حالة يعاني معها الطفل من الذعر والهلع ويزداد التصاقه بأمه
قلق الانفصال.. تفهم طبيعة الاضطراب وليس الحزم يعجل في علاجه!
يكون مصحوبا بأعراض جسمية ونفسية
د. علي الزهراني
القلق بصفة عامة هو حالة من الترقب او التوتر المستمر نتيجة لتوقع خطر قد يكون حقيقيا وقد يكون رمزيا.
ويكون مصحوبا بأعراض جسمية ونفسية لعل من أهمها: تشتت الانتباه وعدم القدرة على التركيز والنسيان نتيجة لتشتت الانتباه وكذلك الأرق.
أما قلق الانفصال فيصاب الطفل بالذعر والهلع ويزداد التصاقه بأمه لدرجة انه لا يستطيع ان ينفصل عنها ولو لحظة واحدة.
وكي لا يقلق الآباء من قلق الانفصال، فإنه يظهر في الشهور المبكرة من عمر الطفل قلق من الغرباء وعدم الرغبة في التعرف عليهم ويبكي عند مشاهدتهم ويخاف من الأماكن الغريبة ويزداد التصاقا بأمه. وهذا الأمر يعد طبيعيا الى سن الثالثة، ولكن اذا استمر إلى ما بعد هذا السن فنستطيع عندها ان نسميه "قلق الانفصال".
وأكثر ما يضر قلق الانفصال في الأسر الكثيرة المشاكل وبالذات أمام الأطفال، حيث يفسر الطفل بأن هذا الشقاق والخصام سيكون مآله لامحالة الانفصال عن الشخص الذي احبه وتعلق به ألا وهو "أمه".
ويظهر القلق واضحا جليا من خلال البكاء والصراخ "المحزن" الذي يظهره الطفل عند الطلب منه الذهاب لفراشه، او عند دخوله للمدرسة للوهلة الاولى- وعندها يظهر الطفل شكاوى واعراض بدنية كالصداع وآلام المعدة والكوابيس وغيرها.
يظهر القلق واضحا جليا من خلال البكاء والصراخ «المحزن»
معدلات الانتشار
• قلق الانفصال يكثر بين الاطفال عنه لدى المراهقين وبالذات سن المدرسة- أي عند انتقال الطفل من بيئته المنزلية الى بيئة المدرسية حيث تصل النسبة الى 7-8% من بين الطلاب المسجلين للدخول للمرحلة الابتدائية- بينما النسبة تتراوح ما بين 3-4% بالنسبة لاولئك المنتظمين بالمرحلة الابتدائية- واما المراهقين فإن النسبة لا تتعدى 1%.
• وعلى اية حال النسبة لا تكاد تقل عن 5% ولاتزيد على 10% في جميع بلدان العالم تقريبا.
• واما عن الفروقات بين الجنسين فلم تظهر الدراسات المتفرقة فروقا بين الجنسين في الإصابة بهذا الاضطراب، ويكثر بين اقارب الدرجة الاولى.
الأعراض والاضطرابات المصاحبة لقلق الانفصال
هناك عدة أشكال لأعراض واضطرابات قلق الانفصال يمكن دمجها وتلخيصها فيما يلي:
• الاضطرابات السلوكية:
الكثير من الأطفال الذين يعانون من اضطراب قلق الانفصال يحبون أن يكونوا محط الرعاية والعناية المستمرة من قبل الآخرين وبالذات الأم، ولذا نجدهم شديدي الإلحاح، يحشرون أنفسهم في كل صغيرة وكبيرة، ولذا العلاقة بينهم وبين والديهم وبالذات الاب متوترة قليلا.
• الاضطرابات الانفعالية:
وتظهر على شكل مخاوف كالخوف من الظلام، او تخيل حيوانات مفترسة تلاحقهم- كما تظهر عليهم أعراض اكتئابية كالانطواء والاعتمادية والحزن- كما أنهم كثيرو الشكوى من الموت وان لا احد يحبهم أو يهتم بهم.
• الاضطرابات الجسمية:
حيث تظهر لديهم بعض الأمراض البدنية كالصداع وآلام المعدة والغثيان والقيء والدوخة والإحساس بالإغماء
• الاضطرابات المدرسية:
يظهر على هؤلاء الأطفال التبلد وصعوبة التركيز بالمدرسة، لديهم رغبة في الانسحاب ولذا تجدهم كثير الغياب.
أسباب قلق الانفصال
هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى قلق الانفصال لعل من أهمها:
• أسباب وراثية:
أظهرت بعض الدراسات التي أجريت على أطفال لديهم قلق الانفصال أن آباءهم كانوا يعانون أنفسهم من قلق الانفصال بالصغر.
