د. خالد بن عبدالله العمران
يؤثر التهاب اللوزتين الذي يحدث بسبب ميكروب بكتيري عنقودي (Group – A – strep) على القلب ويحدث التهاباً في أغشية القلب ويؤثر على الصمامات ويسبب طفحاً في الجلد والتهاباً في المفاصل، وهذا يحدث في 3% من الأطفال الذين يصابون بهذا الميكروب في الحلق كما أثبتت الدراسات الطبية الحديثة وفي العادة فإن هذا المرض يظهر بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التهاب اللوزتين، ويصيب الأطفال من عمر 5 إلى 15 سنة ولهذا المرض علامات معينة تسمى علامات جون التي يعتمد عليها الأطباء في معرفة هذا المرض، و هي علامات كبيرة تشمل :
1- Carditis التهاب في أنسجة القلب.
2- التهاب في المفاصل فتكون بعض المفاصل متورمة وحمراء ومؤلمة وينتقل هذا من مفصل إلى آخر خصوصاً المفاصل الكبيرة مثل الركبتين، المرفقين، مفصل الكاحل.
3- طفح في الجلد متعدد الأشكال وهي بقع فاتحة المركز وحمراء الحروف مثل منظر الثعبان.
4 - حركات لا إدارية في اليدين.
5- نتواءت تحت الجلد.
أما العلامات الصغيرة :
1- ارتفاع في درجة حرارة الجسم.
2- آلام في المفاصل بدون التهاب.
3- خلل في التخطيط الكهربائي للقلب.
4- ارتفاع نسبة الترسيب في الدم.
ولتشخيص المرض يجب أن يكون عند المريض علامتان من العلامات الكبيرة أو علامة كبيرة مع علامتين صغيرتين بالإضافة إلى وجود نتيجة إيجابية لوجود علامات للميكروب عن طريق تحليل الدم .
إن التهاب أنسجة القلب هي من أخطر أعراض الحمى الروماتيزمية وهذا يتراوح بين التهاب بسيط إلى متوسط إلى شديد وفشل في عمل القلب، وهذا الالتهاب قد يصيب الأنسجة الداخلية والوسطى والخارجية للقلب.
وإصابة النسيج الداخلي للقلب (ويسمى التهاب شغاف القلب) يتسبب في خلل في عمل صمامات القلب وأشهرها خلل ارتجاع الصمام المايترالي، وقد يكون زيادة ضربات القلب أثناء النوم أو الراحة هي العلامة المبدئية لتأثر القلب بالمرض .
هل أعراض المرض متشابهة عند كل مريض ؟
إن أهم الأعراض ظهور صوت نفخة في القلب مع التهاب في المفاصل وارتفاع درجة الحرارة وبصورة نادرة قد تظهر الحركات اللا إرادية مفردة أو مع التهاب القلب، فطبيعة المرض مختلفة من حالة إلى أخرى .
ما هي التحاليل والفحوصات المهمة ؟
1) تحليل الدم المبدئي (CBC) والذي تشمل كريات الدم الحمراء والبيضاء والهيموجلوبين وصفائح الدم.
2) تحليل سرعة الترسيب في الدم ( ESR) ويكون مرتفعاً في حالة المرض .
3) أخذ مسحة من الحلق لكشف البكتيريا المسببة للمرض لا يفيد كثيراً في هذه الحالات لاختفاء البكتيريا أثناء وجود المرض ولكن يكون تحليلا للدم للأجسام المضادة ( ASO Titer) يوضح الالتهاب السابق للحلق بهذه البكتيريا حتى بعد مرور 3-4 أسابيع من التهاب اللوزتي.ن
4) التخطيط الكهربائي في القلب يساعد في التشخيص وذلك بوجود علامة تأخر النبضات من الأذين إلى البطين.
5) الأشعة الصوتية للقلب ( ECHO) وهذه مهمة جداً لمعرفة مدى تأثر القلب بالمرض، وتقييم عمل القلب بقراءات معينة .
6) تحليل زراعة الدم، وذلك لاكتشاف إذا كان هناك بكتيريا متصاحبة مع هذا المرض عند المريض.
