تناول أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية مع انخفاض النشاط البدني ساهما في انتشار المشاكل الصحيّة
د. شريفة بنت محمد العبودي
أصدر منتدى كلية الصحة العامة التابع لجامعة هارفرد الإصدار الثامن من التوجيهات الجديدة للتغذية للفترة من 2015-2020. وتبدأ مقدمة الإصدار بنقطة مهمة للغاية وهي الارتباط القوي بين التغذية والصحة. والتالي ملخص لأهم ما ورد فيها:
خلال القرن الماضي تم التعامل بنجاح مع نقص العناصر الغذائية، ووجدت سبل علاج للكثير من الأمراض المعدية، ويمكن الآن أن يتمتع الإنسان بحياة مديدة ومثمرة. ولكن مع انخفاض معدلات الإصابة بالأمراض المعدية زادت معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة التي لها صلة باستهلاك الطعام، وذلك جزئياً بسبب التغييرات في السلوكيات المرتبطة بأساليب الحياة اليومية. فاستمرار تناول أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية مع انخفاض النشاط البدني ساهمت في انتشار مشاكل صحيّة عويصة لها علاقة باستهلاك الطعام ونقص الحركة. واليوم يعاني حوالي 117 مليون بالغ في الولايات المتحدة الأميركية (تمت الإحصائية في أميركا مقر جامعة هارفارد، ولكني أظنها تمثل حال باقي العالم الذي يتبع نفس أساليب استهلاك الطعام ونقص الحركة) من واحد أو اكثر من الأمراض المزمنة التي يمكن الوقاية منها، والتي كثير منها سببها تناول أطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية وممارسة أقل القليل من الحركة.
وهذه الأمراض تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان، وتدني صحة العظام. كما ذكر الإصدار أن أكثر من ثلثي البالغين وحوالي ثلث الأطفال يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة. وهذه المعدلات المرتفعة من الإصابة بالسمنة وبالأمراض المزمنة استمرت لأكثر من عقدين، مما زاد من الأخطار على الصحة ومن تكاليف الرعاية الصحية. ويذكر الإصدار أن تكاليف الرعاية الصحية المتعلقة بالحمية فقط بلغت في عام 2008م 147 بليون دولار، بينما بلغت تكاليف رعاية مرضى السكري في عام 2012م 245 بليون دولار، منها 176 بليون تكاليف رعاية صحية، و69 بليون انخفاض في إنتاجية المصابين بالسكري.
وبالتزامن مع انتشار هذه المشاكل الصحية تُظهِر أنماط استهلاك الأطعمة أن الناس لا يتناولون أطعمة صحيّة. فمثلاً، بقيت معدلات انتشار السمنة والبدانة المفرطة مرتفعة خلال ال25 سنة الماضية، بينما بقيت قياسات مدى اتباع الناس للتوصيات الغذائية منخفضة، وهذا يدل على ضرورة تحسين التوعية العامة بضرورة تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية فقط وضرورة الحركة (ممارسة الرياضة). وقلب هذه المعادلة المقلِقة يتطلب اتباع إستراتيجيات تعاون شاملة مبنية على توصيات تغذية يمكن الاستمرار على تطبيقها. وهي حلول متداخلة وغير بسيطة ولكنها تعزز الصحة وتساعد على الوقاية من الأمراض المزمنة. وفي مقال قادم إن شاء الله سنكتب المزيد عن هذا الإصدار المهم.