د. شريفة بنت محمد العبودي
منذ عقدين تقريباً ابتدأ العلم الحديث يبحث في مدى صحة فرضيّة تسبب اللحوم الحمراء (لحوم الخراف والغنم والبقر والإبل) والبيض والدهون المشبعة (السمن والشحم والزبدة ومنتجات الألبان كاملة الدسم) في ترسب الكوليسترول على جدران الشرايين خاصة شرايين القلب والإصابة بالنوبات القلبية. واليوم تزداد الإشارات إلى خطأ الفرضية السابقة، بل وضرورة تناول هذه الأطعمة المهمة للصحة. هناك نقاط قد تساهم في التوعية بأهمية تناول الدهون المشبعة:
• اللحوم الحمراء والدهون المشبعة (غير المعالجة بالحرارة) هي الأطعمة الوحيدة تقريباً التي ترفع الكوليسترول النافع (HDL) في الدم!
• يعمل الكوليسترول النافع (HDL) على تخليص الجسم من الكوليسترول الضار (LDL) الذي يتجمع في الأنسجة ومنها الشرايين، وذلك عن طريق نقل ذلك الكوليسترول الضار إلى الكبد؛ حيث يتخلص الجسم منها.
• بسبب الخوف من الكوليسترول تم استبدال الدهون المشبعة بالزيوت النباتية، ولكن اكتشف أن الطهي بالزيوت النباتية بدرجات حرارة عالية يتسبب في ظهور نواتج سميّة متأكسدة تسبب التهابات قد تكون لها صلة بأمراض القلب. كما أن الدهون من الزيوت النباتية ليست لها خاصية جذب الكوليسترول الضار LDL من الأنسجة والشرايين لكي يتم التخلص منه عن طريق الكبد.
• الأطعمة من مصادر حيوانية مليئة بالبروتينات والدهون بالنسب التي يحتاجها الجسم الإنساني بالضبط. وهذه النِسب توفر أفضل تغذية ممكنة لتجديد الخلايا ولصحة هرمونات التكاثر.
• تناول الأطعمة من مصادر حيوانية باعتدال لا يسبب السمنة والإصابة بالسكري وبأمراض القلب!! لقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن ما يسببها أكثر هي السكريات والنشويات المكررة: السكر الأبيض والأرز الأبيض (الذي نتناوله كل يوم) والدقيق الأبيض (ويدخل في ذلك المكرونة والمعجنات وأغلب أنواع الخبز) والأطعمة المصنوعة منها وهي كثيرة.
ونظرة متمعّنة في انتشار أمراض السمنة والسكري وأمراض القلب اليوم، تدلّ على تزامن ذلك مع ازدياد اعتماد الناس على الأطعمة المكررة والمصنّعة. والتمعّن أيضاً في أن اقتناع الناس بفرضية مضرّة الدهون المشبعة على الصحة والتزامهم بالابتعاد عن الدهون المشبعة والأطعمة الحيوانية لم يحسّن الوضع بل زاد من انتشار السمنة وأمراض السكري والقلب.
• لا يمكن لوم انتشار الإصابة بالسمنة وأمراض السكري والقلب على المورثات (الجينات) حيث يقول مدير مشروع الجينوم الإنساني Human Genome Project: "الكثير جدا من المورثات تدخل في تطور تلك الأمراض المزمنة. والإشارة إليها كلها ينقض تلك الإشارة." كما لم يثبت إلى الآن بشكل قاطع تأثير البيئة على نشوء تلك الأمراض. وما يزداد وضوحاً اليوم هو أن تناول السكريات والنشويات المكررة هو السبب في الانتشار الوبائي لتك الأمراض.
• الإكثار من السكريات والنشويات الكاملة (الفواكه والخبز وغيره من الأطعمة المحضرة من القمح الكامل) لا يعدّ محبذاً، فلا يزال هناك كثير من المعلومات عن السكروز والفركتوز والجلوكوز مثلاً، وتأثيراتها على بعضها وعلى مستويات الإنسولين في الجسم لا تزال غير معروفة. وهناك أنواع نشويات مختلفة في أنواع الحبوب المختلفة، وفي النوع الواحد منها مثل القمح هناك عشرات المركبات بنسب مختلفة يكون تأثيرها على الجسم حسب نِسبِها.