الضوء الأخضر الخافت قد يكون الحل لعلاج الصداع النصفي
أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن الضوء الأخضر الخافت يمكن أن يساعد على تخفيف آلام الصداع النصفي لدى بعض المرضى. الخبراء الألمان يرون أن النتائج مثيرة لكن الأمل في استخدام العلاج لازال سابق لأوانه.
يعاني حوالي 15 بالمئة من الألمان من مشكلة الصداع النصفي. والنساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالصداع النصفي. والآن هناك دراسة أمريكية حديثة توصلت إلى أن الضوء الأخضر الخافت يمكن أن يخفف من آلام الصداع النصفي لدى بعض المرضى. هذه النتائج توصل إليها فريق الباحثين من كلية الطب في جامعة هارفارد بقيادة رامي بورشتاين، ونشرت نتائجها في دورية "برين".
في حديثه لدورية "برين" قال بورشتاين: إن أكثر من 80 بالمئة من نوبات الصداع النصفي تفاقمت بسبب الحساسية للضوء. ما يفسر بحث العديدي ممن يعانون الصداع النصفي للبحث عن الأماكن المظلمة وعزل أنفسهم عن العمل والعائلة والأنشطة اليومية. وأضاف بالقول "إن الخوف من الضوء ليس أسوأ من آلام الصداع نفسها، ولكن عدم القدرة على تحمل الضوء، مقيد للغاية".
وكان بورشتاين قد أثبت قبل بضعة سنوات، أن مرضى الصداع النصفي من فاقدي البصر يستجيبون لتأثير الضوء الأزرق. والآن يحاول الباحثون اختبار تأثير ترددات الضوء المختلفة على رؤية الأشخاص لدى إصابتهم بنوبات الصداع النصفي. وشارك في الدراسة 69 مريضا، تتنوع شدة الآلام لديهم. وأظهرت الدراسة أن 80 من المشاركين تفاقم الصداع لديهم عند تعرضهم لإضاءة شديدة -على غرار إضاءة المكاتب الشديدة- بينما تفاقمت آلام الصداع لدى 40 بالمئة فقط من المشاركين لدى تعرضهم للضوء الأخضر.
وتوصل الباحثون إلى أن شدة الإضاءة المتوسطة والمتمثلة بترددات الضوء الأزرق والأحمر، زادت حدة الألم إلى 19 بالمئة، كما رفع الضوء الأصفر نسبة الألم إلى 15 بالمئة، بينما لم يزيد الضوء الأخضر حدة الألم عن 5 بالمئة. بل وحتى أن الضوء الأخضر الخافت ساهم في تخفيف الآلام إلى أكثر من 15 بالمئة.
وفي اختبار آخر، قاس الباحثون شدة الإشارات الكهربائية في شبكية العين وقشرة الدماغ. وأظهرت نتائج القياس أن الضوئين الأحمر والأزرق تسببا في إثارة أقوى الإشارات الكهربائية في كلا المنطقتين، على عكس الضوء الأخضر الذي تسبب في إثارة أضعف الإشارات الكهربائية.
وفي الخطوة الثالثة اختبر الباحثون نشاط الخلايا العصبية في منطقة المهاد لدى بعض الفئران، وهي المنطقة التي يتم من خلالها انتقال إشارات الألم إلى قشرة الدماغ. وهناك أيضا كانت استجابة الخلايا العصبية إلى الضوء الأخضر أضعف مما كانت عليه في الألوان الأخرى. وبحسب الباحثين "تشير النتائج إلى أن رهاب الضوء في الصداع النصفي ينشأ من شبكية العين ويتم ضبطه في المهاد وليس في قشرة الدماغ"، وهو ما يختلف عن الفرضيات الحالية تماما.
"الضوء الأخضر يخفف رهاب الضوء وآلام الصداع"هذه النتائج دفعت الباحثين للوصول إلى اكتشاف مفاده أن حزمة الضوء الأخضر يمكن أن تساعد على تخفيف آلام الصداع النصفي، وأضاف المشرفون على الدراسة إلى أن "تصفية ألوان الضوء باستثناء اللون الأخضر، أثبت فاعليتة في علاج رهاب الضوء، وربما التخفيف الصداع أيضا". وأضاف بورشتاين بالقول " نأمل أن يستفيد المرضى من هذه النتائج قريبا". وما يعني أنه من الممكن مستقبلا تطوير مصادر ضوء تبعث ضوء أخضرا خافتا أو نظارات تعمل على منع جميع أنواع الحزم الضوئية فيما عدا شريط ضيق من الضوء الأخضر النقي.
ومن جانب آخر يرى هيلموت فيليهم، أخصائي جراحة العيون في المشفى الجامعي في مدينة توبينغن الألماني، أن ما توصل إليه الباحثون الأمريكيون مثير جدا، لكنه يرى أنه من الغريب أن المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي قادرون على تحمل ترددات الضوء الأخضر أكثر من الأخرى، مضيفا بالقول "جهاز الرؤية يكون أكثر حساسية تجاه ترددات الضوء الأخضر".
ما يجعل، وبحسب رأي الخبراء الألمان، فرضية فائدة الضوء الأخضر لتخفيف آلام الصداع، أمرا بحاجة إلى دراسات أوسع، وخاصة أن تخفيض الآلام إلى 15 بالمئة فقط نسبة ضئيلة جدا. وإضافة لذلك، إذا ما تمكنت الدراسات الموسعة من إثبات فائدة الضوء الأخضر على مجموعة كبيرة من مرضى الصداع النصفي، يبقى من الضروري معرفة القيمة المثالية لترددات الضوء الأخضر اللازمة للعلاج.