اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي) هو الخوف الدائم من المواقف الاجتماعية ومن التواجد بين الناس. وهو واحد من أكثر اضطرابات القلق شيوعاً. واضطراب القلق الاجتماعي أكثر بكثير من مجرد “خجل”، فهو يسبب خوف وارتباك شديد مما قد يكون مجرد نشاط يومي كالتسوق أو التحدث على الهاتف. الأشخاص المصابون به قد يخشون فعل أو قول شيء ما لاعتقادهم أنه سيكون مخزياً.
يُعطل اضطراب القلق الاجتماعي الحياة الطبيعية للفرد، ويتداخل في العلاقات الاجتماعية ونوعية الحياة، ويُضعف من الأداء في العمل أو المدرسة. هو أكثر شيوعاً عند النساء منه عند الرجال عموماً. ويبدأ عادة في مرحلة المراهقة، وأحياناً يبدأ مبكراً منذ الطفولة. إذا كنت تعتقد إمكانية وجود اضطراب القلق الاجتماعي لديك ، فلا تخف من رؤية طبيبك. فهذا اضطراب معروف ويمكن علاجه بكفاءة.
أعراض اضطراب القلق الاجتماعي
قد يبكي الطفل المصاب باضطراب القلق الاجتماعي كثيراً، أو تصيبه حالة جمود، أو ثورات غضب. وقد يخاف من الذهاب إلى المدرسة و المشاركة في الصف والنشاطات المدرسية. وقد يعاني المراهقون والبالغون المصابون باضطراب القلق الاجتماعي من:
1- الرعب من بعض النشاطات اليومية مثل:
– مقابلة الغرباء.
– التحدث أمام جماعات أو البدء في محادثة.
– التحدث في الهاتف.
– التحدث مع الشخصيات البارزة ذات النفوذ.
– العمل.
– الأكل أو الشرب بمشاركة أحد.
– التسوق.
2- تقديرهم لذاتهم منخفض ويشعرون بعدم الأمان تجاه علاقاتهم.
3- الخوف من توجيه الانتقاد لهم.
4- تحاشي الاتصال بالنظر مع الآخرين.
5- اللجوء إلى المخدرات والكحول للتقليل من قلقهم.
قد يكون خوفهم من موقف معين واحد، كما في الحديث على الهاتف أو من كل المواقف الاجتماعية.
نوبات الهلع
يمكن أحياناً أن يزداد الخوف والقلق من المواقف الاجتماعية ويتطور إلى نوبة هلع (Panic attacks)، وهي فترة تمتد عادة لبضع دقائق فقط، يشعر عندها الشخص شعوراً غامراً من الخوف والتوجس والقلق. قد يكون هناك أعراض جسدية أيضاً، مثل الشعور بالغثيان، والتعرق، والارتعاش وخفقان القلب. تصل هذه المشاعر إلى الذروة ثم تمر بسرعة. إنها أعراض مرعبة ولكن لا يمكنها أن تسبب أي أذى جسدي.
مشكلات الصحة النفسية الأخرى
سيكون لدى الكثير من الناس الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي مشكلة صحة نفسية أخرى ، مثل الاكتئاب، واضطراب القلق المعمم، اضطرابات الهلع و / أو اضطراب ما بعد الصدمة. وبعض الناس قد يكون لديهم مشكلة إدمان المخدرات أو الكحول ، حيث أنهم يلجؤون للمخدرات أو الكحول كوسيلة لتجاوز حالة القلق لديهم.
أسباب اضطراب القلق الاجتماعي
لا نعرف حقيقة ماهي أسباب اضطراب القلق الاجتماعي، لكن يبدو أنه يحدث نتيجة لتضافر عدة عوامل مشتركة، وقد تلعب الجينات دوراً فيه. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر سلوك الوالدين مع ابنهم في احتمال تطور هذا الاضطراب.
لقد وصف الأفراد المصابون بهذا الاضطراب في المملكة المتحدة آباءهم بأنهم:
-شديدي الحرص والحذر عليهم.
-ليسوا عطوفين عليهم كفايةً.
-ينتقدوهم باستمرار ويقلقون من فعلهم لبعض الأشياء بشكل خاطئ.
