بعض الممارسات السريرية بالعيادات النفسية تؤكد أن نسبة انتشاره محلياً تصل إلى 13%
الرهاب الاجتماعي.. تربية «التوبيخ» تغذي مشاعر الخوف المرضي!
الرهاب الاجتماعي أو الخجل من الاضطرابات النفسية الأكثر انتشاراً في العالم وفي المملكة على وجه الخصوص
الرهاب الاجتماعي أو الخجل أو الخُواف الاجتماعي، أو الخوف الاجتماعي، القلق الاجتماعي، أو الارتباك في المواقف الاجتماعية وغير ذلك يعد من الاضطرابات النفسية الأكثر انتشارا في العالم وفي المملكة على وجه الخصوص، حيث تصل نسب انتشاره عاليا إلى حوالي 13% من إجمالي تعداد السكان، وهناك بعض الممارسات السريرية بالعيادات النفسية محليا تؤكد أن النسبة التقريبية تصل إلى 13%. الشيء الذي لابد أن نؤكده ابتداء هو أن الرهاب الاجتماعي لا علاقة له بالحياء؛ لأن الحياء هو خلق قويم يعني الابتعاد عن الفحش في القول والعمل.
والحقيقة أن "قليلا من الخوف لا بأس فيه" لأنه يساعد الإنسان على الاستعداد المناسب عند لقاء الآخرين ويجعله يظهر بالمظهر المشرف واللائق ولكن المشكلة تكمن في زيادة الخوف والذي يعيقه من ممارسة حياته اليوميه.
إن الخوف من الغرباء يبدأ مع الطفل منذ بداية الطفولة المبكرة، بل بمرحلة الرضاعة أي في الشهر السادس تقريبا، وهو سلوك فطري غريزي كي يفهم الآخرين ونواياهم.
أعراض الرهاب الاجتماعي: يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
* زيادة في ضربات القلب
* زيادة في سرعة التنفس
* التعرق
* ارتعاش اليدين أو الرجلين أو الجسم كله
* احمرار الوجه
* جفاف الحلق
* الدوخة
* نقص التركيز
* النسيان.
وأما المخاوف المصاحبة فهي من التقييم السلبي للآخرين وقدراتهم وأشكالهم أو سلوكهم. أما بالنسبة لتجنب المواقف الاجتماعية المخيفة فإن الشخص يحاول التهرب من حضور الحفلات أو الاجتماعات وتقديم مختلف الأعذار، أو أنه يذهب إلى الموقف بصعوبة كبيرة وتوتر وهو ينتهز الفرصة للانسحاب من الموقف بالسرعة الممكنة.
إلا أنه لا يتم تشخيص هذا الاضطراب عند أي شخص إلا في الحالات التالية:
* في حالات الأشخاص تحت سن 18 عاماً يجب أن يستمر الخوف لمدة ستة أشهر على الأقل.
* وجود الخوف المستمر لديه من واحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية التي يمكن له أن يتعرض إلى احتمال تفحص الآخرين له وهو يخاف أن يظهر أو يتصرف بطريقة يمكن أن تؤدي إلى إهانته أو التقليل من شأنه.
* التعرض للموقف المثير للخوف يحدث رد فعل فوري يتميز بالقلق والخوف.
* يحدث تجنب للموقف المخيف أو يتم احتماله بقلق وتوتر شديدين.
* التجنب والسلوك الهروبي واستباق الخوف من الموقف يتدخل سلبياً في الأداء المهني للشخص أو نشاطه الاجتماعي أو أنه يسبب له انزعاجاً شديداً.
أما أسباب الرهاب الاجتماعي فقد وجدت إحدى الدراسات أن التوائم الحقيقية وحيدة البيضة يزداد لديها هذا الاضطراب مقارنة مع التوائم ثنائية البيضة مما يدل على وجود عوامل وراثية كيميائية تساهم في ظهور هذا الاضطراب، بينما دلت دراسات أخرى على وراثة الاستعداد للقلق والذي ينتقل من جيل إلى جيل على شكل حساسية فائقة مبالغ فيها لإشارات القلق. ولم تؤيد ذلك دراسات أخرى. وقد طرحت إحدى النظريات أن الجهاز العصبي الذاتي لدى هؤلاء المرضى لديه إثارة غير اعتيادية طويلة الأمد أو شديدة بعد التعرض لموقف مخيف وأن هذا التكوين العصبي الكيميائي ربما يكون الأساس الفيزيولوجي لهذا الاضطراب.
