الساونا ومصل اللبن والأدوية النباتية لا تقوي جهاز المناعة
يمثل جهاز المناعة الحصن الدفاعي في جسم الإنسان، لذا يسعى الكثيرون لتقويته ولا سيما خلال فصل الشتاء الذي يزداد فيه معدل الإصابة بفيروسات الإنفلونزا ونزلات البرد، فنجد البعض ينزل شبه عارٍ إلى البحر وآخرون يواظبون على الذهاب إلى الساونا، بينما تَعد إعلانات المشروبات المحتوية على مصل اللبن عملاءها بتنشيط جهازهم المناعي، ولكن هل يمكن فعلا تقوية مناعة الجسم بهذه الطرق؟ويوضح هايو هاسه -من معهد علوم المناعة التابع لمستشفى آخن الجامعي- أن جهاز المناعة يتكون من مجموعة متنوعة من الخلايا والعناصر القابلة للتحلل، والتي تحمي الجسم من مسببات الأمراض وخلايا الأورام، فإذا استطاعت مسببات الأمراض اختراق السدود الطبيعية للجسم كالجلد والأغشية المخاطية، يأتي دور الخلايا المناعية حينئذ في التصدي لها والحيلولة دون إحداث أذى بالجسم بفعل هذه المسببات، كما تمنع أيضا تزايدها وتكاثرها.
ويضيف هاسه أن جهاز المناعة السليم يعمل على حماية جسم الإنسان من الإصابة بأي مرض عن طريق مهاجمة الأجسام الغريبة، وفي نفس الوقت فإن جهاز المناعة لا يهاجم الأجسام الغريبة غير الضارة أو أنظمة الجسم الذاتية، أي إنه يعمل بشكل محدد، فإذا كان جهاز المناعة يعمل بشكل جيد داخل الجسم، فإنه لن يهاجم سوى الأجسام الضارة.
لا داعي للقلق ويقول البروفيسور شتيفان موير -مدير معهد علوم المناعة التابع لجامعة هايدلبرغ الألمانية- إنه لا داعي للشعور بالقلق أو تكبد العناء من أجل تقوية الجهاز المناعي، إذ إنه يتمتع بقوة ذاتية كافية. مؤكدا أنه لم يتوصل العلم حتى الآن سوى للقليل من المعلومات عن كيفية التأثير على الجهاز المناعي بالجسم على نحو مقصود.
ومع ذلك يلفت موير إلى أنه لا يوجد خلاف بالطبع على أن الأطعمة تؤثر في تقوية جهاز المناعة لدى الإنسان، مشيرا إلى أن العلم لم يتوصل حتى الآن إلى اكتشاف كيفية حدوث ذلك.
من جهته يؤكد هاسه أن اتباع نظام غذائي صحي له دور كبير في تقوية المناعة، إلا أنه في نفس الوقت ينفي إطلاقا أن يكون لوجبات معينة تأثير مقصود على جهاز المناعة. فيضرب مثالا على ذلك بحساء الدواجن الذي يعمل على إمداد الجسم بالعناصر الغذائية وعلى تدفئته أيضا، فعادة ما يشعر الإنسان بتحسن بفضل هذا الحساء في لحظة تناوله، فهو لا يؤثر على الحالة العامة للجسم إلا لفترة زمنية محدودة للغاية، وفي نفس الوقت فهو لا يلعب أي دور في التأثير على جهاز المناعة.
وأردف هاسه أن جهاز المناعة مثله كباقي أجهزة الجسم يلزمه الحصول على عناصر غذائية معينة، ولذلك لا بد من اتباع نظام غذائي متوازن يشتمل على كل هذه العناصر.
الرياضة تقوي المناعة ويشرح كارستن كروغر -من معهد العلوم الرياضية التابع لجامعة غيسن الألمانية- أنه لا يوجد خلاف على التأثير الإيجابي لممارسة الرياضة على جهاز المناعة، إذ تؤدي ممارسة الرياضة المعتدلة بأنواعها المختلفة كالسباحة أو ركوب الدراجات أو الجري، على تقوية جهاز المناعة بغض النظر عن ما إذا كانت تتم ممارستها تحت المطر أو الثلج أو في أشعة الشمس.
أما فيما يتعلق بتقوية جهاز المناعة عن طريق الذهاب إلى الساونا أو أخذ حمامات باردة أو المشي تحت المطر، فيستبعد الأطباء هذا الأمر تماما. ويؤكد البروفيسور موير على ذلك بشدة ويقول إنه لا يوجد بحث واحد يثبت وجود أي تأثير مقو على الجهاز المناعي نتيجة هذه الإجراءات أو الأعمال.
ويضيف موير أن الحالة النفسية للإنسان تلعب دورا مهما أيضا في التأثير على كفاءة جهازه المناعي، لأنه عند الوقوع تحت ضغط عصبي مستمر يفرز الجسم مادة الكورتيزول، والتي تتسبب في إنهاك جهاز المناعة. ولذلك فإن للراحة النفسية والشعور بالاسترخاء أهمية كبيرة في صحة الجهاز المناعي.
وبشأن موضوع الأدوية أكد العالم هاسه أنه لا يمكن تحسين قدرة الجهاز المناعي على التصدي للأمراض ولو لفترة قصيرة باستخدام أية أقراص دوائية كالمستخدمة مثلا لعلاج نزلات البرد، مؤكدا أنه لا توجد مادة نباتية واحدة يمكن تناولها عبر عقار طبي لتحسين جهاز المناعة والحد من معدل الإصابة بالأمراض.