لن تكون محصورة بتحسين مستواه الدراسي فقط ..
الاستشارة الطبية ضرورية قبل البدء بالدواء
الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يحتاجون الى رعاية خاصة لتطوير مهاراتهم والتغلب على صعوباتهم. في العدد الماضي كان بداية حديث جمعية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من خلال العديد من الخبرات العالمية عن بعض المصاعب التي تواجه هذه الفئة من الأطفال وطرق علاجها واليوم نستكمل الحديث في جانب آخر للعناية بهم.
من الطبيعي أن يقوم أهالي أطفال ذوي افتا بالتركيز في تربيتهم على تعديل نقاط الضعف لدى أطفالهم وسلوكياتهم السلبية، ومن الناحية الأخرى يهملون ويتجاهلون نقاط قوتهم وسلوكياتهم الإيجابية، فعلى سبيل المثال عندما يكون أداء الطفل ضعيفًا في مادة الرياضيات ولكن أدائه في مادة التربية الفنية ممتازًا يبدأ الأهل والمعلمون بتركيز اهتمامهم على تقويته في مادة الرياضيات وأحيانًا إجباره على تفويت الأنشطة الفنية لأخذ دروس تقوية في مادة الرياضيات مما قد يؤثر على أداء الطالب في المادة التي يحبها ويقلل من نسبة إبداعه فيها، وكما يعد تحسين نقاط ضعفه مهمًا فإن تعزيز نقاط قوته لا يقل أهميةً عنه إن لم يكن أهم.
عند القيام بتعزيز نقاط قوة طفلك فلن تكون الفائدة محصورة بتحسين مستواه الدراسي، بل ستشمل نجاحه في العديد من مجالات حياته مثل تحديد مساره الوظيفي، وزيادة ثقته بنفسه ورضائه بذاته، ورفع مستواه ومكانته الاجتماعية.
عند تخصيص وقت من اليوم لطفلك للحديث واللعب معه بالإضافة إلى التواصل الفعال مع المدرسة ستتمكن عندها من معرفة اهتماماته وهواياته والمواد التي يفضلها في المدرسة والأنشطة التي يستمتع بممارستها والقيام بها مع أصدقائه، وفي حال لم يكن لطفلك اهتمامات محددة أو أنشطة يفضل فعلها، فابدأ بالتركيز على الكتب التي يقرأها وبرامج التلفاز التي يتابعها والمواقع الإلكترونية التي يزورها وطريقته في قضاء وقت فراغه، وقم باصطحابه لأماكن مختلفة (مثل المعارض العلمية والتراثية، والمعارض الفنية، وحديقة الحيوانات، والمباريات الرياضية، والمكتبات)، أو إشراكه في دورات لتطوير المهارات (مثل دورات الحاسب، والأندية الرياضية، ودورات تعليم اللغات).
عندما تنتهي من تحديد اهتمامات ونقاط قوة طفلك قم بتشجيعه وتحفيزه للإبداع في هذا المجال، وساعده في استيعاب مهاراته ونقاط قوته فذلك يزيد من حماسه وثقته بنفسه، وحاول توفير البيئة المناسبة التي تساهم في اكتشاف إبداعاته وتطوير مهاراته, فإن كان طفلك على سبيل المثال مهتمًا بالهندسة وفر له ألعاب البناء والتركيب واطلب منه المساعدة في الإصلاحات المنزلية.
إن تطويرك لمهارات طفلك سيساعده لتحديد مساره الوظيفي، ابدأ بمناقشته عن مستقبله ومعرفة طموحه المهني فإن كان لطفلك هدف معين (كأن يصبح طبيبًا أو مهندسًا) ساعده في التعلم والقراءة عن هذا المجال والبحث عن متطلباته واشتر له ملابس أو أدوات متعلقة بالمهنة كتذكير وتحفيز له، وفي حال لم يكن لديه هدف معين قم بمساعدته بالبحث عن وظائف مرتبطة بمهاراته واهتماماته، واستعرضها له وارسم معه خططاً للوصول للوظيفة أو المجال الذي استرعى اهتمامه مع وضع خطط بديلة، وتذكر أنه صاحب القرار وأنك مرشد ومساعد له في قراره.
أثناء تعزيز نقاط قوته تذكر عدم إهمال أو تجاهل تحسين نقاط ضعفه، فقد يؤثر إهمالها على مستواه الدراسي ويضعف من ثقته بنفسه، بل حاول الموازنة بينهما عن طريق عدم استغلال الوقت الذي يشغله طفلك في هواياته والمهارات التي يحبها في تحسين نقاط ضعفه بل خصص لها وقتًا آخر بعيدًا عنها، وحاول توضيح نقاط ضعفه له دون التقليل من شأنه أو من معنوياته واشرح له أهمية معرفتها والتغلب عليها، وقم بتحفيز ومتابعة تقدمه باستمرار وكافئه عند تمكنه من التغلب عليها.
العلاج الدوائي
أثبتت الدراسات الحديثة أن العلاج الدوائي له أهميته وفعاليته في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، حيث إنه جزء من خطة العلاج المتكاملة التي تتكون من العلاج الدوائي بالإضافة إلى العلاج السلوكي والتربوي.
لكي نضمن فعالية استخدام العلاج الدوائي لابد من خطة دوائية فعالة متفق عليها من قبل الطفل والآباء والطبيب.
