السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكراً لكم لما تقدموه في هذا الموقع من خدمة لنا، جعله الله في موازين أعمالكم.
عندما يضايقني فعل أو قول من أشخاص معينين، لا أستطيع أن أرد عليهم لكونهم مثلاً أكبر مني، أو لأنه سبق وتكلمت معهم، ولم يتغير شيء أو لأسباب أخرى.
أيضا عندما أنام غالباً إن لم أقل دائماً أحلم بأني أتجادل مع هؤلاء الأشخاص، وأتكلم بكل حماس وغضب، وأحيانا أبكي في الحلم من قوة التأثر أي أفرغ غضبي في الواقع في الحلم.
سؤالي: هل هذا الشيء له مسمى في علم النفس؟ وهل هنالك طريقة للتخلص من هذه الأحلام؟
الإجابــة
فيظهر أنك حساسة بعض الشيء؛ مما جعل من الصعوبة عليك أن تتجاوزي بعض المواقف التي يكون هنالك نقاش فيها مع بعض الأشخاص.
ولديك ميول للاحتقانات الداخلية، بمعنى أن قدرتك على الحوار والإفصاح بما يجول في خاطرك ليست كما هو مطلوب، هذا قد يكون ناتجًا من الحياء والذوقية، أو كما ذكرت وتكلمت أنك أصبحت على قناعة أن التغيير لن يأتي، فهنا تتحول هذه الطاقات النفسية السلبية إلى الداخل.
الإنسان حين يفصح عما بداخله هنا يكون حدث التفريغ النفسي، أما حين لا يفصح يحصل الاحتقان النفسي، فهذه الحالة من حالات الاحتقان النفسي، والتي بالفعل تؤدي إلى الغضب، ومن ثم يبدأ الإنسان يحادث نفسه، وتبحث النفس عن منافذ أخرى.
النفس لها محابس، وهذه المحابس لابد أن تُفتح ليتم التفريغ في اتجاه ما، وفي حالتك – ونسبة الكتمان – يظهر الأمر في شكل أحلام، وهذه ظاهرة نفسية معروفة، وأنت ذكرت أنك تفرغين غضبك في الواقع (في الحلم).
فإذن هذا هو التفريغ النفسي الداخلي، وهذا هو المسمى في علم النفس، ولا أعتقد أنها ظاهرة خطيرة، لكن من الأفضل دائمًا أن تعبري عن ذاتك أولا بأول.
حين تحادثين الآخرين حتى الأمور البسيطة حاولي أن تدربي نفسك على القدرة على الحوار، هذا - إن شاء الله تعالى – يعطيك المقدرة على ألا تحجمي من النقاش المنطقي والموضوعي، وهذا يجعلك في وضع أفضل، ويساعدك على التفريغ النفسي.
الأمر الثاني: الاعتقاد بأنه لا جدوى من الحوار، أو الكلام في بعض الأحيان؛ لأن ذلك لن يغير من مواقف الآخرين: أعتقد أن هذا التفكير أيضًا ربما يكون سلبيًا.
أنت لست مكلفة بأن تغيري الآخرين {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} {إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب} افعلي ما تستطيعين الآن، وغيري ما تقدرين وبالقلب، وهذا أضعف الإيمان، وتذكري دائمًا أن الإنسان يجب ألا يفرض قيمه على الآخرين، لأن قيمنا هي أمر يخصنا، وهي من منظورنا نحن، وقد لا يروق للآخرين، وكل إنسان يعتبر نفسه أنه هو الطبيعي، وأنه هو الذي يسير على الصواب، نعم هناك أمور مُسَلَّمة، ومتفق عليها، لكن حتى ما هو متفق عليه قد لا يروق لبعض الناس، {إلا مَن رَحِم ربك ولذلك خلقهم ولا يزالون مختلفين}.
فدربي نفسك سلوكيًا على هذا النمط دائمًا، تقبلي الناس كما هم لا كما تريدين، حين ينتابك شيء من الغضب طبقي ما ورد في السنة النبوية المطهرة، وكثير من الناس استفادوا من ذلك.
وحتى البعض ننصحه ألا يجلب لنفسه الغضب، ويحاكي نفسه بشيء من الحزم، ومن ثم يطبق ما ورد في السنة المطهرة وهو معروف: أن يكثر الإنسان من الاستغفار، أن تغيري وضعك، إذا كنت جالسة فقفي، وإذا كنت واقفة فاجلسي، غيّري مكانك، اصرفي انتباهك، وذلك من خلال: أن تنفثي على شقك الأيسر ثلاثًا، ويا حبذا لو توضأتِ لتطفئي نار الغضب، وهكذا.
فإذن هنالك تمارين سلوكية كثيرة يمكن للإنسان أن يستفيد منها.
أريدك أيضًا أن تضعي صورة ذهنية إيجابية عن الناس، وحين يقابلك إنسان تأتيك مشاعر سلبية حوله تذكري في صديقاتك من هنَّ طيبة وفاضلة، وحاولي أن تنقلي هذه الصورة الذهنية الجميلة عن ذاك الشخص إلى هذا الشخص، هذا فيه شيء من الراحة النفسية.
سؤالك: هل هناك طريقة للتخلص من هذه الأحلام؟ .. هذه هي الطريقة، ما ذكرته لك هو الطريقة، وحاولي أيضًا أن تحسني من صحتك النومية، وذلك من خلال:
1) تجنب النوم في أثناء النهار.
2) لا تتناولي أطعمة في وقت متأخر من الليل أو أطعمة دسمة.
3) طبقي تمارين الاسترخاء.
4) عليك بأذكار النوم.
5) يفضل ألا تتناولي الشاي أو القهوة في فترات المساء.
6) الفصل بين الدخول في النوم والأنشطة الحياتية جسدية كانت أو ذهنية، بمعنى أن نصف الساعة الأخيرة قبل أن تذهبي إلى الفراش يجب أن تكوني في حالة استرخاء، وتأمل وتدبر، اقرئي شيئا جميلا، واختميه بالأذكار، وهذا - إن شاء الله تعالى – ينقلك نقلة إيجابية جدًّا نحو نوم سليم بلا أحلام أو إزعاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.
د.محمد عبد العليم