ما طريقة علاج هذا المرض ؟
1) يجب على الطبيب في حالة وجود أعراض لهذا المرض عند المريض أن يقوم بتنويم المريض بالمستشفى لإجراء التحاليل والفحوصات الطبية وعلى المريض الالتزام بالراحة التامة في السرير .
2) بعد التشخيص يعطي المريض كورساً لمدة 10 أيام من المضاد الحيوي البنسلين وهو المضاد المناسب لقتل البكتيريا العنقودية المسببة للمرض .
3) يعطى المريض بعض الأدوية المناسبة لحالته فمثلاً المريض الذي يعاني من قصور في عمل القلب يأخذ الأدوية المساعدة لعمل القلب، وقد يحتاج بعض المرضى التنويم في العناية المركزة للملاحظة وإعطاء أدوية قوية مساعدة للقلب عن طريق الوريد وفي مثل هذه الحالات يأخذ المريض دواء الكورتيزون لمدة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ثم يعطى الأسبرين.
إذا كان العرض الرئيسي عند المريض هو التهاب المفاصل فالمريض يأخذ دواء الأسبرين لمدة تقارب 6 أسابيع .
إما إذا كان العرض الرئيسي هو الكوريا (أو الحركات اللا إرادية) فيأخذ دواء الهالوبيردول.
4) يعطي خافض الحرارة الباراستامول عند ارتفاع الحرارة.
5) إبرة البنسلين طويل المفعول، يأخذ أول جرعة في المستشفى ويستمر عليها كل 3 أسابيع إذا وجد تأثر في القلب بسبب المرض، أو كل 4 أسابيع إذا لم يتأثر القلب وهذا بإذن الله يمنع حدوث الالتهاب البكتيري العنقودي، وبذلك يمنع حدوث المرض مستقبلا.
إلى متى يستمر المريض على إبرة البنسلين ( طويل المفعول)؟
يجب أن يبقى المريض على إبرة البنسلين طويل المفعول كل 3 أسابيع بعد تشخيص مرض الحمى الروماتيزمية وتختلف المدة باختلاف أوضاع المريض.
1) إذا كان المرض لم يصب القلب بأي حال فإن المدة تكون 5 سنوات أو إلى عمر 21 سنة .
2) إذا كان المريض مصاحبا له التهاب في اغشية القلب بصورة حادة ولكن لم يكن هناك عواقب على القلب مثل ترجيع الصمام المايترالي المزمن فإن مدة أخذ إبرة البنسلين تكون 10 سنوات.
3) إذا أصيب القلب بالتهاب الأغشية أثناء حدوث الحمى الروماتيزمية وثم أصبح هناك تأثير واضح على صمامات القلب فإن المريض يجب أن يأخذ البنسلين كل 3 أسابيع طول العمر .
ما أكثر صمامات القلب تأثراً بالمرض ؟
إن الصمام المايترالي هو أكثر الصمامات تأثراً بالحمى الرثوية وفي أغلب الحالات يكون ارتجاعا في الصمام وهذا معناه أن الدم الذي يمر خلال الصمام المايترالي من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر يرجع جزء منه إلى الأذين الأيسر وهذا يختلف شدته من مريض إلى آخر، فقد يكون شديداً، أو متوسطاً أو بسيطاً، وهذا كله ناتج عن التهاب وريقات الصمام، أو انقطاع أحد الأوتار الداعمة.
وتختلف الأعراض باختلاف شدة الارتجاع، فإذا كانت الإصابة شديدة فإن المريض يشعر بصعوبة في التنفس وسرعة ضربات القلب، والأشعة السينية للقلب توضيح وجود زيادة في حجم القلب أما إذا كان الارتجاع في الصمام من النوع البسيط فقد لا يكون هناك أعراض قلبيه على المريض وإنما يتم تشخيص ذلك بواسطة الطبيب عن طريق السماعة الطبية بوجود صوت لفظ على القلب والأشعة الصوتية توضح الترجيع في الصمام .
