المصابين بهبوط السكر والصيام

د. خالد المديميغ*
    ها قد أقبل علينا شهر رمضان الكريم حاملاً معه نسائم الخير والبركات، وسنبدأ بالاستعداد لهذا الشهر الفضيل بالعبادات والتقرب إلى الله بالصيام والقيام وسائر الطاعات، جعلنا الله من صوّامه وقوّامه. وبالرغم من رغبتنا جميعاً بالصيام إلا أن هنالك فئة من المرضى الذين ينبغي لهم سؤال أطبائهم المعالجين عن أهليتهم للصيام وما الذي ينبغي لهم فعله، إذا كان بإمكانهم الصيام، خلال رمضان وأيام العيد، وكما أمرنا سبحانه وتعالى بالصيام نظرا لفوائده المتعددة، قال الله تعالي: ”يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"،  إلا أنه أعطانا رخصة شرعية في حال تعارض الصوم مع حالتنا الصحية: قال تعالى "فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسرولا يريد بكم العسر".
ونظراً لرغبة الكثير بالصوم، وذلك لأن الغالبية من المرضى المصابين بالسُكري يستطيعون الصيام بأمان اذا اتبعوا تعليمات وقائية بسيطة، آثرنا التطرق لموضوع الصيام ومرض السُكري حتى يستطيع المريض تفهّم بعض مما يحدث له والتصرف بناء على ذلك.


تعتبر التوعية في موضوع الصيام للمصابين بمرض السكري أمر ضروري وذلك للتغير الحاصل في النظام الغذائي، نظام النوم، وما يترتب عليهما من تغيير في النظام العلاجي.  هذه التغييرات تتطلب متابعة لصيقة لمستوى سكر الدم، والتعليمات التي ينصح بها الطبيب المعالج.
نصائح عامة للصائم  
على المريض المُصاب بمرض السُكري أن يتناقش مع طبيبه المعالج عن قدرته على الصوم قبل بداية رمضان، والتحدث عن الأضرار المحتملة التي قد تحدث في حالة رغبة المريض بالصوم. وبالرغم من أن قرار الصوم يبقى في النهاية هو قرار المريض، إلا أنه من المستحب أن يتبع المريض نصيحة طبيبه.
من الأشياء التي قد تؤثر على إمكانية الصيام من عدمه تشمل:
القدرة الجسدية.
مستوى التحكم في سُكر الدم، الدهون، وضغط الدم.
المرضى الذين لا يستحب صيامهم هم:
المرضى الذين لا يتحكمون في مستوى سكر الدم حيث يبلغ الهيموجلوبين السكري (HgA1c) أكثر من 12 في المائة.
المرضى الذين لا يلتزمون بالحمية او بالعلاج.
مرضى القلب الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم غير المتحكم به، أو احتشاء القلب البطيني.
المرضى الذين ليسوا في حالة عقلية تساعدهم على الصيام.
المرضى الذين تعرضوا لأربع أو أكثر حالات إغماء سكري أو ارتفاع مستوى السكر في الدم (أكثر من 22 ملمول/ليتر) خلال الشهر الماضي.
النساء الحوامل.
المرضى الذين يشكون من حصى بالكلى.
ما هي أعراض هبوط سكر الدم؟
قد تختلف أعراض هبوط سكر الدم من شخص لآخر إنما هنالك أعراض مشتركة قد تحدث للغالبية العظمى من الناس، ومن المهم معرفة الأعراض المصاحبة لهبوط سكر الدم بصورة مبكرة والتعامل معها بجدية، وذلك للحد من خطورة هبوط السكر وأخذ العلاج اللازم لأن هبوط سكر الدم قد يساعد على زيادة حدوث الحوادث والتي ربما يكون البعض منها مميتاً. وفي حالة عدم علاج هبوط سكر الدم فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى تشنجات وغيبوبة السكر التي قد تكون مميتة.
من الأعراض التي قد يشعر بها المصاب بحالة هبوط سكر الدم هي الآتي:
- ضعف عام
- رعشة بالأطراف
- تعرق شديد.
- شعور بالجوع.
- زيادة نبضات القلب.
- صداع.
- دوار وقلة تركيز.
- ضبابية أو ازدواجية بالرؤية
- العصبية الزائدة
ما هو دور المريض في حماية نفسه من نوبات هبوط السكر؟
عندما تقوم بزيارة طبيبك فأخبره بنوبة أو نوبات الهبوط التي حدثت لك. والذي بدوره سيكتشف ما السبب في الهبوط وقد يضطر لتغيير نوعية أو الجرعات للعلاج المستخدم. وذلك لمحاولة منع تكرار وحدوث نوبات هبوط سكر الدم في المستقبل.
