نقص هرمون الأنسولين يسبب مرض السكري
يعتقد الكثير منا أن البنكرياس، وهو ذلك العضو الموجود خلف المعدة في تجويف البطن، يفرز فقط هرمونا واحدا فقط وهو هرمون الإنسولين. وأن المرض الوحيد المنوط بالبنكرياس والمرتبط به هو مرض السكري والذي يكون عادة نتيجة خلل إفراز الإنسولين أو خلل في مستقبلات الإنسولين. وهذا الاعتقاد هو اعتقاد خاطئ. فالبنكرياس يفرز عدة هرمونات ومنها هرمون الجلوكاجون وهرمون متعدد الببتايد وهرمون السوماتستاتين وهرمون الأميلين أيضا. ونود في هذه العجالة أن نتحدث عن هذه الهرمونات المفرزة من البنكرياس ومن خلاياه المختلفة. وأيضا نتحدث عن الأمراض المختلفة والمرتبطة بإفراز هذه الهرمونات المتعددة.
أولا: هرمون الإنسولين
وهو أكثر الهرمونات شهرة بين الناس وذلك لارتباطه بمرض السكري وهو المرض الأكثر انتشارا بين الناس. وقد استخدم الأنسولين في علاج مرض السكري، وتحديداً النّوع الأول منه، في العام 1921م وقد قد كان قبلها مرض السكري يعني الموت المؤكد للمصاب به وذلك بعد فترةٍ وجيزة من إصابة المريض به. ولقد تم اكتشاف الأنسولين لأوّل مرة والتعرّف عليه من قبل العالم الألماني بول لانغرهانز، وذلك في العام 1889م، حيث لاحظ وجود خلايا على سطح البنكرياس لها لون خاص بها ومختلف عن باقي أجزاء البنكرياس، وأطلق على هذا الجزء التسمية المعروفة بجزر لانغرهانز، واكتشف أيضاً أن هذه الجزر تفرز من ضمن الهرمونات العديدة التي تقوم بإفرازها هرمونٍ ذي طبيعة بروتينية أطلق عليه فيما بعد اسم هرمون الأنسولين، ولكنه كان يعتقد آنذاك بأن هذا الهرمون لا تتعدّى وظيفته المشاركة في عمليّة الهضم في جسم الإنسان فقط. وفي العام 1922 تمكن فريدريك بانتينغ من اكتشاف علاقة هرمون الأنسولين بضبط وخفض كميات السكر الزائدة في دم الإنسان. وتم التأكد أن هذا الهرمون هو المسؤول الأول في الجسم عن الحفاظ على معدل طبيعي للسكر. بحيث لا يزيد ولا ينقص في الدم، وبناءً على ذلك بدأ باستخراج هذا الهرمون من بنكرياس الحيوان بداية، وحقنه لمرضى يعانون من زيادة نسبة السكر في دمائهم، وقد بدأ تجاربه بحقن طفل مصاب يبلغ من العمر 14 عاماً، وقد كان ميؤوساً من علاجه أنذاك، ولكن ما إن تمّ حقنه بالأنسولين حتى استرد ذلك الطفل صحته وعافيته.
ثانيا: هرمون الجلوكاجون
هرمون الجلوكاجون ووظيفته إطلاق الجلوكوز المخزن في الكبد والعضلات ليرتفع مستوى السكر في الدم ويغطي بذلك حاجة الجسم من السكريات، ويتم إفراز الجلوكاجون عادة في أوقات الجوع حيث تنخفض نسبة الغلوكوز الموجودة في الدم عن الحد الأدنى لها. ويعتبر انخفاض منسوب الجلوكوز في الدم في أوقات الجوع هو الحافز الرئيسي لإفراز الجلوكاجون من خلايا لانغرهانز التي تم ذكرها فيما سبق.
