د. سامي القباني
اكتسبت الأغذية المعَالجة (بفتح اللام) processed foods سمعة سيئة مؤخرا، وصارت تلام على كل ما نراه من انتشار البدانة والسكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والأوعية، في مجتمعاتنا المعاصرة، إلا أن ما يغيب عن أذهان الكثيرين هو أنه من النادر أن نتناول طعاما هذه الأيام لا يتعرض لبعض "المعالجة"، فالخبز المصنع من الحبوب الكاملة، والحساء الذي نطبخه في البيت، وحتى السلطة التي نحضرها في المطبخ هي أطعمة معالجة بطريقة أو أخرى.
لذلك علينا أن نحدد درجة "المعالجة" وطريقتها، قبل الحكم على تصنيف الطعام: أهو صحي، أم ينافي المقاييس المقبولة صحيا؟
وفيما يلي نعرض أنواع المعالجة التي يتعرض لها طعامنا -مرتبة بالتدريج من المقبول إلى الأقل قبولا من الوجهة الصحية:1- الأطعمة المُعَالجة معالجةً خفيفة جدا، كالأكياس التي تحتوي خضروات مقطعة، أو مكسرات محمصة، فهذه جهزت في الأكياس لتسهيل تداولها وبيعها.
2- الأطعمة المعالجة في وقت نضجها لتخزينها وهي محافظة على قيمتها الغذائية، مثل معلبات البندورة (الطماطم)، والفواكه والخضر المجمدة، ومعلبات السمك.
3- الأطعمة المحفوظة مع إضافة مُحلِّيات أو ملونات أو بهارات أو مواد حافظة، مثل مربى البندورة أو اللبن المحفوظ أو الخلائط السائلة التي توضع على السلطة (salad dressing).
4- الطعام من نوع واحد الجاهز للأكل، مثل رقائق البطاطا potato chips، أو حبوب الفطور الصباحي corn flakes، أو معلبات اللحم المفروم.
5- الوليمة الكاملة المجمدة، والتي تحتاج لتسخينها بالميكروويف microwave قبل تناولها، مثل البيتزا المجمدة.
* إيجابيات الأطعمة المعالجة- تمكننا طرق المعالجة الغذائية من إضافة عناصر ضرورية للجسم، مثل إضافة الكالسيوم والفيتامين D للحليب وعصير البرتقال، وإضافة الألياف للحبوب الصباحية.
- نستفيد من المعالجة الغذائية عندما لا تكون الأطعمة الأصلية متوفرة، كما هي الحال في الفواكه المعلبة (مع بعض الماء أو مع عصيرها).
- توفر هذه الطرق حلا للذين لا يملكون الوقت لتجهيز الأطعمة الصحية التي يحتاجونها، كما هي الحال في أكياس الخضر المقطعة والمعرضة لمعالجة خفيفة.
* سلبيات الأطعمة المعالجة لا بأس -من الوجهة الصحية- من تناول الأطعمة المعالجة بين الفينة والأخرى، لكن سلبيات هذه الأطعمة يمكن حصرها بثلاث مكونات غذائية ضارة: السكر، والملح، والدهون.
1- السكرتحتوي أكثر المعلبات والأطعمة الجاهزة التي نبتاعها على كميات كبيرة وغير صحية من السكر الحر (الذي ثبتت أضراره في تسهيل الإصابة بالبدانة والسكري)، حتى تلك المعلبات التي تحمل ملصقات "عضوي" أو "طبيعي".
يضاف السكر للخبز لإعطائه اللون البني المحبب، ويضاف بكميات وافرة لمعلبات الصلصة (مثل الكاتش أب ketchup) والحبوب (مثل الكورن فليكس corn flakes)، وغيرها.. وأفضل ما نستطيع عمله لتفادي ضرر الكميات المفرطة من السكر في المعلبات الغذائية هو مطالعة المحتويات، والتي يستوجب على المصنع (قانونيا) أن يدرجها في الملصقات.
ويأتي السكر في ملصقات المعلبات بشكل: سكر، فروكتوز fructose، مالتوز maltose، سكر بني، عصير ذرة corn syrup، سكر قصب cane sugar، عسل، عصير فواكه مركز.
2- الملح (الصوديوم)80 - 75 % من الصوديوم الذي نتناوله هذه الأيام هو من الأطعمة المعالجة |
معظم الخضر والحساءات والصلصات المعلبة تحتوي الملح، وذلك لتحسين النكهة والقوام ولتعزيز حفظ الطعام، ونحن بحاجة ولا بد لبعض الصوديوم في غذائنا، لكن لنتذكر أن الحد الأعلى المسموح به من قبل الأطباء هو 2.3 غرام وحسب، بالنسبة للبالغين.
ويقول الخبراء إن 80 - 75 % من الصوديوم الذي نتناوله هذه الأيام هو من الأطعمة المعالجة، بينما لا تتعدى نسبة الصوديوم الذي يصلنا عن طريق ملح الطعام الذي نضيفه إلى وجباتنا 20 - 25 %!
ولا يعني هذا أن نطرح كل معلبات الخضر والحساء والبقول جانبا، فالكثير منها يحتوي إضافات غذائية مفيدة، لكن علينا أن ننتخب المعلبات التي تعلن لصاقاتها أنها قليلة محتوى الصوديوم، وإذا وجدنا بعد تذوقها أنها ناقصة الملح، فبإمكاننا رش بعض الملح عليها، فهذا يبقى أفضل بكثير من تناول المحتويات المملحة في المعلبات النظامية.
أمر آخر يمكن أن نقوم به، وهو تفريغ المحتويات المملحة من البقول والخضار وغسلها جيدا بالماء، فهذا لوحده ينقص كمية الملح فيها إلى 40 %، حسب تصريح الأخصائيين.
3- الدهون
إن إضافة الدهون للطعام يجعله أكثر قابلية للحفظ، ويعطيه قواما أكثر صلابة، والدهون التي تضاف للأطعمة المعالجة هي عادة دهون محولة (بفتح الواو)، وهذه -كما بات معروفا- ضارة بالصحة، لأنها ترفع الكولسترول السيئ LDL في الدم، وتنقص الكولسترول الجيد HDL، مع ما ينتج عن ذلك من أمراض القلب والشرايين.
ومع أن هذه الدهون صارت تضاف بنسبة أقل من الماضي، إلا أنها ما تزال موجودة، ما يجعل من الأهمية بمكان -مرة أخرى- أن نقرأ محتويات المعلبات على اللاصقات.
ولنتذكر أنه يسمح للبائعين أن يدعوا أن مستحضرهم في المعلبات المحفوظة خال من الدهون المحولة، إذا كانت الوجبة تحتوي أقل من نصف غرام منها، فإذا تناول الإنسان وجبتين أو أكثر، فهذا يترجم لكمية ضارة من هذه الدهون.
كذلك قد يعلن في الملصقات أن الوجبة تحتوي "زيوتا نباتية مهدرجة جزئيا partially hydrogenated vegetable oils"، وما هذه إلا تسمية مواربة للدهون المحولة.