عليك بتثقيف أسرتك وأصدقائك عن انخفاض سكر الدم، ويجب أن يعلموا أنك قد تصاب حينئذ بالارتباك أو الإعياء إلى درجة أنك قد لا تفكر في تناول طعام يحتوي على السكر لتخفيف الأعراض، وقد يكون عليهم أن يعطوك حقنة الجلوكاجون، ثم نقلك إلى أقرب مركز صحي. أخبرهم بأنك بحاجة إلى مساعدتهم في حالة أنك أصبحت قليل التركيز، قليل التفاهم مع الآخرين، أو صدر منك تصرف غير مقبول.. فإذا كنت واعياً يجب إعطاؤك محلولا سكريا وفي حالة عدم الوعي (الغيبوبة) أو عدم القدرة على تناول شيء عن طريق الفم فمن الأفضل أن يقوم بحقنك بإبرة الجلوكاجون، وهو هرمون ينتجه البنكرياس ويرفع مستوى السكر في دمك، أو إلى تنقيط في الوريد بمحلول من الجلوكوز.
إذا لم تكن مريضاً بالسكر، فاذهب إلى الطبيب، الذي سوف يسألك عن تاريخك المرضي ويختبر دمك لتحديد مستويات الجلوكوز في أوقات متفاوتة بعد وجبات الطعام. إذا كنت تعاني انخفاض سكر الدم، فقد يجري لك طبيبك اختبارات تشخيصية متخصصة لتحديد السبب.
الذي ينبغي على مريض السُكري فعله أثناء الصيام:
في حال ان الطبيب قام بالسماح للمريض بالصيام، ينبغي على المريض القيام بالآتي:
الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالألياف (كالخضار والفواكه والحبوب الكاملة)، وتلك التي تحتوي على معيار سكري قليل (low glycemic index).
الحرص على الابتعاد عن السكريات، وهذا يشمل التمر حيث يجب عدم تناول أكثر من ثلاث تمرات في اليوم، وأيضاً الابتعاد عن الدهون المشبعة.
تسجيل المأكولات التي تم تناولها للتأكد من تناول الكمية المطلوبة، وعدم الإكثار من تناول الطعام بعد الإفطار.
متابعة معدلات سكر الدم أمر ضروري لضمان الصيام بطريقة آمنة للمرضى الذين يتناولون أدوية السكر، سواء المنظم أو الأقراص أو الإنسولين، وخصوصاَ قبل وبعد وجبات السحور والفطور. هذا سوف يساعد في تحديد الجرعات الدوائية المناسبة للمريض خلال شهر رمضان. عادة، ينصح بفحص مستوى سكر الدم قبل بدء الصيام، وعند الحاجة أثناء الصيام، وأيضاً ساعة أو ساعتين بعد الإفطار.
الحرص على تسجيل الوزن بصورة يومية وإبلاغ الطبيب في حال وجود زيادة للوزن تتجاوز اثنين كيلوجرام.
هنالك فرق في التعامل مع المرضى الذين يتناولون الأقراص الدوائية، شاملة المنظم، والإنسولين، لذا يجب التأكد من أن الطبيب قد أجاب على جميع الأسئلة المتعلقة بكلا النوعين.
يجب معرفة العلامات التحذيرية لانخفاض السكر وأيضاً يجب معرفة ما الذي ينبغي فعله عند الاحساس بانخفاض مسستوى سكر الدم.
للتقليل من إمكانية حدوث حالات انخفاض السكر ومضاعفاتها:
سيقوم الطبيب بمراجعة الدواء الذي يتناوله المريض، ومن ثم تعديل إما الجرعة أو نوعية الدواء فقط في خلال شهر رمضان، لذا يجب الالتزام بها.
يجب على المريض أن يحمل معه حبوب جلوكوز أو حلوى سهلة الامتصاص في كل وقت.
الحرص على زيارة الطبيب بعد البدء في الصيام، أسبوع في غالب الأحوال، للتأكد من مناسبة الجرعات الدوائية ومستوى سّكر الدم.
ينبغي على النساء الحوامل استشارة الطبيب ومعرفة إذا كان مسموحا لهن بالصيام خلال رمضان نظراً للمضاعفات التي قد تحدث للحامل أو الجنين.
ينصح بتجنب الصيام لساعات طويلة للمرضى الذين قاموا بعملية ربط المعدة، خصوصاً في مرحلة 12-18 شهرا بعد العملية.
يستطيع المريض مزاولة الرياضية باعتدال وخصوصاً في الصباح، لكن يجب تجنبها ساعة او ساعتين قبل الإفطار، كما يجب قياس مستوى السكر في الدم بعد مزاولة الرياضة مباشرة.
في حالة حدوث مضاعفات، يجب الإفطار في الحال، والبحث عن مساعدة طبية.
منقول