تعتمد عملية القدرة الجنسية على إفراز مجموعة من الموصلات العصبية التي تنتج عن تنبيه الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي أثناء الإثارة الجنسية وهذه الموصلات العصبية تؤدي إلى اتساع شرايين العضو الذكري وتمدد الجسم الكهفي به مما يؤدي إلى إغلاق أوردته وبالتالي زيادة كمية الدم في الجسمين الكهفيين به، ومن ثم حدوث حالة الانتصاب، ويصحب ذلك انقباض بعض العضلات اللا إرادية في منطقة الحوض مما يساهم في زيادة قوة الانتصاب.
ان اي اختلال في هذا النظام قد يؤدي الى الضعف الجنسي والذي تتعدد اسبابه ودواعيه، ومن اهم تلك الأسباب القابلة للعلاج الفعال بعض انواع الأدوية التي توصف اما بشكل مؤقت او دائم لعلاج بعض الأمراض.
وقائمة الأدوية التى تسبب الضعف الجنسى طويلة ومتشعبة، ويمكن ان تؤثر على اي جهاز في الجسم يشارك في اتمام عملية الانتصاب. وكما أشرت في المقدمة فإن الجنس سلوك وأداء يتحكم فيه أولاً الجهاز العصبى ولهذا تتصدر هذه القائمة الأدوية التى تؤثر على هذا الجهاز، تليها أدوية القلب والأوعية الدموية ثم أدوية الجهاز الهضمي والجهاز البولي.
أدوية الجهاز العصبي:
معظم الأدوية التي تعمل على الجهاز العصبي المركزي تؤدي إلى انخفاض الرغبة الجنسية، والضعف الجنسي وتحدث مشاكل في القذف. أما عن كيفية التأثير السلبي لهذه الأدوية على العملية الجنسية، فهي تؤثر عليها عن طريق التهدئة أو عن طريق كبحها للأستيل كولين وهو موصل عصبي مهم في توصيل الرسالة الجنسية وغيرها من رسائل الجسم المختلفة، أو عن طريق تأثير هذه الأدوية على الدوبامين والأدرينالين وهما أيضاً من المحفزات لهذه العملية، كما توجد بعض الأدوية التي تعوق الأداء الجنسي عن طريق رفع هورمون الحليب "البرولاكتين" وهو الهرمون المسؤول أساساً عن إدرار اللبن أثناء الرضاعة في المرأة ولكنه موجود عند الرجل أيضاً ولكن بنسبة قليلة عندما تزيد عن الحد تؤدي إلى الضعف الجنسي كما اوضحناه في مقالة سابقة من هذه العيادة يمكن الرجوع اليها لمزيد من الايضاح، ومن الأمثلة المشهورة لهذه الأدوية مايطلق عليه المهدئات الأساسية أو العظمي مثل مجموعة الفينوثيازين ومجموعة المهدئات الصغرى مثل مجموعة الديازيبام، وأيضاً معظم الأقراص المنومة وأهمها طائفة الباربيتورات.
أما مضادات الاكتئاب فهي متهم رئيسي في قضية الضعف الجنسي خاصة مايسمى بمضادات "المونوامين اوكسيديز"، وحتى "البروزاك " الدواء السحري الذي أثار ضجة هائلة حين اكتشافه ومنح مرضى الاكتئاب طوق النجاة اتضح أنه هو الآخر من الممكن أن يتسبب في الضعف الجنسي لدرجة أن بعض الأطباء ينصحون بتناول منشط جنسي معه حتى لاتزيد درجة الاكتئاب بسبب حصول ضعف جنسي متزامناً مع اخذ الدواء. أما دواء الاكتئاب الذى يسبب عرضاً جانبياً لكن من الجهة الاخرى فهو "الترازودون" والذي يصحبه في بعض الأحيان مايطلق عليه بالقساح PRIAPISM)) وهو انتصاب مؤلم لمدة بين 4 الى 6 ساعات أحياناً قد يتطلب التدخل الجراحي للتحكم في الانتصاب المستمر غير المرغوب وتفريغ الدم المحتقن في العضو الذكري.
أدوية القلب والأوعية الدموية:
القلب هو مركز الحب في قوافي الشعراء الا أن أدويته أحياناً قد تكون مركز الضعف في رأي الأطباء، فبعض أدوية القلب بأنواعها المختلفة من الممكن أن تتحول الى عامل ضعف في الفحولة. النوع الأول من هذه الأدوية وأشهرها على الإطلاق هى أدوية الضغط، وهذه الأدوية تقسمها الكتب الطبية إلى ثمانية أقسام، منها ثلاثة أقسام فقط لاتسبب الضعف الجنسى، والقسم البرئ الأول هو الأدوية التي تعمل مباشرة على توسيع الأوعية الدموية مثل "المينوكسيديل "، والقسم الثاني الأدوية التي تعمل على تثبيط مايطلق عليه "إنزيمات تحويل الأنجيوتنسين"، أما القسم الثالث فمختلف عليه طبياً وهي مجموعة الأدوية التي تخفض ضغط الدم عن طريق التدخل في مسار الكالسيوم، أما ماعدا ذلك من أدوية الضغط فمعظمها قد يؤدي الى الضعف الجنسي.
