الحمل العنقودي الجزئي.. نسبة التحول إلى خلايا سرطانية بعد إفراغه لا تتجاوز 4%
الحمل العنقودي يعتبر من الأمراض الشائعة في مجتمعنا وهو ليس بالمرض الخطير بحيث من الممكن علاجه بسهولة، لكنه يحتاج بشكل كبير إلى تعاون المريضة وتفهمها للحالة وعدم الاستعجال في الحمل مرة أخرى إلا بعد مرور 9 أشهر.
والحمل العنقودي نوعان إما حمل عنقودي كامل، أو حمل عنقودي جزئي.
الحمل العنقودي الكامل
وفي هذا النوع من الحمل يقوم الحيوان المنوي بتلقيح بويضة فارغة من الكروموسومات الأنثوية، ويتم التلقيح بأن يقوم الحيوان المنوي بالانقسام ليصبح عددهما اثنين أو حيوانين يلقحان البويضة الفارغة، فجميع الكروموسومات في الحمل العنقودي مصدرها الرجل، ويحدث هذا الحمل بنسبة أعلى من الحمل العنقودي الجزئي.
الحمل العنقودي الجزئي
يحدث عندما يقوم حيوانان منويان بتلقيح بويضة سليمة، أي فيها كروموسومات الأم ويحدث الحمل بجنين غير طبيعي ومشيمة غير طبيعية ويتكون عدد الكروموسومات في هذا الحمل 69 كروموسوماً 23 من الأم و23 من الأب من كل حيوان منوي ويصبح المجموع 69 كروموسوماً وهذا باختلاف الحمل الطبيعي 46 كروموسوماً. وأكثر ما يحدث هذا الحمل بعد عمليات الإجهاض، وخاصة عند النساء كبريات السن "فوق 40 عاماً"، ولكن هذا لا يمنع أنه يحدث أيضاً عند صغيرات السن. وغالبا ما يحدث الحمل العنقودي خارج الرحم، ومن الممكن أن يحدث بعد الولادة عند المرأة البكر التي لم يسبق لها أن حدثت لها عملية إجهاض من قبل أو حمل.
كما تختلف نسبة الحمل العنقودي تبعاً للتوزيع الجغرافي، بحيث تكثر في دول جنوب آسيا كإندونيسيا والفلبين والصين.
الأعراض
وتبدأ أعراض هذا الحمل بانقطاع الدورة الشهرية، وتشعر المريضة بالغثيان والاستفراغ، وتدريجياً تزداد أعراض الغثيان بشدة مصاحبة لحالات استفرغ متكررة، وهذا يعود إلى زيادة إفراز هرمون الحمل بكمية عالية أكثر من الطبيعي، بحيث يكون الرحم أكبر من معدله الطبيعي أيضاً فيسبب تقلصات شديدة، ويحدث في بداية الحمل نزول نقط بسيطة من الدم من المهبل ويزداد إلى أن يصبح بشكل نزيف، وعادة ما يكون الدم داكن اللون ويصاحبه نزول حويصلات مهبلية. ومن المضاعفات الأخرى التي تحصل أثناء الحمل العنقودي - ولكن بشكل نادر- اضطرابات الغدة الدرقية وتسمم الحمل المبكر، أي الارتفاع في ضغط الدم وزلال البول وزيادة السوائل في الجسم، وإذا وجدت هذه المضاعفات فيجب التأكد من أن الحمل عنقودي أو البحث عن أسباب أخرى كمشاكل في الكلى.
هو حمل لكنه ليس عاديا. فطبعا يكون هناك تأخر الدورة الشهرية وغثيان وقيء أكثر من الطبيعي في أغلب الحالات (وذلك راجع إلى الزيادة في إفرازات هرمون الحمل «HCG»)، ويكون هناك نزيف مهبلي متقطع قد يكون مصاحَباً، أحيانا، بنسيج يشبه حبات العنب.