-تأكيدهم المبالغ فيه لأهمية السلوكيات والهندام.
-مبالغتهم في خطر الناجم عن الاقتراب من الغرباء.
ماهي طرق الحصول على المساعدة ؟
إذا كنت تعتقد بوجود اضطراب القلق الاجتماعي لديك، لا تخف من رؤية طبيبك للحصول على المساعدة. سيجعل الأمر أسهل مما تتخيل إذا استشرته في مشكلتك. وقد تحصل على تقييم لحالتك عبر الهاتف إذا وجدت أن ذلك أسهل عليك، أو حدد موعداً في وقت تكون العيادة أقل ازدحاماً، وذلك قبل أو بعد ساعات العمل العادية.
إذا كان قلقك شديداً، أو كنت ترغب في تقييم حالة طفلك، قد يكون الطبيب قادراً على زيارتك في المنزل.
كيف تُشخَّص هذه الحالة ؟
قد يسألك طبيبك بعض الأسئلة من استبيان تشخيصي خاص، مثل استبيانات: جرد الرهاب الاجتماعي، او مقياس الرهاب الاجتماعي أو مقياس قلق التفاعل الاجتماعي. وتعطي هذه الاستبيانات عدد النقاط يشير إلى مستوى القلق عندك في المواقف الاجتماعية (هناك مقاييس مماثلة مصممة لاستعمالها عند الأطفال).
وطبيعة الأسئلة التي قد يسألك إياها طبيبك قد تكون :
-هل تميل (أو يميل طفلك) لتجنب الأماكن أو الفعاليات الاجتماعية؟
-هل تُصاب (أو يصاب طفلك) بالرعب من عمل الأشياء مع الأشخاص الأخرين، كالأكل أو الكلام أو الذهاب إلى الحفلات؟
-هل تجد (أو يجد طفلك) صعوبة في أداء العمل إذا شاهدك الآخرون؟
وقد يحتاج طبيبك لأن ينفي إصاباتك باضطرابات أخرى مشابهة كما في اضطراب القلق المعمم (generalised anxiety disorder)، ورهاب الميادين (أو رهاب الخلاء agoraphobia) وهو الشعور بالخوف من التواجد في مواضع قد يكون الهروب منها صعباً، أو يصعب توفر المساعدة فيها إذا سارت الأمور على غير ما يرام.
سيحتاج الطبيب أيضاً إلى التقصي عن وجود مشكلات أخرى قد تحتاج إلى علاج منفصل، كالاكتئاب أو تعاطي الكحول أو المخدرات.
علاج اضطراب القلق الاجتماعي عند البالغين :
1-العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive behavioural therapy).
وهو أحد أكثر طرق علاج اضطراب القلق الاجتماعي فعّاليةً، سيتاح لك العلاج المعرفي السلوكي -المصمم خصيصاً لعلاج هذا الاضطراب- وبشكل فردي، والذي يكون عادة 14 جلسة خلال 4 أشهر تقريباً. يساعدك العلاج المعرفي السلوكي (CBT) عموماً في تحديد المعتقدات غير النافعة وغير الواقعية والأنماط السلوكية. ستتعاون أنت والمُعالج معاً في تغيير السلوكيات واستبدال المعتقدات الخاطئة وغير النافعة بأخرى أكثر واقعيةً وأكثر توازناً.
يعلمك العلاج المعرفي السلوكي مهارات جديدة ويساعدك على فهم كيفية التعامل بإيجابية أكثر مع المواقف التي تسبب لك القلق عادة.
قد تتضمن جلسات علاجك على جلسات تثقيفية عن القلق الاجتماعي، وفيديوهات تقييمية لتصحيح وجهات نظرك المشوهة عن نفسك، وتمارين وتجارب سلوكية.
2- المساعدة الذاتية المدعمة.
إذا رغبت في تجريب علاج نفسي مختلف عن العلاج المعرفي السلوكي، فقد تعرض عليك المساعدة الذاتية المدعمة، ويُقدم لك على سبيل المثال كتاب أو برنامج حاسوبي يستند إلى العلاج السلوكي المعرفي، لتقوم بتجريبه على فترة 3 أو 4 أشهر.
