ألم الصدر يجب أن يؤخذ على محمل الجد حتى يثبت العكس
التأخير في علاج الجلطة القلبية.. يزيد من تلف عضلة القلب
ثقب القلب المكتسب هو من مضاعفات الجلطة القلبية
خالد النمر
محمد شاب عمره 30 سنة يدخن أكثر من 10 سنوات ويعاني ارتفاعا بسيطا في الكلسترول الضار لم يلق له بالا.. وهو يجمع في نمط حياته اليومي الكثير من العادات الصحيه السيئة من عدم رياضة واكل مطاعم وقلة تناول الخضروات والفواكه وتدخين والاكثار من الشحوم الحيوانية...الخ وهو يعمل عملا مهنيا يحتاج منه الكثير من الجهد والطاقة... أتاه ألم كما يصفه “حرارة شديدة في رأس المعدة"، أخذ مسكنات للألم ومضاد حموضة وأكمل يومه، وفي اليوم الثاني رجع عليه الالم وصار هناك تعرق في فترات متقطعة مع غثيان، ولكنه اخذ دواء حموضة من أحد زملائه واخذ حبتي بندول. وقال "بكرة تروح ان شاء الله!!" وعلى الرغم من اصرار زوجته الا انه كان يطمئنها ان هذه حموضة المعدة التي تعودت عليها وبتروح. وأنه ليس هناك داع للقلق. وفي اليوم الثالث اشتد عليه الألم وانتشر الى ذراعه وأصبح مبرحا. ففزع الى الطوارئ واستقبله الطاقم الطبي بسرعة وشخص في ذلك الوقت ان لديه جلطة حادة في القلب ولكن لسوء حظه - أو بالأصح لإهماله نفسه - أنه أتى متأخرا بعد تأثر عضلة القلب وتلف الخلايا التي يغذيها ذلك الشريان وأصبحت عضلة القلب لديه ضعيفة لا تتعدى قوة الضخ فيها 30% - الطبيعي فوق 55% -!! وكان ذلك صدمة لمحمد ولأسرته.. فبلاشك سيغير ذلك باقي معالم حياته تبعا لما حصل في تلك الايام الثلاثة...بل وسيطول ذلك التأثير اسرته: زوجته وابناءه برعاية شخص لديه ضعف في القلب ومراجعة المستشفيات وارتشاح السوائل في الرئتين بصورة دورية والتحاليل ومضاعفات الادوية وتغييرها ومتابعة السيولة. الخ وكان من الممكن ل(محمد) بعد مشيئة الله ان يتفادى ذلك كله بشيء بسيط من الوعي الصحي وإدراك أهمية الاهتمام بآلام الصدر وأخذها على محمل الجد وزيارة الطوارئ حتى يثبت عكس ذلك...فالقاعدة الذهبية التي نقولها لمرضانا دوما (من الافضل أن تذهب الى الطوارئ بألم الصدر ويطلع قلبك سليم من انك تجلس في بيتك أو مكتبك وهناك احتمالية جلطة قد تفقد معها حياتك وأنت تؤجل التعامل معها).
ولأهمية هذا الموضوع في الوعي الصحي العام سنتوسع في الحديث عن أعراض القلب وماهي الاعراض التي تأتي بها تضيق او انسداد شرايين القلب التاجية " الجلطة أو الذبحة الصدرية". فكما هو معلوم فإن وصف اعراض المريض وشكواه بالتفصيل هي الخطوة الأولى في أي تشخيص لأمراض القلب. واعراض تضيق او انسداد شرايين القلب قد تأتي على صفات عدة منها: ألم الصدر، ضيق التنفس، الخفقان، الإغماء، انقطاع التنفس الليلي، انتفاخ الارجل. مجتمعة او متفرقه. وأهمها على الاطلاق "ألم الصدر". ولذلك سنبسط بعض المفاهيم الخاصة بألم الصدر على شكل قواعد
الأولى:
أن الغالبية العظمى من آلام الصدر ليس لها علاقة بالقلب حيث ثبت ان 93% من اسباب آلام الصدر في زيارات المرضى للطوارئ ليست من القلب ولكن بلاشك آلام القلب هي اخطرها على الاطلاق ولذلك يجب التأكد بإجراء الفحوصات من تخطيط قلب وانزيمات واذا احتاج المريض السونار وفحص جهد القلب حتى يثبت ان القلب ليس مصدر الألم ثم بعد ذلك يحال المريض الى التخصص الذي يعالجه حسب مصدر الألم :المريء، العظام،العضلات، الرئتين، الأعصاب..الخ
الثانية:
ألم شرايين القلب قد يأتي بصورة تقليدية واضحة كما هو موصوف في كتب الاطباء الاولين وقد يأتي بصورة مخادعة للطبيب والمريض معا لأنها غير واضحة.. والصورة التقليدية ان يأتي الالم على أشكال يختلف الناس في وصفها منها (حرارة او ضغط او ثقل او شد) بين الثديين يستمر اكثر من خمس دقائق وعادة لا يزيد عن عشرين دقيقة- اذا لم يكن جلطة - ويكون معه غثيان وتعرق ولا يزداد مع التنفس ولا مع الكحة ولا مع الالتفاف يمينا او يسارا وهو عميق داخل الصدر وليس سطحيا..وشدته قد تكون بسيطة او متوسطة او شديدة.. وقد ينتشر الى اعلى الرقبة واسفل اللحيين- ولذلك قد يتوهم بعض الناس انه ألم ضرس - وقد ينتشر الى الذراع الايسر او الايمن او الظهر - تحت الكتف الايسر او بين الكتفين- ومن علاماته ايضا ان بعض المرضى عندما يصفه يضع قبضة يده بين الثديين، كذلك انه يزداد مع الجهد البدني او النفسي ويخف مع الراحة البدنية او وضع الحبة الموسعة للشرايين تحت اللسان..اما الصور الخادعة فلها صفات كثيرة: فقد يأتي على شكل آلام في الكتف الايسر فقط او ضيقة في التنفس او ألم في الصدر يخف مع المشي او على شكل حرقان معدة كما حدث مع صاحبنا "ناصر".. وبالتالي يتضح ان " النغزات" ليست من صفات اعراض شرايين القلب
الثالثة:
التنميل في الذراع ليس من اعراض القلب..فالألم عندما ينتشر الى الذراع قد ينتشر الى الايسر او الايمن او كليهما وغالبا مايكون بشكل ثقل او حرارة في الجزء الذي يلي الجسم من الذراع "النصف الاقرب الى الجسم " ولكن من غير تنميل فالتنميل من اعراض الاعصاب وليس من اعراض القلب
الرابعة: من صفات الم القلب انه قد يكون مستمرا ولكن الغالبية ان يكون بصفة انه "يروح ويجي" وذلك بسبب تغيرات في تخثر مجرى الدم واعادة فتحه بإنزيم معين في الجسم البشري وانغلاقه مرة اخرى بسبب الجلطة ولذلك من التصرفات الخاطئة لبعض المرضى انه إذا ذهب الالم أيقن بالنجاة وان ذلك الالم لن يرجع كما حصل مع "محمد" في الايام الثلاثة الاولى فيتكاسل للذهاب الى الطوارئ.
الخلاصة
إن ألم الصدر يجب ان يؤخذ على محمل الجد حتى يثبت عكس ذلك تماما وتلك الدقائق تسمى تجاوزا الدقائق الذهبية لأنها أغلى من ذلك بكثير فهي تساوي حياة الإنسان وهي لا تقدر بثمن.