مرض التصلب المتعدد يصيب الجهاز العصبي للإنسان ويظهر فجأة. كما أن مساره يختلف من مريض لآخر. فبينما يعيش مرضى معه دون أي أعراض تذكر، يضطر آخرون إلى اللجوء لكرسي متحرك بعد سنوات قليلة فقط. فما هو هذا المرض وكيف يمكن علاجه؟
يعتبر مرض التصلب المتعدد، أو التصلب اللويحي، مرضاً ذا وجوه متعددة. يعيش نحو 200 ألف مصاب بهذا المرض في ألمانيا وحدها، وفي كل حالة يظهر فيها هذا المرض بطريقة مختلفة، فبينما يعيش بعض المصابين به سنوات طويلة دون أي أعراض تذكر، يضطر آخرون إلى الاستعانة بكرسي متحرك بعد سنوات قليلة فقط من الإصابة به.
يقول الدكتور أندرياس شتاينبريشر، رئيس مجلس إدارة الجمعية الألمانية لمرض التصلب المتعدد، لموقع "إم دي آر" الإخباري، إن المرض ينشأ عندما يهاجم نظام المناعة بطريق الخطأ غلاف الألياف العصبية، الأمر الذي يؤدي إلى التهابات في الأعصاب. أسباب هذا التصرف ما تزال غير معروفة بعد، ولكن العلماء يقدرون بأن الأسباب مزيج من الوراثة والعوامل البيئية وحتى بعض الالتهابات.
أعراض المرض تبدأ بالشعور بشلل وآلام واضطرابات في الرؤية والإحساس. بعد ذلك تبدأ الأعراض بالتطور فجأة ودون تدرّج، وتختلف بشكل كبير بين مريض وآخر، بحسب الأخصائي شتاينبريشر. هذا ويمكن أن يدوم هذا المرض سنوات أو عقوداً حتى، وذلك أكثر ما يزعج مرضى التصلب المتعدد.
وتدريجياً، تبدأ تصلبات الأعضاء واضطرابات الكلام والرؤية في الظهور لدى المرضى، يتبعها إما أعراض جديدة أو تفاقم في الأعراض الموجودة سلفاً. وبعد فترة تتراوح ما بين أسبوعين وثلاثة شهور، يمكن لتلك الأعراض أن تتراجع بشكل تام تقريباً.
ويتابع موقع "إم دي آر" بالقول إن 80 في المائة من حالات الإصابة بالتصلب المتعدد تسوء حالتها، إذ لا يمكن للجزء السليم من الجهاز العصبي موازنة الخلل المتواصل في الأجزاء المتضررة.
رغم كون التصلب المتعدد مرضاً لا يمكن شفاؤه بالأدوية حتى الآن، إلا أن الأبحاث الساعية لإيجاد علاج قطعت شوطاً طويلاً خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، إذ باتت بعض طرق العلاج قادرة على إبطاء الأعراض لدى بعض المرضى أو تأجيل ظهورها. ويبقى التشخيص المبكر أفضل طرق العلاج وتحسين حياة المرضى.
أما في حالة ظهور مفاجئ لأعراض جديدة أشد سوءاً من سابقاتها، يسعى الأطباء عادة إلى إعطاء المرضى مادة الكورتيزون أو القيام بغسيل للدم من أجل تخفيف حدة تلك الأعراض. لكن العلاج طويل المدى يركز على أدوية تحاول إعادة التوازن إلى جهاز المناعة.
حول ذلك يقول البروفسور هاينز فيندل، مدير عيادة الأمراض العصبية في المستشفى الجامعي بمدينة مونستر: "لحسن الحظ تتوفر لدينا في الوقت الراهن أدوية جيدة يستطيع أفضلها إعادة التوازن إلى الجهاز المناعي والحفاظ على استقرار حالة المريض. من ناحية إحصائية، فإن الأدوية الأكثر نجاعة قادرة على تقليل ظهور أعراض جديدة لدى المرضى بنسبة 70 في المائة".
لكن تلك الأدوية لها أعراض جانبية قوية، وبالتالي هناك تردد كبير في استخدامها على المرضى الذين وصلوا إلى مرحلة متقدمة من التصلب المتعدد. بيد أنه في الوقت الراهن تجرى تجارب إكلينيكية على أدوية جديدة تساعد على "إصلاح" أغشية الألياف العصبية المتضررة، وهذه ستكون قفزة نوعية بالنسبة لـ2.5 مليون مريض بالتصلب المتعدد حول العالم.
ي.أ/ ع.ج.م (DW)