ثالثا: هرمون عديد الببتايد
هرمون عديد الببتايد من الهرمونات الغامضة نوعا ما، حيث لا يعرف عن وظائفه بشكل كبير ولكن بصفة عامة فهذا الهرمون ينظم عمل البنكرياس كما ينظم عملية تخزين الجليكوجين في الكبد.
رابعا: هرمون السوماتوستاتين
ويعتبر هذا الهرمون من الهرمون المضادة لبعض الهرمونات الأخرى مثل هرمون النمو على سبيل المثال، كما يهبط بعض العصارات من المعدة مثل القاسترين والسيكريتين. وهذا الهرمون هو هرمون مخفض لإفراز الإنسولين ليحدث نوعا من التوازن في جسم الإنسان. كما ان زيادة إفرازه يؤدي إلى إصابة الطفل أو الشخص البالغ بنقص السكر الدائم. مما قد يستدعي علاج هذا المريض ببعض العلاجات والتي في حال فشلها قد يستدعي علاج هذا المريض باستئصال البنكرياس. وقد تحدثنا بشيء من التفصيل عن هذا الأمر في الأعداد السابقة عند حديثنا عن نقص السكر الوراثي والإمراض المؤدية والمسببة له. ومن الهرمونات المفرزة من البنكرياس أيضا هو هرمون الغرلين وهو أول هرمون ينظم الجوع يتم اكتشافه.
خامسا: هرمون الأميلين
الأميلين هو هرمون طبيعي يفرز من خلايا بيتا البنكرياسية كما ذكرنا سابقا ويعمل على تنظيم مستوى السكر في الدم خاصة لدى مرضى السكري، النوع الأول والثاني. ويؤدي أيضاً إلى إنقاص الوزن. ويعطى عادة مع هرمون الأنسولين ويقلل من كمية الأنسولين المعطاة في بعض حالات مرض السكرى. وقد استخدم كعلاج مساعد لمرضى السكري النوع الأول مع الإنسولين لتقوية مفعوله ولكن استخدامه قد قل في الوقت الحالي.
وظائف أخرى غير هرمونية للبنكرياس:
البنكرياس أحد أعضاء الجسم كما ذكرنا سابقا. ويأخذ البنكرياس موقعا عرضيا خلف المعدة وعميقا في الجزء العلوي الخلفي للبطن مقابل العمود الفقري من الناحية التشريحية والطبية. ويلتف الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة على شكل حلقة دائرية حول البنكرياس أو بالأحرى حول رأس البنكرياس. وبذلك يكون في موقع الحماية الكاملة له. والجدير بالذكر أن البنكرياس ضروري جدا لعملية الهضم وليس فقط تنظيم مستوى سكر الدم كما هو معتقد عن الكثير من الناس. حيث يفرز البنكرياس العديد من العصارات الهاضمة الضرورية لتكسير الطعام وتفتيته وهضمه. ويوجد في البنكرياس نوعان من الغدد: غدد قنوية وغدد لا قنوية. أي الغدد التي تحوي قنوات والغدد التي لا تحوي قنوات. الغدد القنوية تفرز عصارات هضمية تذهب في قنوات فتصب في الاثني عشر وهو جزء من أجزاء الأمعاء. أما الغدد اللا قنوية (أي الغدد الصماء) فهي عبارة عن تجمعات من الخلايا تسمى جزر لانغرهانس تفرز الأنسولين والهرمونات الأخرى – التي تم الإشارة إليها- إلى الدم مباشرة بدون قناة. ويفرز البنكرياس العصارات الهاضمة التي تتدفق من خلال قناة خاصة إلى الأمعاء الدقيقة. وتتم عملية إفراز هذه العصارات الهاضمة نتيجة لانفعالات شرطية وردة فعل هرمونية. وينشط البنكرياس نتيجة لتأثير هرمونات يتم إفرازها من قبل خلايا بطانة الاثني عشري نتيجة وصول المادة الحمضية من المعدة. ويفرز من البنكرياس نوعان من العصارات: بيكربونات وإنزيمات الهضم. أما بخصوص البيكربونات فهي تفرز من الخلايا المركزية في البنكرياس وهي عصارة قاعدية غنية بالبيكربونات نتيجة لهرمون يفرز من قبل خلايا الاثني عشري. وبهذه الطريقة تتم حماية غشاء الأمعاء الدقيقة من حمضية عصارة المعدة. إنزيمات الهضم: لإنزيمات البنكرياس دور أساسي في هضم الدهون والبروتينات، كما ان لها دورا في هضم الكربوهيدرات. ويقوم البنكرياس بفرز الإنزيمات تحت تأثير هرمون يفرز من قبل خلايا الاثني عشر. وتخرج الإنزيمات بصورة غير فعالة ويتم تفعيلها عن طريق هرمون آخر يفرز من خلايا الاثني عشري. وبهذه الطريقة يقوم الجسم بحماية البنكرياس من تأثير الإنزيمات الهاضمة.