عند الفحص السريري غالبا ما يكون حجم الرحم أكبر من المنتظَر، وعند الفحص بالصدى، تظهر المشيمة على شكل مميز يسمى العاصفة الثلجية. وكما هو منتظَر، فإنه لا يمكن رؤية الجنين إلا في الحمل العنقودي الجزئي، وفي غالب الأحيان، يكون غير طبيعي، كما يمكن ملاحظة وجود أكياس مبيضة في بعض الحالات.
عند الفحص المخبري، يكون مستوى هرمون الحمل أكثر من المُتوقَّع بالنسبة إلى عمر الحمل. تبقى الإشارة، كذلك، إلى أنه في بعض الحالات تصاب المرأة بمقدمة تسمم الحمل قبل الأسبوع العشرين أو بأعراض فرط إفراز الغدة الدرقية.
العلاج
تتم إزالة هذا الحمل بإجراء عملية شفط للحمل العنقودي الموجود داخل الرحم، وذلك عن طريق استخدام جهاز لشفطه وبعد توسيع عنق الرحم تحت التخدير العام. وبعد عملية تنظيف الرحم تحتاج المريضة للمتابعة الدقيقة وتنصح باستخدام حبوب منع الحمل لمدة 6-9 أشهر وذلك للتأكد من سلامة الرحم وعدم رجوع الحمل العنقودي.
أما في حال وجود بقايا للحمل العنقودي، فيجب إزالتها بالعملية أيضا أو استخدام علاج كيميائي، وهو عبارة عن مستحضر "الميثوتركسيت" ويعطى بجرعات متكررة إلى أن يتم اختفاء خلايا الحمل العنقودي. وإذا استمر وجود خلايا الحمل العنقودي في النساء اللواتي في سن متقدمة فمن الأفضل إجراء عملية استئصال الرحم.
المشكلات التي يواجهها
الطبيب المعالج
ومن المشكلات التي يواجهها الطبيب المعالج أثناء هذه العملية أنه قد تخترق الخلايا أحياناً جدار الرحم وتبقى في عضلاته، وهي بهذا تسمى الحمل العنقودي الغازي، وهذه المشكلة تحتاج إلى علاج كيميائي لأن عملية تنظيف الرحم تكون غير كافية، كما قد يحدث أن توجد الخلايا في مناطق أخرى خارج الرحم، وهنا يجب إجراء تصوير شعاعي للرئة لأن هذه الخلايا قد توجد في الرئة، وأخيراً، لا بد بعد العملية من إجراء فحص هرمون الحمل الذي يعتبر الدليل على استجابة المريضة للعلاج. ويكون بشكل أسبوعي إلى أن تصبح نسبته صفراً، بعدها يتم إجراؤه شهرياً لمدة عام واحد مع الالتزام باستخدام موانع الحمل الأكيدة. ولابد أيضاً من إجراء التصوير الشعاعي للصدر شكل روتيني وكذلك الأشعة الصوتية للرحم والحوض.
ما بعد الحمل العنقودي
ان فرصة حدوث حمل طبيعي بإذن الله في المرة القادمة هي فرصة كبيرة تصل إلى ما يقارب 80%.
واحتمال تكرر الحمل العنقودي في الحمل القادم لا يتجاوز نسبة ال 1% فقط عند حدوث حمل عنقودي واحد, لكن هذه النسبة تصبح 33% تقريبا عندما يحدث في حملين متتالين لا قدر الله.
اما في الحمل العنقودي الجزئي فإن نسبة أن يتطور إلى خلايا سرطانية بعد إفراغه لا قدر الله, لا تتجاوز 4% وهي أيضا نسبة قليلة جدا.
إن حالة الحمل العنقودي هي من الحالات الطبية التي تشاهد بكثرة؛ لذلك فإن الدراسات العملية عليها متعددة ووافية, وطريقة علاجها ومتابعتها تخضع إلى بروتوكول أو منهج معروف وتتبعه كل المراكز الطبية في العالم.