• أسباب نفسية واجتماعية:
* نقصد بذلك ضغوط الحياة اليومية كموت احد الأقارب أو مرض الطفل أو الانتقال لسكن جديد أو الانتقال للمدرسة.
* الخصائص المزاجية للطفل: فالأطفال الذين لديهم خجل أو الهروب من المواقف غير المألوفة لديهم قابلية للإصابة بقلق الانفصال.
* كذلك أيضا الطفل الذي يشاهد الخوف لدى الأبوين ينتقل إليه الخوف عن طريق المحاكاة أولا إلى أن يصبح سلوكا مشاهدا.
* كذلك خبرات الانفصال التي يمر بها الطفل كالانفصال الذي يحدث بين الزوجين سواء بشكل نهائي أو متقطع، واقصد بذلك الخلاف بين الزوج والزوجة فينتج عنه ذهاب الام لأهلها لفترة أو الطلاق النهائي.
قلق الانفصال يكثر بين الاطفال عنه لدى المراهقين
• أسباب نفسية جسمية:
ونقصد بذلك أن هناك علاقة ما بين العوامل العصبية والعضوية من جهة وقلق الانفصال من جهة أخرى.
العلاج
كعادة الأمراض النفسية علاجها يحتاج إلى صبر وطول بال، لانه في غالبه يتكون من علاج نفسي وطبي واجتماعي وبيئي.
فالعلاج المعرفي السلوكي:
يركز على تعريض الطفل لمواقف قلق انفصالية مخيفة لمنع استجابة القلق المرتبطة بها، مع وضع استراتيجية معرفية وتدريبات استرخائية لمساعدة الاطفال على السيطرة على القلق. كما يمكن عمل هرم او مدرج لمواقف الانفصال والطلب من الطفل تخيل الارتباطات المتعلقة بها، ومساعدة الطفل بتخفيف هذه الحدة باستراتيجية الاسترخاء.
وهناك أيضا طريقة أخرى تستخدم في حالة قلق الانفصال للأطفال في سن دخول المدرسة وهي ما يعرف "بسلب الحساسية التدريجي للخوف من المدرسة" وفلسفتها تقوم على اصطحاب الطفل للمدرسة في اليوم الأول والمكوث معه دقائق تتدرج حتى تصل ساعة في نهاية الأسبوع، وقد تستمر إلى ثلاثة أسابيع حسب حالة كل طفل وشدة قلق الانفصال لديه، وهذا الأسلوب بدأت تعمل به مدراسنا بحيث أصبح الأسبوع الأول قصيرا ويحتوي على العاب وهدايا، وهذا الأسلوب ينم عن وعي ورقي لدى المسؤولين عن التربية والتعليم فجزاهم الله خيرا.
العلاج النفسي الفردي:
وهو يعتمد على فهم المعنى اللاشعوري للاعراض التي يعاني منها الطفل وتقوية شخصية الطفل لتحمل مواقف قلق الانفصال من خلال جلسات نفسية بالعيادة النفسية مرتين أسبوعيا.
يصاب الطفل بالذعر والهلع ويزداد التصاقه بأمه
العلاج الأسري:
العلاج الأسري يقوم على ضرورة تبديل مواقف بعض الآباء المتصلبة والمتشدد حيال أطفالهم المصابين بقلق الانفصال والذين يعتبرون هذا الأمر نوعا من الدلع لارتباطهم بأمهم، ولذا فالعلاج الاسري يفضي الى إقناع الأب وتفهيمه إن هذا اضطراب وعلاجه بالتفهم وليس بالحزم غير المبرر أو السلوكيات التهربية.
أيضا يقوم العلاج الأسري على تشجيع الأمهات بالذات وبعض الآباء على التعبير عن مخاوفهم وصراعاتهم إزاء قلق الطفل الانفصالية وحمايتهم الزائدة والعلاج على تجاوز هذه المخاوف وتلك الصراعات.
العلاج البيئي:
مفيد هذا العلاج مع بعض الحالات كالقلق من الذهاب للمدرسة باعتبار انه عارض عصبي مرتبط بمواقف بيئية محددة، ولذا فالعلاج يكون تنسيقيا بين الوالدين والمعلمين والمرشد الطلابي ولربما في بعض الأحيان مع الأقران.
العلاج الطبي:
ونقصد هنا قيام الطبيب النفسي بإعطاء الطفل بعض العقاقير النفسية التي تعمل على خفض الخوف والهلع الناتج عن الانفصال أو مضادات الاكتئاب، وهي مجدية إذا تمت مع بقية العلاجات الأخرى.