أيضاً وجدت الدراسات أن انسدال الدسام التاجي في القلب بنسبة حوالي 25% من الحالات مما يعني أن ازدياد ضربات القلب الحميد الناتج عن انسدال الدسام التاجي يمكن له بآليات التعلم أو غيرها أن يؤدي إلى الرهاب الاجتماعي.
ومن النواحي النفسية أن تربية "التوبيخ" بالطفولة لها دور كبير في بروز الرهاب بالكبر، أيضاً نجد تصورات وأفكارا سلبية عن الذات وعن الآخرين يمكن لها أن تغذي مشاعر الخوف المرضي من المواقف الاجتماعية. وتؤكد النظريات السلوكية على حدوث تعلم شرطي وارتباط سلبي بين تحقيق الفرد لشخصيته ووجوده مع الآخرين، وأن هذا التعلم حدث خلال مراحل الحياة المختلفة وهو يؤدي إلى حساسية مرضية وقلق وخوف من المواقف الاجتماعية المشابهة لمواقف قديمة عانى منها الفرد.
ويمكن للبيئة الأسرية أن تساهم في تشكيل مشاعر النقص والعدوانية عند الفرد من خلال مشكلات الأسرة وصعوباتها، وتلعب الحماية الزائدة للطفل من قبل أهله دوراً أساسياً في نقص مهاراته الاجتماعية ومهارات التحكم بالذات والقلق والتعامل الناجح مع الإحباط، ومما لا شك فيه أن إطلاق النعوت السلبية على الأطفال والمراهقين يمكن لها أن تسبب نقصاً في تقدير الذات ومشاعر النقص المتنوعة، كما أن الأوامر والنواهي الكثيرة وقواعد السلوك الصارمة الجامدة تسبب قلقاً وصعوبات في فهمها والتقيد بها، وغير ذلك من أمور تربوية وأسرية.
وفي الجانب الاجتماعي يؤدي نقص فرص التعبير عن الذات ونقص التشجيع وازدياد التنافس والعدوانية إلى المساهمة في نشوء الرهاب الاجتماعي.
هنا يجب التمييز بين الهلع ونوبات القلق الحاد والمخاوف الاجتماعية فالهلع يمكن أن يحدث للشخص وهو وحيد وبعيد عن الآخرين بينما لا يحدث ذلك في حالات الرهاب الاجتماعي. وأما اضطرابات النطق (التأتأة)، فهذه الاضطرابات يمكن أن ينتج عنها رهاب اجتماعي ثانوي وهي اضطرابات مستقلة بذاتها.
أما العلاج
* فالعلاج السلوكي والمعرفي وتنمية المهارات الاجتماعية: مثل المواجهة التدريجية للمواقف، التدريب على الاسترخاء والتحكم بالتنفس، تمثيل الدور، الإيحاء الذاتي، تعديل أفكار المريض عن نفسه والآخرين، تثقيف اللسان، ملاحظة الآخرين والتعلم منهم.
* العلاج التحليلي: والتبصر الذاتي بالصراعات المرتبطة بالذنب والتنافس والنقص والاعتمادية.
* العلاج الانتقائي أو التكاملي: وهو يعتمد على عدة محاور مما سبق ذكره تطبق بشكل انتقائي وفقاً لحالة المريض وظروفه.
* أما العلاج الدوائي فبلا شك مهم في هذه الحالة مثل:
* مضادات السيروتينين الحديثة SSRIs: وهي العلاج الأساسي للرهاب الاجتماعي ومنها باروكسيتين Seroxat، فلوكستين Prozac، إيسيتالوبرام Cipralex، سيرترالين Zoloft وغيرها.. وهي تعطى بجرعات خفيفة أولاً ثم ترفع الجرعة وفقاً للطبيب النفسي المعالج.
* المهدئات من فئة بنزوديازيبام Rivotril،Lexotanil: ويمكن إعطاؤها قبل المواقف المزعجة بساعة أو أنها تستعمل لفترات قصيرة يومياً (أسابيع) ثم عند اللزوم أي قبل المواقف.
* صادات بيتا Inderal: وهي تفيد في تخفيف الرجفة وضربات القلب، وتستعمل قبل المواقف المزعجة بنصف ساعة إلى ساعة، ولا تعطى في حالات الربو الصدري أو اضطرابات نظم القلب (الحصار القلبي).
تربية «التوبيخ» بالطفولة لها دور كبير في بروز الرهاب بالكبر
الخوف من الغرباء يبدأ مع الطفل منذ بداية الطفولة المبكرة