البعض يتهمه انه السبب في الشكوى من دون نفي وجود الأسباب المحتملة الأخرى
ايقاف الدواء يجب أن يكون بتوجيه الطبيب المختص فقط
يلقي بعض المرضى باللوم على الدواء في عرض يشتكي منه ولو لم يكن للدواء علاقة بهذه الاعراض من قريب ولا بعيد والمشكلة انه يلقي بهذه التهمة بلا بينة ولا برهان لأنها صادفت هوى في نفسه حيث انه يريد ما يخلصه من الدواء بأي طريقة كانت ولم يعلم ان مضاعفات المرض نفسه في الغالب تكون أخطر بكثير وأكثر تحققا من المضاعفات النادرة للدواء في امراض القلب تحديدا.. وسنعرض عدة حالات رأيتها حديثا لشرح هذا المفهوم للقارئ الكريم:
الحالة الأولى: صالح رجل في الخمسين من عمره يعاني من الضغط والسكر وهو مهمل لهما ودائما قراءاته مرتفعة يأخذ في ذلك عدة ادوية للضغط منها ابرفيل 300 ملغ وجاء الى عيادة القلب يشتكي من ضيق التنفس والصداع وكان ضغطه مرتفعا.. وعندما سأله الطبيب عن الدواء قال اني أوقفت اخذ الدواء من أسبوع، فسأله الطبيب لماذا؟ فقال لأني شعرت بالخفقان وعندما قرأت ورقة تعليمات الدواء كان من اعراضه الجانبية الخفقان؟ فسأله الطبيب: كيف تأكدت ان الخفقان كان من الدواء ولم يكن من عدم التحكم بالضغط!! فسكت المريض: ولم يجد جوابا.. واضاف الطبيب ان حدوث الخفقان بسبب عدم التحكم بالضغط أكثر بكثير كونه من الاعراض الجانبية للدواء، وارجع المريض على نفس الدواء واختفى الخفقان وانتظم الضغط خلال أسبوع.
الحالة الثانية: ناصر رجل في الثلاثين من عمره مدخن ولديه تضيق في شرايين القلب التاجية وأيضا تضيق في شرايين الحوض السفلي ويأخذ عدة ادوية منها تنورمين 100 وكانت حالة القلب لديه مستقرة. ولكن حضر الى عيادة القلب يشتكي من ازدياد اعراض الذبحة الصدرية؟ فسأله الطبيب وفحصه ثم راجع ادويته فوجدها ناقصة دواء واحدا وهو التنورمين فسأل المريض عنه فقال أوقفت تناوله من شهر!! الطبيب: لماذا؟؟ المريض: قال لي أحد الصيادلة انه يسبب الضعف الجنسي وانا اعاني كثيرا من ذلك هذه الأيام!! فقال الطبيب: لم يكن تضيق الشرايين سببا كافيا للضعف الجنسي لديك كما ذكر ذلك طبيب المسالك البولية!! فلم يجد المريض جوابا.
فقال له الطبيب: ان الضعف الجنسي بسبب واضح لديك وهو وجود تضيق شرايين الحوض السفلية وليس من الحكمة الإشارة بأصبع الاتهام الى الدواء بأعراضه الجانبية النادرة وترك السبب الواضح وتعريض نفسك لمضاعفات الذبحة الصدرية بقرار احادي اتخذته من تلقاء نفسك.
الحالة الثالثة: مبارك.. رجل في الستين من عمره ولديه سمنة ونقرس مزمن واحتكاك مفاصل وارتفاع كلسترول ويأخذ دواء ليبتور 40 ملغ لارتفاع الكلسترول المزمن الوراثي.. وكان الكلسترول لديه في حدود الطبيعي على الدواء ولكن عند مراجعته للطبيب وجد الطبيب ان الكلسترول الضار ارتفع الى 600 ملغ!! فسأله الطبيب ماذا حدث؟ فقال يادكتور حسيت بألم في عضلة كتفي الايسر فأوقفت الدواء!! فسأله الطبيب هل ذهبت الى طبيب الروماتيزم؟ فقال المريض لا.. ثم سأله هل تحسن الألم بعد إيقاف دواء الكلسترول؟ فقال المريض لا.. فقال له الطبيب ان ألم العضلات الناشئة من دواء الكلسترول غالبا ما تكون متماثلة في جميع العضلات وليس مكانا واحد ويتحسن إذا أوقف المريض الدواء ويكون بتشخيص الطبيب وليس انطباعا قد يكون خاطئا من المريض.
الحالة الرابعة:
سعيد رجل مدخن في الأربعين وتم اجراء قسطرة ووضع دعامة تاجية وكان على الاسبرين والبلافكس وبعد شهرين اتى سعيد بجلطة قلبية أخرى !! وعندما عملت الفحوصات وجد ان الدعامة مغلقة نهائيا بخثرة دموية!! وعندما سأله الطبيب قال إني شعرت بحموضة من الاسبرين فقررت إيقافه!! فقال له الطبيب: لقد كدت ان تخسر حياتك حيث ان نسبة الوفيات في الجلطة الثانية بسبب اغلاق الدعامة 50% هي نسبة تعد عشرة اضعاف احتمالية الوفاة من الجلطة الأولى. (بدون دعامه).
وهنا نريد ان نؤكد ان إيقاف الدواء من دون توجيه الطبيب ظاهرة غير صحية وهي تحدث اما لعدم اعتراف المريض بالمرض وعدم قبوله من بداية التشخيص او من انخفاض مستوى الوعي الصحي للمريض وفي كلتا الحالتين قد تكون المضاعفات خطيرة جدا مثل انغلاق الدعامة فيمن يتناولون مضادات الصفائح الدموية كحالة المريض سعيد أعلاه. ولذلك لابد من التأكد من قناعة المريض ومن حوله بالتشخيص أولا ثم إقناعه بأهمية الدواء ثانيا.. وقد يتأخر كثير من المرضى في القبول بالدواء لأنه يريد ان يجرب بعض الأعشاب او الطرق غير الكيميائية للتعامل مع مرضه كما يصور له من حوله من أصحابه ووظيفة الطبيب ان يبين له خطورة هذا المنحى ولكنه لا يستطيع اجباره على الدواء حتى يقبل بقناعة منه.. ثم تأتي الخطوة الثانية وهي اشراك أحد افراد العائلة في الدخول في رعاية هذا المريض ومتابعة علاجه وتناوله للدواء بانتظام ومراقبة ضغطه وفحوصاته لان ذلك يعطي دعما نفسيا للمريض وحاجزا من التردد في اخذ العلاج او التكاسل في الاستمرار عليه ... وهذا الفرد قد يكون أحد الزوجين بالنسبة للزوج الاخر او الأبناء لأحد الوالدين.
والخلاصة:
إيقاف الدواء بسبب أعراض ليس لها علاقة به ظاهرة موجودة ويجب ان يتعاون الطبيب والمريض وعائلته على من حدوثها.
إيقاف الدواء قد يعرض المريض لمضاعفات المرض الأصلي