3-مضادات الاكتئاب
قد يستفيد بعض المرضى من تجريب أحد أنواع أدوية الاكتئاب، وتكون عادة من مثبطات عود التقاط السيروتونين الانتقائية (SSRI)، وذلك إما بإشراكها مع العلاج السلوكي المعرفي أو دونه. ترفع SSRI من مستوى مادة كيميائية في الدماغ تسمى السيروتونين، ويمكن أخذها على أساس طويل الأمد. يمكن أن تحتاج SSRI كغيرها من مضادات الاكتئاب إلى عدة أسابيع حتى يتكيف جسمك معها. نبدأ عادةً بجرعات منخفضة وتزداد تدريجياً بحسب استجابة جسمك للدواء.
من المحتمل أن يُعرض عليك دواء إسيتالوبرام (escitalopram) أو سيرترالين (sertraline)، ويجب أن ترى طبيبك كل بضعة أسابيع في بداية العلاج وذلك للتحقق من سيره ومعرفة إذا كانت استجابتك عليه جيدة.
التأثيرات الجانبية الشائعة لمثبطات عود التقاط السيروتونين (SSRI)
– الشعور بالغثيان
– انخفاض الرغبة الجنسية
– تشوش الرؤية
– الإسهال أو الإمساك
– دوخة
– جفاف الفم
– فقدان الشهية
– تعرق
– الشعور بالهيجان
– الأرق (مشاكل النوم).
عندما تقرر أنت أو طبيبك أنه من الملائم أن تتوقف عن تناول دوائك المثبط لعود التقاط السيروتونين، ستقوم بإيقافه تدريجياً عن طريق تخفيض جرعة الدواء ببطء. ولا تتوقف عن أخذ الدواء إلا إذا نصحك طبيبك خاصة بذلك.
4- المعالجة النفسية
إذا كانت كل التداخلات المذكورة أعلاه غير مناسبة لك، لأي سبب كان، قد يُقدم لك العلاج النفسي بين الأشخاص أو العلاج النفسي قصير المدى المصمم خصيصاً لاضطراب القلق الاجتماعي.
ينطوي العلاج النفسي عادة على التحدث مع مُعالج متمرس إما منفرداً أو في مجموعة، أو التحدث مع الزوجة أو الزوج أو الشريك. فهو يسمح لك بإلقاء نظرة أعمق على مشكلاتك وهمومك والتعامل مع العادات المزعجة ومجموعة واسعة غيرها من الاضطرابات النفسية.
ويهدف العلاج النفسي بين الأشخاص لربط القلق الاجتماعي مع مناطق الخلل في العلاقات ومعالجتها. ربما يقدم لك16-20 جلسة على مدى أربعة إلى خمسة أشهر.
بينما يهدف العلاج النفسي قصير الأمد لاضطراب القلق الاجتماعي إلى تحسين المهارات الاجتماعية، من بين عدة أمور أخرى، ويشجعك على مواجهة المواقف الاجتماعية التي تخشاها خارج جلسات العلاج. تكون عادة25-30 جلسة على مدى ستة إلى ثمانية أشهر.
علاج اضطراب القلق الاجتماعي لدى الأطفال
ينبغي النظر في العلاجات النفسية المقدمة للبالغين المذكورة أعلاه أيضا للأطفال في عمر15 عام أو أكبر. كما ينبغي أن يقدم العلاج المعرفي السلوكي القائم على الجماعة للأطفال واليفع بعمر 7 سنوات أو أكبر.
تهدف الجلسات الجماعية لتعريض الأطفال المصابين تدريجياً للحالات الاجتماعية التي يخشونها أو يتجنبونها، وتدريبهم على المهارات الاجتماعية، قد يكون هناك 8 إلى 12 جلسة ومدة كل جلسة90 دقيقة.
بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، فالعلاج المعرفي السلوكي الذي يقدمه الوالدين يكون أكثر ملاءمةً، يخضع الآباء والأمهات للتدريب على استخدام المواد التي يقوم عليها العلاج المعرفي السلوكي لأطفالهم، مثل الكتب المصممة لعلاج مشكلة القلق لدى أطفالهم.