نظارات ذكية لعلاج مرضى الخوف المرضي
تثير القطط والعناكب والأماكن المرتفعة وغيرها الرعب لدى الكثيرين، وهو ما يسميه خبراء النفس بالخوف الرضي. هذا المرض يمكن علاجه الآن بواسطة نظارات ذكية تمكن المرضى من مواجهة هذه المواقف المخيفة، فكيف يتم ذلك؟
الشعور بالخوف أمر طبيعي، فالخوف يساعدنا على توخي الحذر أحيانا. لكن هناك بعض الحالات التي يكون فيها الخوف غير مبررا، كالخوف من الأماكن المرتفعة أو الدخول إلى صالات مغلقة أو الخوف من السباحة أو من بعض القطط أو العناكب مثلا. ويصنف الباحثون النفسيون حالات الخوف غير المبررة كأحد أشكال المرض، الذي يطلق عليه "الفوبيا" او الخوف المرضي.
وفي ألمانيا يسعى الأطباء لعلاج حالات "الفوبيا" بجل المرضى يواجهون مخاوفهم بشكل مباشر في المختبر، ولكن بدون مخاطر. بواسطة العالم الافتراضي يمكن للمريض مواجهة جميع المواقف التي تجعله يشعر بالخوف في ظروف شبيهة بالعالم الواقعي لكن دون أي مخاطر حقيقية. الطبيب يوسف شيبان وهو أخصائي في الطب النفسي في المستشفى الجامعي في مدينة فرتسبورغ الألمانية، هو واحد من بين الأطباء الذين يعالجون مرضى الخوف المرضي بالاعتماد على تكنولوجيا العالم الافتراضي. وفي حديثه مع DW يؤكد الطبيب شيباني من أن الهدف من هذا العلاج هو جعل المريض يصل إلى أقصى مراحل الخوف لأطول فترة ممكنة، ما يساعد على تراجع حدة الخوف، وبعد ذلك يدخل العلاج في طور أخر.
أصل الفكرةوتقنية علاج الخوف المرضي بواسطة العالم الافتراضي مستمدة من صناعة ألعاب الكمبيوتر، وتم تطويرها بحيث يشعر أغلب المرضى بأن العالم الافتراضي كأنه واقعي، وأن يشهد المرضى مواقف مخيفة فعلا. إذ يرتدي المريض نظارة مدمجة بها شاشة عرض. وكما هو الحال في ألعاب الكمبيوتر فإن الواقع الافتراضي يتيح للمريض الرؤية والحركة والتفاعل مع الأحداث، حيث يشاهد عبر نظارة الأماكن التي تجعله يشعر بالخوف مثل المنخفضات والمرتفعات.
ولعل أهم ما يميز العلاج بالمواجهة عبر الواقع الافتراضي هو انخفاض معدل الخوف من المواجهة، فالمريض يتجرأ على فعل أشياء أكثر في الواقع الافتراضي عنه في العالم الواقعي، وهو أمر مهم جدا على حد اعتبار الدكتور شيبان الذي يضيف بقوله "من مميزات هذا العلاج هو إمكانية التحكم في الواقع الافتراضي، ما يعني أنه بإمكاننا زيادة أو تخفيض حدة مواقف الخوف من المرتفعات، حيث يمكننا ضبط ذلك حسب كل شخص"، ومن خلال قياس معدلات ضربات القلب والعرق يمكن التعرف على حال المريض.
النظارات وحدها لا تكفيويتطلب علاج الخوف بالعالم الافتراضي مواجهة الموقف المرعب الذي يخشاه المريض إلى أن يعتاد على المشهد. وهو ما يتطلب من المريض في بعض الأحيان الخضوع لأكثر من جلسة وقد تصل إلى عدة أشهر، ويؤكد الطبيب شيبان أن هناك الكثير من الحالات التي تظهر فيها نتائج العلاج بعد جلسة واحدة، على عكس حالات أخرى كثيرة يحتاج فيها المرضى لأكثر من جلسة. ولا يقتصر استخدام العوالم الافتراضية في علاج فوبيا الأماكن المرتفعة فقط. ففي في جامعتي مونستر وفرتسبورغ يجري اختبار طرق افتراضية لعلاج أنواع أخرى من الفوبيا، كالخوف من الحشرات. إذ من الممكن تكبير حجم الحيوانات بشكل مبالغ فيه.
ورغم نجاح علاج الخوف المرضي لدى الكثيرين افتراضيا، إلا أن الطبيب شيبان يعتبر أن الصور الافتراضية وحدها لا تكفي، بل لا بد من متابعة العلاج عند طبيب نفسي. فالعلاج الافتراضي هو جزء من العلاج الأساسي، وتكمن أهميته في مواجهة الصعوبات التي تواجه الأطباء أثناء العلاج فقط.