ولم يحدث تغير على طريقة المتابعة أو العلاج, لكن الدراسات والجهود حاليا موجهة لتصنيع أدوية أقل سمية، وأخف أعراضا جانبية لاستعمالها في حال تحولت الخلايا إلى خلايا سرطانية لا قدر الله.
ولكن و رغم أن كل المؤشرات إيجابية -بإذن الله -إلا أنني أنصح بأن لا يتم الحمل قبل مرور السنة على تجريف الرحم, فحتى لو كانت نسبة التحول السرطاني ضعيفة بإذن الله, إلا أننا نضع مصلحة الأم في الدرجة الأولى, فيفضل الانتظار والمتابعة بالتحاليل حسب البروتوكول المتبع, وستكون فرصة ليرتاح في خلالها الرحم وتتجدد بطانته, وكذلك ليستعيد فيها الجسم ما فقده في الحمل السابق من المواد الأساسية كالحديد والفيتامينات.
والحمل العنقودي إن كان سيتحول إلى خلايا خبيثة لا قدر الله, فهذا يحدث في خلال السنة الأولى بعد الإجهاض, أما بعد مرور سنة فيكون الجسم قد تخلص من كل آثار هذا الحمل العنقودي.
ان حالة الحمل العنقودي لا علاقة لها بالوراثة، بل لها علاقة بخلل عند عملية إلقاح البويضة بالحيوانات المنوية.
إن عاودت الخلايا العنقودية ثانية أو تحولت إلى خلايا سرطانية لا قدر الله (وهذا احتمال ضعيف فهنالك أدوية كيميائية فعالة جدا والحمد لله, ومتوافرة بسهولة في أغلب المستشفيات.
وإن حدث حمل عنقودي في الحمل الجديد لا قدر الله فيعالج ويتابع بنفس الطريقة التي تتم الآن, كما لو كان يحدث لأول مرة ولا فرق, أي تجريف الرحم ومتابعة بالتحليل مدة سنة.
ما هي المضاعفات؟
يجب إعادة الفحص بالاشعة الصوتية بعد 15 يوما، للتأكد من عدم وجود بقايا داخل الرحم. وفي هذه الحالة، تتم إعادة عملية الإفراغ مرة واحدة فقط.
يجب تتبع حالة المريض بالتحليل الهرموني مرة في الأسبوع، حتى يصل التركيز إلى درجة الصفر. ثم بعد ذلك، يكون شهريا، لمدة 16 إلى 12 شهرا، حسب الحالات. وقد يحدث، في بعض الأحيان، أن يرتفع مستوى الهرمون بعد انخفاضه، ويعني هذا أن بقايا الحمل العنقودي التي تُرِكت في الرحم عادت للنمو وتكاثرت، مسببة ارتفاع الهرمون أو أن بعض الخلايا تكاثرت بشكل خبيث قبل عملية التنظيف وغزت الأنسجة المجاورة تسمى هده الحالات أورام المشيمة، وهذه الأورام تنتشر في الجسم وتصيب الرئتين (80) المهبل (30) المخ (20) والكبد (10). وتتطلب هذه الحالات التتبع من طرف المختصين لتشخيصها بدقة ولوصف العلاج الكيميائي المناسب ولتتبع استجابة الجسم لهذا العلاج، لمدة سنة بعد سلبية التحليل الهرموني. وإذا تم هذا، فإن نسبة الشفاء التام قد تصل، في أحسن الظروف، إلى 100 في المائة من الحالات
هل يمكن تكرار الحمل العنقودي؟
عادة ما يسمح بالحمل بعد 12 إلى 18 شهرا من سلبية التحليل المخبري (HCG). أما نسبة التكرار فهي حوالي حالة واحدة في كل 74، ولذلك يجب على الطبيب المعالج إجراء فحص بالأشعة الصوتية للسيدة الحامل مند البداية، للتأكد من سلامة الحمل.
وينصح الأطباء، كذلك، بإجراء فحص هرموني بعد 3 أشهر، للتأكد من عدم تطور المرض من جديد.