الأمراض المصاحبة لهرمونات البنكرياس
أولا: نقص هرمون الإنسولين: ويسبب المرض المشهور والمعروف مرض السكري النوع الأول. وأعراض هذا المرض كما هو معروف كثرة التبول والاحساس بالعطش ونقص الوزن. وقد تحدثنا عن هذا المرض بنوعية الأول والثاني.
ثانيا: زيادة هرمون الإنسولين: ويسبب نقص مستوى السكر في الدم و تشمل هذه أعراض المرض الإحساس بالجوع ورعشة العضلات والعرق الغزير والإحساس بما يشبه وخز الإبر وخفقان القلب والصداع أحياناً. و قد يؤدي نقص السكر في الدماغ ازدواج الرؤية وصعوبة التركيز وثقل اللسان وصعوبة الكلام والتهيج والصرع وقد يؤدي إلى الشلل.
ثالثا: زيادة هرمون الجلوكاجون: وهو مرض نادر ويسبب زيادة مستوى سكر الدم. وأعراض هذا المرض كثرة التبول والاحساس بالعطش.
رابعا: نقص هرمون الجلوكاجون: وهو مرض نادر أيضا ويسبب نقص السكر في الدم وتشمل الأعراض الإحساس بالجوع ورعشة العضلات والعرق الغزير والإحساس بما يشبه وخز الإبر وخفقان القلب والصداع. ويكون العلاج بتعويض المريض بهذا الهرمون الناقص على شكل حقن تحت الجلد أو على شكل ضخ مستمر لهرمون الجلوكاجون تحت الجلد حيث توجد مضخات خاصة بذلك.
خامسا: زيادة إفراز السوماتوستاتين: وهو مرض نادر أيضا وليس له أعراض واضحة. أما نقصه فهو نادر جدا. إن زيادة هذا هرمون الإنسولين قد تسبب نقص شديد في مستوى سكر الدم وقد يؤدي للغيبوبة والتشنج. وقد يؤثر على دماغ الطفل وقدرته على التفكير والتركيز في المستقبل. وقد علاج السوماتوستاتين المحضر علاج لارتفاع الإنسولين وبالتالي المحافظة على السكر في مستوى طبيعي.
ومن الهرمونات أو المواد المفرزة من البنكرياس والتي قد يؤدي زيادة إفرازها إلى اسهال شديد هو هرمون الأمعاء النشط وهذه الترجمة الحرفية لهذا الهرمون المسمى VIP أما زيادة هذا الهرمون فتزيد من نشاط الأمعاء وبالتالي تسبب الاسهال والجفاف وألم البطن وغيرها من الأمراض الجلدية المصاحبة بالاضافة إلى نقص البوتاسيوم ونقص الوزن والجفاف ويكون العلاج باستئصال لاالورف في البنكرياس المسبب لزيادة إفراز هذا الهرمون.
يوجد في البنكرياس قناتان لفرز وهضم الطعام
البنكرياس يفرز العديد من الهرمونات