هي نوع من "الفرصة" التي يمنحها الجسم لنا، والتي لا ينبغي هدرها.