هنا يجب التذكير ان مريض الضغط عامة من الممكن أن يكون لديه تغيرات مرضية في أوعيته الدموية بما فيها تلك الموجودة في العضو الذكري وقد تكون هي المتسببة في الضعف الجنسي حتى وإن لم يستعمل دواء، وهذه التغيرات أهمها تصلب الشرايين الذي يعوق تدفق الدم في العضو والذي يعتبر من اهم المتطلبات الاساسية لحدوث عملية الانتصاب، الا ان هذا الخلل (ضعف تدفق الدم) من الممكن أن تتسبب فيه بعض أدوية الضغط أيضاً.
ولمزيد من الإيضاح فإن أول أدوية الضغط المتهمة واشهرها هي مدرات البول واهمها الثيازايد لكنها لاتسبب الضعف الجنسي عن طريق إعاقة الدورة الدموية، ولكنها تتسبب فى نسبة من الضعف الجنسي بين متناوليها تتراوح من 9% إلى 31% عن طريق تخفيض الهورمون الذكري (التيستوستيرون) الذي يؤدي بدوره إلى إنخفاض الرغبة الجنسية، أما طائفة أدوية الضغط التي تسمى "مثبطات البيتا " وأهمها "البروبرانولول" فهي تتسب في الضعف الجنسي وانخفاض الرغبة عن طريق عملها على الشرايين وعلى المخ أيضاً. مثال آخر هو دواء السبيرونولاكتونو الذي يُمكن أن يُسبب ضعفاً جنسياً بالإضافة إلى نقص في الشهية الجنسية وتثدي الرجل.
أما آخر مجموعة في أدوية الضغط المتهمة فهي المجموعة التي تعمل على الجهاز العصبي الودي مثل "الألدوميت- ميثيل دوبا" والذي يتسبب أحياناً في الخمول وزيادة هرمون الحليب وهي عوامل كثيراً ما تتسبب في الضعف الجنسي.
من ناحية أخرى، عادة ما يوصف لمريض القلب أدوية مضادة للدهون مثل "الستاتين" و"الفايبريت"، والتي من الممكن أن تتداخل مع بعض الهرمونات المسؤولة عن الرغبة الجنسية وتخل بوظيفتها وبالتالي تسبب الضعف الجنسي.
كما يتشابه "الديجوكسين" أشهر أدوية القلب مع الأدوية السابقة في تخفيضه للهرمون الذكري "التستوستيرون" وزيادة الهرمون الأنثوي "الإستروجين"، ولكنه يزيد عنها في أنه يزيد من نسبة الكالسيوم في خلايا عضلات العضو الذكري مما يسبب إنقباضاً في هذه العضلات يعوق إندفاع الدم داخله وهو ماذكرنا تأثيره السلبي من قبل.
أدوية الجهاز الهضمي:
قيل قديماً أن الطريق إلى قلب الرجل هو معدته، وحاليا يمكن القول ايضا أن الطريق إلى عجز الرجل أحياناً يكون في أدوية معدته، فأدوية علاج القرحة مثل "السيميتدين" و"الرانيتدين" أحياناً يصحبها بعض الهبوط الجنسي وزيادة حجم الثدي عند الرجال، و"السيميتدين" يخفض الوظائف الجنسية عن طريق زيادة هرمون الحليب الذي ذكرناه من قبل وأيضاً عن طريق زيادة إنقباض العضلات المبطنة للنسيج الإسفنجي للعضو الذكري.
أدوية الجهاز البولي والغدد:
بعض الهرمونات الدوائية التي تستخدم في علاج تضخم البروستات الحميد او السرطاني يمكن ان تؤدي إلى الضعف الجنسي ومثالها مثبطات اختزال الفا 5 مثل الفيناستيرايد، كذلك فان بعض ادوية توسيع مجرى البول مثل مثبطات الفا تسبب في قلة او انعدام خروج السائل المنوي.
ومثل الهرمونات تلعب مضادات الهرمونات دوراً في الضعف الجنسي الدوائي مثل الأدوية المضادة للهرومون الذكري "التستوستيرون" والتي نجدها أحياناً في بعض أدوية الفطريات مثل "النيزورال".
كما تجدر الاشارة الى ان معظم العلاجات الكيماوية لمرضى الاورام تقود الى ضعف جنسي خلال وبعد استعمالها، ومثله علاجات الحساسية مثل مضادات الهيستامين.
ختاماً وكما ان معرفة الداء واختيار الدواء من اهم ركائز نجاح المعالجة، الا ان اختيار بعض العلاجات خصوصاً تلك التي تعطى بصفة دائمة للمريض يجب تتم بحرص شديد وتنويه للمريض حتى لايفاجا ان ماأفاده من جهة اجهز عليه من جهة اخرى. كما أناستبدال الأدوية التي تسببضعف القدرة الجنسية، أو تغيير جرعة الدواء، تحت الإشراف الطبي المباشر قد يعيد الوظيفة الجنسية المفقودة الى حالها الطبيعي.