وقت البدء في العلاج الدوائي:
إن العلاج الدوائي لا يستخدم كعلاج أولي للاضطراب لأطفال ما قبل المدرسة، بل يفضل أن تبدأ الخطة العلاجية بالعلاج السلوكي الذي يهتم بتعديل السلوكيات بواسطة استراتيجيات تستعمل من قبل أهالي ذوي افتا. وفي حال عدم توفر العلاج السلوكي في مدينتك، فعلى الطبيب المختص أن يقارن بين استخدام الدواء في عمر مبكر وتأثيره على ابنك وبين تأخيره والآثار المترتبة على ذلك ويختار الأنسب لحالة طفلك. بينما العلاج الدوائي (الأدوية المنشطة بالتحديد) يستخدم كعلاج أولي للأطفال في سن الدراسة، حيث يستخدم إن كانت الأعراض الظاهرة على طفلك تؤثر عليه سلباً في مختلف جوانب حياته وحياة عائلته، حيث إنه لا يوجد هناك دراسات تثبت استمرار الآثار السلبية للعلاج الدوائي على حياة الطفل للمدى البعيد.
* متى يمكن معرفة نجاح وتأثير العلاج الدوائي على الطفل؟
يبدأ معظم الأطباء العلاج الدوائي بجرعات صغيرة، وبعد ذلك يقوم بتعديل كمية الجرعات حتى يجد الجرعة المناسبة لحالة طفلك، وغالباً يكون نوع الجرعات المستخدمة من الأدوية المنشطة. فإن كانت الجرعة فعالة فستتمكن من ملاحظة تأثير الدواء خلال 30-90 دقيقة (حسب الجرعة و نوع الدواء المستخدم)، أما بالنسبة للأدوية غير المنشطة فإن فعاليتها تأخذ الأسبوعين على الأقل حتى تظهر.
* هل يوجد فترات يمكن للطفل فيها التوقف عن أخذ العلاج؟
ينصح بعض الأطباء بالتوقف عن أخذ أدوية منشطة للطفل أثناء نهاية الأسبوع والعطل القصيرة أو خلال العطلة الصيفية وأحياناً يكون ذلك بناءً على طلب الوالدين خاصةً إذا كانت مشكلته الأساسية هي تشتت الانتباه وليس فرط الحركة والإندفاعية،
وذلك لأن الآثار الجانبية للأدوية قد تزعج الطفل وعائلته. حيث يعتمد التوقف عن أخذ الدواء على حدة ونوع الاضطراب المشخص به طفلك ومدى قدرته على تحمل آثار الدواء السلبية.
ولكن ينصح البعض الآخر بالاستمرار في أخذ الدواء دون توقف حيث سيساعد طفلك على القيام بأعماله اليومية مثل: قيادة السيارة، وسيساعد المراهقين على مقاومة الانخراط بالتدخين والتصرفات التي تهدد سلامته.
أما بالنسبة للأدوية غير المنشطة فمن الصعب التوقف عن أخذها لكونها تستغرق وقتاً طويلاً حتى يبدأ مفعولها، وقد يؤثر التوقف عن أخذ الدواء لفترات بسيطة على فعالية الدواء.
* هل يمكن للطفل أن يتوقف تماماً عن أخذ الدواء؟
قد تستمر معاناة الأطفال المشخصين بافتا مع الأعراض لفترة طويلة من حياتهم، ولذلك يحتاجون للاستمرار بأخذ العلاج الدوائي. ومع نضوج طفلك سيبدأ الطبيب المختص بالتقليل من جرعة الدواء ومراقبة أعراضه ليرى ما إذا يمكن أن يستغني عن العلاج أو يقلله، ويعد تقييم الآباء والمعلمين لسلوك الطفل وتحسن حالته وسيلة فعالة لمساعدة الطبيب على اتخاذ القرار في تقليل الجرعة أو إيقافها، ويمكن تقييم سلوك الطفل عن طريق العلامات التالية:
• إذا كان الطفل يأخذ الدواء باستمرار لمدة سنة ولم يشكُ من أعراض افتا.
• إذا كان سلوك الطفل يتحسن دون تغيير في الجرعة الدوائية على المدى البعيد.
• إذا كان الطفل يتصرف بطريقة جيدة عند تفويت جرعة أو اثنتين.
• إذا كان الطفل لديه طرق جديدة للتركيز.
متى يحتاج الطفل تغييراً في الجرعة المعتادة؟
تغيير جرعة الدواء للطفل يعتمد على:
• استمرارية الآثار الجانبية لفترةٍ طويلة.
• تحسن الطفل في جوانب الحياة المختلفة
• تغير وزن الطفل أثناء مراحل نموه.
• التغيرات المفاجئة في بيئة الطفل.
وتذكر دائمًا أن أخذ القرارات المتعلقة بالعلاج الدوائي للطفل ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، حيث إنه يجب على الآباء التفكير بحرص والموازنة بين الإيجابيات والسلبيات لكل قرار يتخذونه، فالدواء المناسب لطفلك قد لا يناسب طفلا آخر، لذا يجب عليك أن تستشير الطبيب دائماً لتتخذ القرار الأفضل لطفلك.
* جمعية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
مواهب الطفل تستوجب التطوير
الاستشارة الاجتماعية مهمة لنفسية الطفل