ما هي المضاعفات المحتملة لارتجاع الصمام المايترالي ؟
إذا كان الارتجاع شديدا يؤدي ذلك إلى هبوط حاد في عمل القلب، وخلل في كهرباء القلب وتجمع السوائل في الرئتين، وإذا لم يتم علاج ذلك بصورة سريعة فإنه يؤدي إلى تدهور حالة المريض والوفاة لا سمح الله .
ما علاج هذا الخلل في الصمام ؟
العلاج بالأدوية المساعدة لمنع فشل عمل القلب وأشهرها مدر البول مع الكابتوبريل، وقد يحتاج المريض أدوية تؤخذ بالوريد في العناية المركزة المساعدة لعمل القلب وأما العلاج الجراحي فقد يلجأ إليه الطبيب إذا لم يتحسن المريض على العلاجات بالأدوية وهذا يكون بعملية قلب مفتوح لإصلاح الصمام المايترالي وفي أحيان نادرة استبداله بصمام صناعي والذي له مشاكل منها أن المريض يجب أن يأخذ أدوية مسيلة الدم باستمرار .
هل هناك صمامات أخرى تصاب بالمرض ؟
يصاب في بعض الأحيان الصمام الأورطي فيكون ارتجاعا في هذا الصمام وتختلف شدته من مريض إلى آخر، وإذا حصل هذا الارتجاع وكان متوسطاً إلى شديد فإنه يؤدي إلى توسع في البطين الأيسر ويصاب المريض بصعوبة في التنفس والشعور بالتعب الشديد من أقل مجهود يعمله.
ويتم اكتشاف هذه المشكلة بواسطة الطبيب عن طريق الاستماع إلى صوت لغط خاص في القلب والأشعة الصوتية توضح التأثر في الصمام وشدته ويتم علاج ذلك بأدوية خاصة مساعدة لعمل القلب وفي بعض الحالات يحتاج الطبيب إلى عمل جراحة قلب مفتوح لتعديل الخلل في الصمام أو استبداله في حالات نادرة.
الصمام المايترالي قد يتأثر مستقبلاً بالمرض ويصبح تضيق في هذا الصمام، وهذا عادة لا يحدث أثناء حدة المرض بل يحتاج إلى عدة سنوات، لذلك يجب متابعة المريض في عيادة القلب دورياً لسنوات طويلة بعد الإصابة بمرض الحمى الروماتيزمية .
وللخلاصة نقول :
1) إن مرض الحمى الروماتيزمية لا يزال مشكلة كبيرة خصوصاً في الدول النامية يسبب تأثيره على صمامات القلب.
2) إن ما نسبته 3% من الأطفال المصابين بالتهاب اللوزتين نتيجة الميكروب البكتيري (GAS) العنقودي يظهر عندهم المرض وهذه نسبة تعتبر كبيرة بالنسبة لأعداد الأطفال لذلك يجب المبادرة بعلاج هذا الميكروب بأخذ المضاد الحيوي لمدة 7-10 أيام.
3) يجب أخذ الطفل مباشرة إلى طبيب الأطفال في حالة وجود صعوبة في التنفس أو طفح في الجلد أو تورم في المفاصل، فهذه علامات مرض الحمى الروماتزمية .
4) من المهم جداً عمل أشعة صوتية للقلب في حالة الاشتباه بحدوث المرض لأنه يوضح إصابة القلب ومدى تأثر الصمامات وبذلك المبادرة في العلاج، وهذا حتى لو لم يكن هناك صوت لغط مسموح في القلب.
5) في حال تشخيص المرض فيجب الاهتمام جداً بأخذ العلاج ومن ثم أخذ إبرة البنسلين كل 3 أسابيع لأن ذلك بإذن الله يحمي الجسم من عودة الالتهاب مرة أخرى بالميكروب، وإذا حصل ذلك فإن تأثيره على القلب يكون أقوى من السابق وعواقبه شديدة على الصمامات داخل القلب.
6) البحوث الطبية لازالت جارية لاكتشاف تطعيم خاص لهذا الميكروب المسبب للمرض.
نسأل الله السلامة والعافية لأطفالنا ،،،
[د. خالد بن عبدالله العمران]